يخرج الناشط ضد الجدار والاستيطان، حسن بريجية، يوميا، من منزله في قرية المعصرة جنوبي مدينة بيت لحم، وهو لا يدري ما إذا كان يستطيع الوصول إلى مكان عمله؛ بسبب احتمال إغلاق طرق القرية المرتبطة بالشوارع الالتفافية، والتي تخضع في فتحها وإغلاقها لمزاج جندي من جيش
الاحتلال الإسرائيلي، أو قرار من مسؤوله.
وتهدف "
الطرق الالتفافية" إلى ربط
المستوطنات بعضها ببعض، وإيصالها إلى الطرق في الداخل المحتل عام 1948، بحسب مدير معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) الدكتور جاد إسحاق، الذي أوضح أن مصطلح "الطرق الالتفافية" بدأ بالظهور مع مرحلة بدء اتفاقيات أوسلو في أيلول/ سبتمبر 1993 التي وقعت بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير
الفلسطينية.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "سلطات الاحتلال استغلت هذه الطرق من أجل تقطيع أوصال الضفة الغربية، ومصادرة الأراضي، ومنع إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة متواصلة جغرافيا"، موضحا أن "الاحتلال يشق هذه الطرق بحجج وذرائع أمنية واهية، بهدف تحويل ملكية أراضي الفلسطينيين إلى ملكية جيش الاحتلال، ومن ثم إلى
المستوطنين".
وبيّن إسحاق أن "الطرق الالتفافية تسهم أيضا في تحفيز الإسرائيليين على العيش في المستوطنات، كون أكثر من 61 بالمئة من أراضي الضفة الغربية أراضي مصنفة (ج) بحسب اتفاق أوسلو، كما أن جيش الاحتلال يمنع المواطنين الفلسطينيين من البناء قريبا من الطرق الالتفافية، ويشترط أن يبعد البناء عن هذه الطرق مسافة 150 مترا هوائية".
الفلسطيني "الفايروس" والطرق "المعقمة"
من جهته؛ قال الخبير في الشأن الاستيطاني، عبدالهادي حنتش، إن "
الشوارع الالتفافية هي جزء من مخططات الاحتلال لتقسيم الضفة الغربية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هناك مخططات لعدة مشاريع من أجل شق الطرق الالتفافية، قسمها الاحتلال إلى قسمين: الأولى شوارع فلسطينية لعبور الفلسطينيين بين المدن، والثانية الطرق الالتفافية الإسرائيلية، التي يطلقون عليها مصطلح (المُعقمة)، وكأنهم يشبهون الفلسطيني (بالفايروس) التي تخلو منه هذه الطرق"، مشيرا إلى أن "الاحتلال يسمح للفلسطينيين بالمرور منها مؤقتا، فهي في الأصل خاصة بالمستوطنين وجنود الاحتلال".
وأوضح حنتش أن هذه الطرق تهدف إلى تقسيم الضفة إلى 15 "كنتون"، ينتشر فيها ست كتل استيطانية كبرى، عدا عن المستوطنات المنتشرة هنا وهناك، لافتا إلى أن "العزل يتم بالأنفاق أيضا، والتي وصل عددها اليوم إلى 33 نفقا؛ لتساعد على التقسيم الكامل للضفة وفق هذا المخطط".
وقال إن "إسرائيل" شقت منذ احتلالها للضفة الغربية عام 1967؛ ما يقرب من ألف و800 كيلومتر من الطرق، ولديها مخطط لشق 300 كيلومتر أخرى، عدا عن فروع هذه الطرق.
عزل القرى
وصنف حنتش الطرق الفلسطينية إلى صنفين "الطرق التي كانت موجودة قبل بداية الاحتلال، وما شقه الفلسطينيون وابتكروه من أجل حل مشكلة إغلاق سلطات الاحتلال للطرق الرئيسة التي كانت تخدم تحركاتهم"، مضيفا أن "هذا النوع من الطرق له إيجابية من خلال تسيير حياة الناس، إلا أن سلبيته تكمن في إعطاء السيطرة الكاملة للاحتلال على الطرق التي تُغلق من قبَله، ويجعل من إغلاقها أمرا واقعيا جديدا على الفلسطينيين؛ يُفرض عليهم من أنفسهم، ومن قبل الاحتلال عليهم".
ومثّل حنتش بوجود 10 قرى في محافظة رام الله والبيرة "محاصرة بهذه الطرق الالتفافية، وهناك طريق واحد فقط للخروج والدخول منها"، لافتا إلى أنه "يمكن لأي جندي من جيش الاحتلال أن يضع بمفرده حاجزا عسكريا، أو أن يغلق بوابة حديدية، ويعزل بذلك القرى مجتمعة عن محيطها، ويجعلها سجنا كبيرا محاصرا من الجهات كلها".
ويقول مراقبون إن الطرق الالتفافية تُعد مصدر إزعاج أمني للفلسطينيين، فكثير من اعتداءات المستوطنين على الفلسطينين وممتلكاتهم؛ تقع من قبل مستوطنين مارين بهذه الطرق، وذلك بإطلاقهم النار على الفلسطينيين تارة، وبمهاجمة مركباتهم بالحجارة والزجاجات الفارغة تارة أخرى.