سياسة عربية

هكذا أسقط كتبة السيسي فزاعة سوريا وطالبوه بجزرة للغلابة

 الحكومة تدرك تماما أن استمرار التشوه الكبير في سعر الصرف يعني بوضوح انفلات الأسعار - أرشيفية
الحكومة تدرك تماما أن استمرار التشوه الكبير في سعر الصرف يعني بوضوح انفلات الأسعار - أرشيفية
أبدى عدد من الكتاب الموالين لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، تعاطفهم الشديد مع "الغلابة" في مواجهة القرارات الحكومية الأخيرة، بتعويم الجنيه، وخفض دعم الوقود، ورفع سعر عدد من السلع والمنتجات، مؤكدين أنه لا ينبغي التذرع مرة أخرى بفزَّاعة سوريا والعراق، ومطالبين "بالجزرة" للمصريين، بعد تلك الصدمات المتعمدة لهم، سواء بالدعم النقدي، أو بزيادة الأجور، أو بحزمة اجتماعية. وحسبما قال أحدهم: "مش معقول كله ضرب ضرب".

فزَّاعة سوريا والعراق 

تحت هذا العنوان، كتب عبد الناصر سلامة، بجريدة "المصري اليوم"، الاثنين، معلقا على امتعاض أعضاء البرلمان من تلويح رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، خلال حديثه إليهم "في مقر دارهم، بالنموذج السوري العراقي، في الوقت الذي كان البعض فيه يسعى إلى سحب الثقة من الحكومة، على غير رغبة النظام الرسمي"، وفق قوله.

وقال سلامة إن فزاعة سوريا والعراق كان يمكن التلويح أو التهديد بها، قبل ستة أعوام مضت، أما وقد مرت كل هذه السنوات على الانفلات الأمني، الذي استمر عدة أسابيع ليس أكثر، في الوقت الذي لم يفكر فيه مواطن أبدا في أي مواجهة من أي نوع مع قوات بلاده المسلحة، فنحن إذن أمام فزاعة في غير محلها، وهو ما يجعلنا طوال الوقت نُحمِّل الحكومات المتعاقبة مسؤولية تلك الأوضاع المُزرية التي يعاني منها الشعب، حسبما قال.

وأضاف أنه لا يوجد أي وجه للشبه بين الأوضاع في بلادنا، وأقطار الأشقاء، قائلا إنه لم يحدث في أي من دول المنطقة، خاصة الدولتين المشار إليهما، أن حصلت أيهما على هذا الحجم من المنح والمساعدات والقروض، التي حصلت عليها الدولة المصرية، خلال السنوات الماضية، إذ يدور الحديث الآن حول ما يزيد على 50 مليار دولار من المساعدات، بخلاف ما يزيد على 30 مليارا من القروض، بخلاف ما يزيد على 30 مليارا سحبا من الاحتياطي الاستراتيجي، بما يصل في نهاية الأمر إلى نحو 110 مليارات دولار، وفق تقديره.

ومشيرا إلى أن هذه الفزاعة، في غير محلها تماما، أكد سلامة "أننا أمام شعب كان نموذجا طوال الوقت في الإيثار، وتقديم النموذج في حب الوطن".

وأردف: "كنت آمل أن تكون لدى رئيس الوزراء الشجاعة الأدبية، كي يقف أمام البرلمان، معترفا بإخفاق حكومته، وبأنه لم يكن أبدا على مستوى رئاسة حكومة دولة بحجم مصر، وبأن هذه الحكومة كانت مجرد واجهة، وأن هناك آخرين هم الذين يوجهون بإصدار القرارات، وأن هناك مؤسسة بعينها هي التي تسيطر وتدير، وأن يعلن في نهاية الأمر استقالة حكومته، دون ضغوط من البرلمان، الذي بدا واضحا أنه لن يضغط أصلا إلا على الشعب لحساب الحكومة للأسف"، حسبما قال.
 
في انتظار جزرة

في الصحيفة نفسها، "المصري اليوم"، تساءل محمد أمين: "هل تدفع حكومة شريف إسماعيل ثمن القرارات الاقتصادية الصعبة؟ وهل يعود إلى بيته ويلبس البيجامة.. أم أن الأمر يتوقف على ما تسفر عنه الأيام القادمة بعد 11/11؟".

وأشار إلى أن شريف إسماعيل جاء، وهو يعرف مهمته، وينتظر اللحظة المناسبة لأداء المهمة فعلا.

وأردف: "أتصور أن الرئيس (يقصد السيسي) سوف يخرج للشعب خلال ساعات.. وقد يحمل بشرى جديدة، وقد يقدم حزمة اجتماعية للبسطاء.. وقد يُفرج عن مئات الشباب المحبوس احتياطيا"، مستطردا: "الناس تنتظر جزرة يا ريس.. مش معقول كله ضرب ضرب"، بحسب قوله.

