صحافة دولية

كاتب أمريكي: ترامب يواصل احتقار الشرق الأوسط وشعوبه

واشنطن بوست: خطاب ترامب أظهر استخفافه الدائم بحياة الناس وأحلامهم- أرشيفية
واشنطن بوست: خطاب ترامب أظهر استخفافه الدائم بحياة الناس وأحلامهم- أرشيفية
علق الكاتب إيشان ثارور في مقال له نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، على تصريحات المرشح الجمهوري دونالد ترامب الأخيرة، في خطاب له عن الأمن القومي في أوهايو، التي دعا فيها إلى فحص المسلمين وتعريضهم لاختبارات مشددة. 

ويقول الكاتب إن "ترامب قدم حملته الانتخابية على أنها صورة للقوة والشدة، وحاول استعراض رؤيته للشرق الأوسط، الذي يعاني من مشكلات ويهدد أمريكا، وحاول مرة أخرى استثارة اهتمام المتابعين لخطابه، من خلال الحديث عن تهديد (الإسلام الراديكالي)". 

ويعلق ثارور قائلا: "كما كتب عدد من زملائي تقارير، فإن مؤسسة الأمن القومي في واشنطن كلها، التي تشمل أعضاء في الحزب الجمهوري، يبدو أنها تشكك في قدرة ترامب على القيادة، وكونه شخصية قابلة ومؤهلة ليكون القائد الأعلى، إلا أن هذه الشكوك لم تحل دون تقدم حملته، أو تقلل من حماسته". 

ويشير المقال، الذي ترجمته "عربي21"، إلى وعود المرشح الأخيرة، حول إجراء تدقيق مشدد للمهاجرين المسلمين المحتملين القادمين إلى أمريكا، ولم يقدم سوى عدد قليل من الحلفاء المسلمين، والدول التي يجب أن تكون في الفلك الأمريكي، وبعد ذلك قدم سياسته، حيث قال: "نهجنا الجديد، الذي يجب أن تتبعه الأطراف كلها في أمريكا، وحلفاؤنا في الخارج، وأصدقاؤنا في الشرق الأوسط: يجب وقف انتشار الإسلام الراديكالي".

ويقول الكاتب: "ليس مهما أن إدارة أوباما تحدثت بطريقة مزعجة عن مواجهة الإسلام المتطرف، وبدأت ربما بطريقة غير مقنعة بشن معركة أفكار مع الجماعات الإسلامية المتشددة، بالتعاون مع شركائنا في الشرق الأوسط، وليس مهما أن العنف الذي ارتكبته الجماعات الراديكالية الإسلامية، مثل تنظيم الدولة، أضر بشكل كبير بالمجتمعات المسلمة، التي تعيش بعيدا عن حدود أمريكا، وعوضا عن ذلك، فإن العدو الذي يحاول ترامب تسميته (الإسلام الراديكالي) هو كيان واسع وشامل، وفزاعة أيديولوجية، تبرر إدارة ظهرنا للاجئين، وإغلاق حدودنا للمهاجرين المسلمين الشرعيين، ولو مضينا مع خطاب ترامب، فإن المنطقة كلها تخضع لهذا المصطلح؛ فالإسلام الراديكالي هو أصل مشكلة جرائم الشرف في باكستان، والغش الذي يمثله تنظيم الدولة والجماعات الجهادية الأخرى في سوريا وخارجها، وهو الأجندة المحركة لإيران، الدولة التي لم يذكر ترامب الحرب بالوكالة التي تخوضها ضد الجماعات السنية المتطرفة".

ويضيف ثارور: "يتساءل الشخص عندما يتعلق الأمر بنزاعات معقدة في الشرق الأوسط عن الحلفاء المحتملين والأعداء الذين يمكن لترامب ذكرهم، هل يستطيع التفريق بين الفصائل المعارضة في سوريا؟ هل يهتم بالكفاح من أجل الحريات المدنية والحكم الرشيد في الدول العربية؟ هل يمكنه تسمية جماعة كردية واحدة؟".

