نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا لمدير مركز "إدام" في اسطنبول، والباحث الزائر لمعهد كارنيغي في بروكسل، المحلل التركي سنان أولغين، يتحدث فيه عن أهمية حصول
تركيا على تطمينات لعلاقتها مع الغرب، واستمرار الصداقة معه.
ويقول الكاتب في بداية مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إن "نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيزور تركيا العضو في حلف الناتو، التي تعاني من أزمة عميقة في علاقتها مع الغرب في أعقاب
الانقلاب العسكري الفاشل في تموز/ يوليو، وتؤمن الغالبية العظمى من الشعب التركي، خطأ أم صوابا، بقوة بأن واشنطن متواطئة مع المتآمرين، فلو لم تكن متورطة، كما يقول النقاش، فإن الزعيم الديني المنعزل فتح الله غولن، المتهم بتدبير الانقلاب، لم يكن يستطيع الاستمرار بالعيش بسلام، دون مضايقة من العدالة الأمريكية، في ريف بنسلفانيا، وفي الوقت ذاته يتهم
الاتحاد الأوروبي بعدم إظهار التضامن عقب المحاولة الانقلابية، التي كانت تريد الإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطيا".
ويضيف أولغين أن "مجتمع الدول الأوروبية بحاجة إلى طمأنة الأتراك بأن الصداقة مستمرة، بالإضافة إلى الالتزامات الأوروبية بشأن مستقبل تركيا داخل الاتحاد الأوروبي، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها مواجهة المشاعر المعادية لأمريكا والنفور من الغرب".
ويشير الكاتب إلى أن "العناصر المؤيدة للغرب داخل هذه الأمة بحاجة ماسة إلى هذه التطمينات؛ من أجل مواجهة أجواء التهم والحرمان، التي قد تؤثر في العلاقات التركية مع الولايات المتحدة، ومن هنا فإن مهمة واشنطن وبروكسل هي بناء الثقة".
ويجد أولغين أنه "بالنسبة لواشنطن، فإن عليها أن تبدأ عاجلا أم آجلا عمليات ترحيل غولن، كما طلبت أنقرة، ومن الواضح أن قرارا سياسيا بهذا الشأن لن يكون كافيا لتحقيق هذا، خاصة أن إدارة الرئيس باراك أوباما قالت إن طلبا كهذا يحتاج إلى أدلة موثوقة من أجل المضي في الإجراءات القانونية، ومع ذلك فإنه يمكن للإدارة التخفيف من حدة التوتر في العلاقات الثنائية، من خلال المبادرة، والبدء بعملية قانونية، ودعم موضوع الترحيل؛ كون ذلك مسألة مبدأ متعلقة بالسياسة الخارجية".
ويرى الكاتب أنه "بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن الصيغة تبدو معقدة، فيجب على بروكسل تشكيل رد دبلوماسي لإظهار التضامن مع السياسة التركية، ورغم تردد رؤساء دول الاتحاد الأوروبي بلقاء الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، إلا أن زيارة وفد يمثل البرلمان الأوروبي تظل محل ترحيب".
ويبين أولغين أنه "على المدى المتوسط، فإن صناع السياسة الأوروبيين والأتراك يحتاجون إلى تطوير خطاب جديد أكثر إيجابية لتركيا، وحان الوقت للتخلي عن التظاهر بأن الانضمام للاتحاد الأوروبي لا يزال خيارا واقعيا في المستقبل القريب، فإن هذا يقود إلى العداء لا التلاقي، فالنقد لأنقرة منذ الانقلاب، وهو مبرر على ما يبدو، بناء على اعتبارها مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لا يحمل أي وزن".
ويذهب الكاتب إلى أن "تأثير الاتحاد الأوروبي في الشؤون التركية مفيد للجانبين، وهناك حاجة إلى هدف أكثر واقعية من أجل الإبقاء على هذه العلاقة الحيوية قائمة، فقد كشف تاريخ البلد في الفترة الماضية أن تأثيرا من بروكسل قد يؤدي إلى خلق حلقة حميدة، تترك أثرها في الإصلاح والتقدم الديمقراطي".
ويرى أولغين أن هذه الحلقة قد تدعم طلب الانضمام، لكنها لا تحل محله، ويشير هنا إلى "اتفاق اللاجئين، الذي تقبل فيه تركيا عودة طالبي اللجوء، الذين تفشل طلباتهم مقابل التمويل وتأشيرات دخول للأتراك، حيث كانت عملية وقف تدفق اللاجئين، ويجب أن تكون، جزءا جوهريا، يضاف إلى هذا عملية دمج اقتصادي أكبر، وتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وتنسيق قريب في السياسات المتعلقة بالجيران، بمن فيهم سوريا والشرق الأوسط بشكل عام، قد تؤدي إلى إعادة إحياء العلاقات".
ويختم الكاتب مقاله داعيا واشنطن وبروكسل إلى التحرك الآن؛ للحفاظ على الديمقراطية الليبرالية في تركيا، وتقوية توجه تركيا الغربي، مشيرا إلى أن عدم اكتراثهما في مواجهة خطر وجودي تم احتواؤه بالكاد عبر الديمقراطية التركية يعطي أثرا عكسيا.