لماذا فعلتها يا "سيسي" في هذا التوقيت؟

وطرح مصطفي بكري، التساؤل السابق، في مقاله بصحيفة "الوطن"، مذكرا السيسي بأنه قال منذ البداية إنه يدرك معنى الألم، والجوع، وحديثه عن "هياكل الفراخ"، والدموع التي  ذرفها، وكلامه عن الفقراء، وحقهم في العيش الكريم، و"مصر أم الدنيا اللي حتبقى "أد" الدنيا".

ومشيرا إلى أن حزمة القرارات الأخيرة أوجعت الفقراء، وألحقت الطبقة المتوسطة بهم، وزادت الآلام في الشارع، وعممت السخط، شدد بكري على أن "حرص المصريين على بلدهم، يجب أن يقابل بإجراءات تخفف من عبء الأزمة في زيادة الحد الأدنى للأجور، وزيادة حد الإعفاء الضريبي للموظفين، وزيادتها للأغنياء، والاهتمام بالصحة والتعليم وشبكات الأمان الاجتماعي والبطالة".

الدعم النقدي الآن وإلا الطوفان

وغير بعيد عن تلك المقترحات، التي تمثل "جزرة السيسي" المطلوبة، قال عماد الدين أديب، في مقاله بالعنوان السابق، في صحيفة "الوطن"، إنه بجانب هذه الإجراءات المهمة والتاريخية التي لا بديل عنها، حسب روشتة صندوق النقد الدولي، فإن هناك إجراءات يجب أن تصدر في أسرع وقت للتوازن المالي والتسكين الاجتماعي لآثار هذه القرارات، ولجسر الفارق بين قدرة الجماهير على استيعاب، واحتمال هذه القرارات، وبين نفاد صبرها، وغضبها الشديد.

وأشار أديب إلى أن هذه القرارات هي البدء بأسرع توقيت في تنفيذ استبدال الدعم للسلع والخدمات إلى دعم نقدي يوازن الاختلال الحادث في الأجور والأسعار، علاوة على زيادة قيمة الدعم السلعي للعائلات المعدمة التي تعيش تحت خط الفقر من 18 جنيها للفرد إلى أعلى نسبة تستطيع الدولة أن توفرها لهؤلاء.

وشدد أديب أيضا على أهمية تنقية بطاقات التموين الذكية التي يتم العمل عليها الآن في وزارة الإنتاج الحربي، والتخلص من عشرة ملايين بطاقة قيل إنها مزدوجة أو مزورة، وضرورة تهيئة الجماهير بأن الدعم النقدي أفضل للطبقات التي تكافح كي تعيش على الحد الأدنى.

كما دعا إلى توسيع شبكة مشروع "كفالة وكرامة"، الذي ترعاه وزارة التضامن الاجتماعي، وكذلك الإسراع في طرح موضوع توفير قرض صندوق النقد الدولي لمصر البالغ 512 مليار دولار على 3 سنوات، والحصول على أول دفعة منه، البالغة 52 مليار دولار في أسرع وقت، مضيفا أن مجلس إدارة الصندوق أو سلطته التنفيذية يجتمع 3 مرات كل أسبوع.

سلع ترتفع كل ساعتين

أفكار أخرى، في هذا السياق نفسه، لمساعدة المصريين على تجاوز آثار "القرارات المؤلمة"، قدمها عماد الدين حسين، في مقاله، بالعنوان السابق، بجريدة "الشروق"، التي يرأس تحريرها، إذ أبدى اندهاشه من أن السلع يمكن أن ترتفع كل سنتين، وليس كل ساعتين، كما يحدث الآن في مصر، ضاربا مثالا لذلك بالذرة الرفيعة (علف الحيوان)، والفول الصويا؛ محملا الحكومة السبب في ارتفاع الأسعار، لأنها عجزت عن إيجاد سياسة اقتصادية ونقدية مبدعة، وفق وصفه. 

ومتسائلا: "ما هو المطلوب من الحكومة؟، أجاب: "طبقا لخبراء اقتصاد ورجال أعمال تحدثت معهم، فإن المطلوب هو تحسين مناخ الاستثمار بسرعة، وأن تصل إلى الناس قناعة بأن الحكومة جادة في الإصلاح، وأنها سوف تتقشف هي قبل أن تطالب الناس بالتقشف".

وحذر حسين من أنه "ما لم يتوفر الدولار، وظل سعره "في العلالي"، كل ساعة، فإن السكر سيظل مختفيا، وكذلك غالبية السلع، حتى يتم حل المشكلة الجوهرية. وبالتالي فلا ينفع الإكثار من الحديث عن المؤامرة، والطابور الخامس"، وفق قوله.

