كشفت صحيفة "حرييت" التركية، السبت، أن أنقرة قدمت مقترحين للولايات المتحدة بشأن كيفية تنفيذ عملية عسكرية مشتركة لطرد تنظيم الدولة من معقله في مدينة
الرقة السورية.
وقالت
تركيا مرارا إن العملية المزمعة يجب أن تشارك فيها قوات عربية محلية بدعم محتمل من قوات تركية، بدلا من الاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية (أغلبها من
الأكراد)، التي تدعمها الولايات المتحدة التي تشكل تحالفا تهيمن عليه وحدات حماية الشعب الكردية السورية.
ونقلت صحيفة "حرييت" عن مصدرين أمنيين، إن اجتماعا عقد الجمعة في قاعدة "إنجرليك" الجوية التركية، بين قائد الجيش التركي خلوصي آكار ونظيره الأمريكي جوزيف دانفورد، تناولا فيه خارطتي طريق عملية الرقة.
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي اطلعت عليه "
عربي21" أن أنقرة تفضل خطة عمل تدخل بمقتضاها قوات تركية وأمريكية خاصة مدعومة من كوماندوس ومقاتلين من المعارضة السورية تساندهم تركيا الأراضي السورية عبر مدينة تل أبيض الحدودية التي تخضع في الوقت الراهن لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.
ووفقا لتلك الخطة، ستقطع تلك القوات عمليا الأراضي التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب قبل التوجه نحو الرقة التي تقع على مسافة نحو 100 كيلومتر إلى الجنوب.
وقالت الصحيفة إن تنفيذ مثل تلك الخطة سيتطلب من الولايات المتحدة إقناع المسلحين الأكراد بإفساح شريط بعرض 20 كيلومترا للقوات المدعومة من تركيا عبر الأراضي التي يسيطرون عليها، للتقدم جنوبا.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على مساحات من الأراضي بمحاذاة الحدود السورية التركية.
اقرأ أيضا: جماعات كردية سورية تتعهد بمواجهة أي تقدم تركي نحو الرقة
وتسبب دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية التي شنت حملة لتطويق الرقة في تشرين الثاني/ نوفمبر في توتر مع تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي. وتعدّ أنقرة المسلحين الأكراد في سوريا امتدادا للمقاتلين الأكراد على أراضيها.
ووفقا للصحيفة، فإن الخطة البديلة والأقل ترجيحا التي طرحها آكار على دانفورد للتقدم نحو الرقة هي عبر مدينة الباب السورية التي تقاتل قوات مدعومة من تركيا للسيطرة عليها منذ شهرين.
لكن الصحيفة أشارت إلى أن الرحلة الطويلة التي تقطع 180 كيلومترا والطبيعة الجبلية تجعلان هذا الاحتمال أقل ترجيحا.
من جهته، رأى الخبير العسكري، الدكتور فايز الدويري، أن أمريكا إذا تأكدت أن الأكراد غير قادرين على حسم المعركة وحدهم، فربما تلجأ فعلا إلى الخطة التركية.
ولكنه قال: "نحن لا نتحدث عن البعد العسكري بما يتعلق بمعركة الرقة بقدر ما نتحدث عن توافقات سياسية، والسؤال هو هل أمريكا ستختار تركيا أم ستبقي على الأكراد؟".
وبحسب الدوريري، فإن الإشارات القادمة من أمريكا حتى هذه اللحظة، فيها شيء من التناقض، فقبل أكثر من أسبوع زودت قوات سوريا الديموقراطية بمعدات قتال، في حين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقول إن تركيا شريك، على الرغم من أن الأخيرة تشترط استبعاد قوات الأكراد في عملية السيطرة على الرقة.
وقرأ المحلل العسكري في حديثه لـ"
عربي21" أن الأكراد بقواتهم الحالية غير قادرين على حسم معركة الرقة، مشيرا إلى أن هذه الأمر قد يدفع بالولايات المتحدة إلى أت توجد نقطة توافق بين قوات سوريا لديموقراطية والقوات التركية درع الفرات.
ووفقا للدويري، فإنه يمكن توزيع الأدوار بين الأكراد وقوات درع الفرات في معركة الموصل، بحيث تكون القوات الكردية مسؤولة عن العزل الخارجي، وقوات درع الفرات تنفذ العمليات داخل الرقة، معتبرا أن هذه السيناريو محتمل الحدوث، وهو أقرب أقرب الاحتمالات كحل وسط.
وبالنسبة للدور الأمريكي في معركة الرقة، قال العميد المتقاعد إن الولايات المتحدة إما أن تضحي وتقدم جنودا أمريكيين للمشاركة في المعركة، وهذا مستبعد، أو أن تكتفي بتقديم مستشارين وخبراء للمساعدة في إدارة المعركة.
ولكنه استبعد تماما أن ترسل أمريكا وحدات مقاتلة، باستثناء ربما قوات مارينز أو القوات الخاصة "القباعات الخضراء".
واعتبر أن طبيعة المشاركة الأمريكية هذه ستدفع بواشنطن خلال الفترة القادمة إلى أن ستسعى جاهدة لإيجاد نوع من التوافق بين المطالب التركية والكردية، بحيث تقسم الأدوار بينهما.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت إدارة ترامب الجديدة ستستمر بتزويد وحدات حماية الشعب بالأسلحة، على الرغم من الاعتراضات التركية.
اقرأ أيضا: ميدل إيست آي: واشنطن تصر على دعم أكراد سوريا
وتقول أمريكا إن الأسلحة التي تزود بها قوات سوريا الديمقراطية تقتصر حتى الآن على العناصر العربية فيها، لكن أنقرة تقول إن الأسلحة تذهب لمسلحين أكراد، وتطالب بوقف ذلك.
وتخوض القوات الكردية حاليا عملية متعددة المراحل لتطويق الرقة، مدعومة بضربات جوية وقوات برية خاصة من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقالت صحيفة "حرييت" أيضا، إن أنقرة تراهن على تأمين قوات سورية عربية قوامها ما بين 9 و10 آلاف جندي لعملية الرقة، يشكل أغلبها مقاتلون يتلقون التدريب حاليا في معسكرين داخل تركيا.