ويؤكد الكاتب أن "خطاب ترامب أظهر استخفافه الدائم بحيوات الناس وأحلامهم، الذين يعيشون في هذا الجزء المظلم من العالم، الذي يقول أن لديه خطة له".

وتلفت الصحيفة إلى ما قاله ترامب في خطابه: "دعونا ننظر إلى الشرق الأوسط في بداية عام 2009، قبل إدارة أوباما كلينتون"، وأضاف: "كانت ليبيا مستقرة، وسوريا تحت السيطرة، ومصر يحكمها رئيس علماني حليف للولايات المتحدة". 

ويعلق ثارور قائلا: "بعبارات أخرى، فإن الأمور كانت جيدة قبل ثورات الربيع العربي عام 2011، والإثم الأكبر، بحسب ترامب، هو سماح البيت الأبيض للثورات الشعبية بالإطاحة بالحكام المستبدين، وليس مدهشا ترحيب ترامب وساسة آخرين من الحزب الجمهوري بالرئيس المصري المستبد عبد الفتاح السيسي، الذي جاء إلى السلطة بانقلاب عسكري عام 2013، ويقود منذ ذلك الحين عملية قمع صادمة ضد المعارضة الإسلامية وغيرها من المعارضين، وأعضاء مؤسسات العمل المدني".

ويعتقد الكاتب أن "ترامب ربما كان يعبر عن احتقاره للتصحيح السياسي، وربما اعتقد أن العرب وغيرهم في الشرق الأوسط يجب ألا يحصلوا على ديمقراطية، ويجب أن يظلوا تحت السيطرة، لكن هذا لا يتناسب مع ما ورد في خطابه من أن إدارة أوباما لا تدافع بما فيه الكفاية عن الأقليات المضطهدة في المنطقة".

ويرى ثارور أن ما قاله ترامب في هذا السياق ليس التناقض الصارخ وحده، مع أنه كرر رفضه لعملية تغيير الأنظمة في المنطقة، و"بناء الدول"، حيث أكد ترامب في سياق آخر ثلاث مرات أهمية احتفاظ الولايات المتحدة بالنفط، وقدم رؤيته بطريقة فيها نوع من "الحنين إلى الماضي".

ويجد الكاتب أن "هذا المقترح يعني ترك الجنود لحماية الأرصدة، ففي الأيام الماضية عندما كنا ننتصر في الحروب، فإن الغنائم تعود للمنتصر، وعوضا عن ذلك، فإن كل ما حصلنا عليه من العراق ومغامراتنا في الشرق الأوسط هو الموت، والدمار، والخسارة المالية الضخمة".

ويستدرك ثارور قائلا إنه في الوقت الذي عارض فيه ترامب التدخل الأمريكي، الذي أحدث الفوضى في العراق، إلا أنه لم يتردد في تقديم رؤية إمبريالية فنتازية تعود إلى القرن التاسع عشر عن الاحتلال وسرقة المصادر.

ويذهب الكاتب إلى أن "احتقار ترامب لسيادة دول الشرق الأوسط توافق مع عدم اهتمامه بمستقبل الناس الذين يعيشون فيه، حيث إن رؤية ترامب كما قدمتها (وورلد فيو) في بداية حملته الانتخابية هي نوع من (القناص الأمريكي)، مكان بائس، ومدن مغبرة، يتحرك فيها أناس أشرار، وليس أي شيء آخر".

ويخلص ثارور إلى القول: "لا يوجد حل سهل للأزمات المتداخلة والخارجة عن السيطرة في المنطقة، وهناك نقد مشروع يجب طرحه؛ لعدم تحرك البيت الأبيض، وحماقات إدارة بوش السابقة، التي شنت حربا غير ضرورية، وهناك نقاش يجب أن يطرح حول حدود القوة الأمريكية، وعلى العرب تحمل مسؤولية فشلهم السياسي، إلا أن الخميرة التي يقدمها ترامب من الغطرسة واللاإبالية ليست بداية صحية لسياسة خارجية".
التعليقات (0)