واختتم مقاله قائلا: "يفترض أن الحكومة تدرك تماما أن استمرار التشوه الكبير في سعر الصرف يعني بوضوح انفلات الأسعار.. وبالأمس كانت الأزمة في أسعار السيارات واليوم في السكر، وغدا ربما في الدقيق.. كل الأسعار ارتفعت تقريبا سواء كانت سلعا رئيسية أو ترفيهية أو "بين بين"، والأخطر أن التخفيض الرسمي لقيمة الجنيه، وتخفيف دعم الطاقة، سوف يقود ربما لارتفاعات أخرى.. فماذا سنفعل وقتها؟.

وشدد على أن "المطلوب إعادة النظر في سياسات كثيرة، وأشخاص أكثر".

عندما يصبح الدولار بـ 20 جنيها

وتحت هذا العنوان، دافع صلاح منتصر، بجريدة "الأهرام"، عن القرارات الاقتصادية الأخيرة، قائلا إنه "نتيجة للنظام الجديد من الممكن أن يصبح سعر الدولار اليوم ـ في البنوك ـ 14 جنيها وغدا 15، وبعد أسبوع 20 جنيها. والمهم ـ أمام السعر المرتفع ـ ألا يتشنج السوق والبنك المركزي بالذات، لأن حكم العرض والطلب سيدفع حتما إلى خروج الدولارات المختبئة للاستفادة من السعر العالي، وبيعها؛ فيعود السعر إلى الانخفاض والتوازن"، بحسب تقديره.

واستدرك منتصر: "لكن ما يمكن أن نسميه مفاجأة هو أن الكثيرين انتظروا تأجيل هذه القرارات إلى ما بعد "جمعة الجوع 11/11"، التي تهدد بها قوى الشر، وتتصور أنها توجه حركة المواطنين ، فجاءت القرارات الجديدة في هذا التوقيت لتؤكد ثقة الحكومة في الشعب، وقدرته على تحمل آلام معركة الإصلاح التي لا بديل عنها"، حسبما زعم.

الصدمة.. والصدام 

وأخيرا، رأى محمود خليل، في مقاله بالعنوان السابق، في جريدة "الوطن"، أن السلطة اعتمدت على نظام الصدمة في إصدار منظومة القرارات التي تراها - وصندوق النقد الدولي - كفيلة بتصحيح المسار المعوج للاقتصاد، وهى قرارات تعمل تحت يافطة "سيب المواطن منه لنفسه"، بمعنى أن الدولة تخلع يدها بصورة كاملة منه، وتكتفي فقط بتقديم بعض المساعدات له، من نوع مظلة تكافل وكرامة، والجنيهات الثلاثة الزيادة على مخصصات التموين، وكراتين القوات المسلحة التي تُباع بنصف الثمن، بالإضافة إلى تحفيز الجمعيات الخيرية وأهل الخير لمعونته. 

ورأى خليل أن "المواطن المصري يعيش في هذه اللحظات مأزقا تاريخيا، وأن إجابته سوف تُحدّد مسارات الأحداث داخل هذا البلد خلال الفترة المقبلة، بمعزل كامل عن الحكومة، لأنه ببساطة لم يعد يراها، بعد أن تحولت إلى يد كبيرة لا تعرف طريقا لحل مشكلاتها سوى جيبه".

واختتم مقاله بالقول: "المواطن أصبح متروكا لنفسه، وقد أصبح وحده صاحب القرار الفاصل في تحديد المقبل، والاختيار بين طريق استيعاب الصدمة، أو طريق الصدام"، وفق تعبيره.
التعليقات (1)
مُواكب
الإثنين، 07-11-2016 10:53 م
فزّاعة سورية والعراق قائمة، وخطر وقوع مُأساة في مصر شبيهة بالمأساة في سورية أو العراق، هو خطر واقعي وتعيشه مصر منذ وصول السيسي للسلطة. فالدماء الذكية سالت وتسيل والسجون تغص بالأبرياء إلى حد أن النظام يبني سجون جديدة. إضافة إلى هذا كله، الأزمة الاقتصادية الخانقة. ثم إنَّ عسكر مصر الذين يقودهم السيسي وجنرالاته اللصوص يقفون اليوم في مُواجهة المدنيين العزَّل من السلاح، وبعد مجازر رابعة العدوية والنهضة وغيرها، أصبح الجيش المصري كالجيش السوري أداة للطاغية. مصر السيسي هي على قافية سورية الأسد، رُكنان الضاد في الخير وفي الشر الذي يمكُره هؤلاء الطغاة لهما.