تحدثت صحيفة "إسبانيول" الإسبانية عن تزايد نسبة
الفقر في
مصر وتقلص الطبقة الوسطى تبعا لذلك، فيما يشير محللون إلى أن غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الأساسية؛ تعدّ من الأسباب الرئيسة التي تقف وراء ذلك.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
التضخم الاقتصادي الذي تعاني منه مصر تسبب في تدهور مستوى المعيشة، وأثر بالدرجة الأولى على الطبقة الوسطى فيها. كما أن العائلات ميسورة الحال أيضا أصبحت مهددة بالفقر.
ونقلت الصحيفة عن رجاء، المواطنة المصرية التي تبلغ من العمر 37 سنة، أنها أصبحت تجمع فواتير، ولاحظت في النهاية أن المدخول الشهري نفسه أصبح يسمح بشراء مستلزمات أقل. ولذلك، أصبح من المستحيل الإدخار في ظل هذه الأزمة.
وتخصص رجاء كامل راتبها لدفع القسط الشهري للقرض السكني، وهي تخشى عدم القدرة على الاستمرار في دفع هذه الأقساط وبالتالي خسارة منزلها. وعلى الرغم من أن زوجها يتقاضى راتبا جيدا، ويؤجران شقة توفر لهما مدخولا شهريا إضافيا، إلا أن هذه المداخيل ليست كافية لتسديد كامل مصاريفهم.
ورغم أن الزوج يمتلك بيتا وسيارة، إلا أنه بالكاد يتمكن من توفير بعض المال للترفيه أو تناول الطعام خارج البيت. كما أن هذا الزوج هو أحد ملايين المصريين الذين يعترفون أن مستوى معيشتهم يتدهور يوما بعد يوم.
كما تحدثت الصحيفة عن سارة، الأستاذة الجامعية التي على الرغم من أنها تتقاضى مرتبا يبلغ 1400 جنيه في الشهر، ويتقاضى زوجها حوالي 500 جنيه، إلا أنها اقترضت من صديقتها حوالي ألف جنيه في الشهر الماضي لتتمكن من تسديد قسط القرض السكني. وعلى الرغم من أن هذه العائلة مصنفة ضمن العائلات الغنية، إلا أنها بالكاد تتمكن من توفير الحاجيات الضرورية للبيت.
وقالت الصحيفة إنه حسب إحصائيات رسمية أجراها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن معدلات الفقر ارتفعت من 26.3 في المئة في سنتي 2012 و2013، إلى 27.8 في المئة في سنتي 2014 و2015. كما ارتفع حد الفقر من 326 جنيها في سنتي 2012 و2013، إلى 482 جنيه في الإحصاء الذي أجري سنة 2015.
ولفتت الصحفية إلى أنه في الوقت الذي بلغ فيه معدل التضخم في حزيران/ يونيو الماضي حوالي 14.6 في المئة، يستمر الجنيه المصري في الانخفاض أمام الدولار. وعلاوة على ذلك، فإن احتياطات النقد الأجنبي في تراجع متواصل. كما أنه خلال محاولة البنك المركزي الحد من العديد من العمليات غير المشروعة في السوق السوداء، قامت الدولة بتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 14 في المئة، إلا أن هذه العملية زادت الوضع سوءا.
وبيّنت الصحيفة أنه من المتوقع اتخاذ إجراءات لإلغاء دعم الوقود والمواد الأساسية، تدريجيا. ومن أجل ذلك، قادت الحكومة حملة إعلامية لتهدئة السخط الشعبي تجاه سياسة التقشف، حيث علقت على الطريق المؤدية إلى القاهرة شعارات مثل "الخوف والشك يطيل الطريق".
وأشارت الصحيفة إلى أن الغضب احتد في الفترة الأخيرة، وأصبح غلاء الأسعار حديث الساعة في الشوارع المصرية، إذ ارتفعت معظم الأسعار، بدءا من الكهرباء والمياه والنقل والملابس واللوازم المدرسية، وصولا إلى الأدوية.
ويرى البعض أن الحل الوحيد هو تغيير عادات الاستهلاك والتخلي عن بعض المستلزمات في بعض الأحيان، مثل عدم تناول الشوكولاتة، أو شراء سائل تنظيف معين، أو عدم شراء مواد ذات جودة عالية. وعموما، يجب الابتعاد عن جميع المستلزمات التي هي ليست في متناول الطبقة الوسطى.
وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من المصريين يشتكون من تفاقم الأوضاع وتدهور مستوى معيشتهم بعد الثورة التي أطاحت بحسني مبارك. كما أن بعض الناس يتمنون حدوث انقلاب ثان في مصر، أو القيام بأي حركة لتغيير مستقبل بلادهم الضبابي. كما أن العديد ليسوا متفائلين، وهم على ثقة بأن الوضع سيزداد سوءا.
ونقلت الصحيفة عن مصطفى، الذي يشكو من الارتفاع المفرط في أسعار المواد الأساسية، قوله: "ليست هناك علامات على تحسن الأوضاع، كما أن القرارات الاقتصادية الخاطئة هي التي تقف وراء تدهور الوضع، والأسوأ من ذلك، فالحكومة لا زالت تسير في الطريقه نفسه".
وأوردت الصحيفة أن السخط الشعبي تنامى في الفترة الأخيرة، وعلى نحو متزايد، كما أن هناك شائعات تقول إن الشعب يستعد للقيام بمظاهرات شعبية في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم. وردا على هذه الشائعات، حذر عبد الفتاح السيسي شعبه ضمنيا قائلا إن "الجيش على استعداد للوصول إلى أي جزء من البلاد في غضون ساعات قليلة".