تراجع رجل أعمال
تونسي عن تصريح تلفزيوني زعم فيه أنه نجح في شراء ذمم الصحفيين وتجنيدهم لخدمة مصالحه والترويج لأجنداته، معتذرا لهم ومعبرا عن أسفه للإساءة التي لحقتهم.
وكان رجل الأعمال المثير للجدل
شفيق جراية، أكد خلال حضوره في برنامج "لمن يجرؤ فقط"، مساء الأحد، أنّه استطاع بفضل أمواله أن يخترق قطاع الإعلام من خلال شراء ذمم الإعلاميين باستثناء واحد فقط، قبل أن تفتح النيابة العمومية، الثلاثاء، رسميا بحثا تحقيقيا بخصوص تصريحاته.
وقال جراية في بيان وجهه، مساء الثلاثاء، إلى الرأي العام وإلى عموم الصحفيين والعاملين بالقطاع الإعلامي أن ما ورد في برنامج "لمن يجرؤ فقط" كان ''مجرد مزحة لمشاكسة الصحفي نوفل الورتاني ولم يرد على لساني أي نوع من الإساءة المباشرة أو غير المباشرة للصحفيين"، وفق تعبيره.
اعتذار
وأضاف جراية أنه "تم إخراج هذه المزحة من سياقها واستعمالها من طرف نشطاء وجهات لها أهداف سياسية بغرض الإساءة له وشن حملة لتشويهه"، مؤكدا على "احترامي لعموم الصحفيين المهنيين والموضوعيين في تونس معبرا عن أسفي في صورة ما شعر هؤلاء بنوع من الإساءة ومؤكدا اعتذاري لهم''، بحسب نص البيان.
وقال الكاتب العام للجمعية التونسية لمكافحة الفساد المحامي عمر السعداوي إن مآل القضية عموما يتوقف على كيفية تعامل هياكل الصحافة في تونس معها (القضية)، رغم تراجع رجل الأعمال جراية واعتذاره للصحفيين.
وأوضح في تصريح لـ"
عربي21" أنّ ما صرح به جراية خطير جدا ولا يأخذ مسارا قضائيا صحيحا إلّا بتقديم نقابة الصحفيين التونسيين رسميا، كمتضررة، قضية ضد الأخير، على اعتبار أن الأمر يدخل تحت طائلة جرائم الثلب والتشهير والإساءة للأشخاص والمس من سمعتهم، بما يوجب عقوبة جزائية.
وأشار إلى أن القضية ستصبح حينئذ في سياق القيام بالحق الشخصي، مهما كانت مبررات جراية.
الإدانة والتغريم
من جانبها، قالت المحامية ليلى حداد، في تصريح لـ"
عربي21"، إن النيابة العمومية ستطالب في استنطاقها لجراية بقائمة الصحفيين الذين زعم أنّه في شراء ذممهم، وإذا ما تراجع أمامها وذكر بأنه يمزح فالعقوبة عادة ما تكون الإدانة والتغريم بالدينار الرمزي.
وأشارت إلى أن جريمة الرشوة يعاقب عليها القانون مهما كانت الدوافع والمبررات، لافتة إلى أنّ المشرع التونسي تولى توسيع نطاق الفعل الإجرامي فيها ليشمل المنافع مهما كانت طبيعتها نقدية أو عينية وتشمل الراشي أو المرتشي أو الوسيط.
وأضافت بقولها إن عقوبة الرشوة والارتشاء وردت بالمادة 91 من القانون الجزائي التونسي الذي أوجب عقوبة بالسجن تصل مدتها إلى خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسة آلاف دينار، وتنسحب العقوبة على كل شخص توسط بين الراشي والمرتشي.
اختراق أجهزة الدولة
وأثارت تصريحات رجل الأعمال جراية، ردود فعل مستنكرة في أوساط الإعلاميين، حيث دعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في بيان شديد اللهجة أصدرته، الاثنين، وزارة العدل ووكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس إلى تتبع جرّاية وإثبات استقلاليتهما.
وذكرت في البيان نفسه بأنها "تقدمت بشكاية لوزير العدل السابق بتاريخ 8 تموز/ يوليو 2015 ضد المدعو شفيق جراية لاقترافه مجموعة من الجرائم أخطرها التحريض على قتل الصحافيين والفساد المالي، وقد بقيت هذه الشكاية دون متابعة إلى حدّ اللحظة".
وكان جراية قال، مساء الأحد، إنه "من مناصري حزب نداء تونس ومموليه"، مضيفا أنه "تحول بفضل ذكائه من بائع خضراوات متجول في صفاقس (270 كلم جنوب العاصمة) إلى رجل أعمال يدير مشاريع في 4 قارات بمئات المليارات".
ويتهم سياسيون ووسائل إعلام جراية بـ"اختراق عدد من أجهزة الدولة كالقضاء والأمن والبرلمان، ووسائل إعلام محلية"، لكنه رد عليها بأنها "ترهات".