قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق
توني بلير إنه "سيكون لقرار الناخبين البريطانيين في استفتاء الخميس الماضي بالخروج من الاتحاد الأوربي عواقب هائلة على
بريطانيا، وعلى أوروبا، وعلى العالم".
وأوضح في مقالة له في "نيويورك تايمز" أن "الأثر المباشر لقرار الناخبين بخروج بريطانيا أثر اقتصادي. ولقد كان السقوط سريعا بقدر ما كان متوقعا، ففي لحظة من يوم الجمعة تراجع الجنيه تراجعا أمام الدولار لم نشهده منذ ثلاثين سنة، وتهاوى مؤشر سوق الأوراق المالية البريطاني الرائد بما يزيد على ثماني نقاط. ومعدل الائتمان الوطني مهدَّد".
ولفت إلى أن "الأثر الدائم قد يكون سياسيّا، وذا أبعاد عالمية. ولئن استمرت الصدمة الاقتصادية، فالتجربة البريطانية ستكون بمنزلة تحذير. أما لو انتهت، فسوف تكون في ذلك قوة ومكسب للحركات الشعبوية في الدول الأخرى".
وشرح بلير أسباب ذهاب البريطانيين للتصويت بالخروج من
الاتحاد الأوروبي، وقال: "وجد يمين السياسة البريطانية قضية لها أصداؤها في جسم العالم السياسي كله، وهي قضية الهجرة. فتناول حزب المحافظين، بالتحالف مع حزب الاستقلال اليميني المتطرف، هذه القضية وبنى عليها حملته للخروج من أوروبا. وكان يمكن لهذه الاستراتيجية أن تفشل لولا العثور على قضية مشتركة مع قطاع غير هين من ناخبي حزب العمل".
وحمّل بلير رئيس حزب العمال "جيريمي كورباين" جزءا من المسؤولية، حيث "لم يتلق مؤيدو حزب العمل أولئك رسالة واضحة من حزبهم، فانجذبوا إلى وعد المنادين بالخروج وقولهم.
كما أشار إلى دور التوترات الكامنة في بريطانيا التي أدت إلى هذا الاستفتاء توترات عامة، لا سيما في الغرب.
وقال إن "حركات اليسار واليمين المتمردة ـ التي تتخذ موقف حَمَلَة راية العصيان والتمرد على المؤسسة السياسية ـ قادرة على الانتشار والنمو بسرعة وعلى نطاق واسع. والتغطية الإخبارية المستقطبة والمتشظية التي نشهدها اليوم تساعد على هذا التمرد، ثم يتضاعف هذا التأثير مرات عديدة بسبب ثورة الإعلام الاجتماعي".
وبين أنه "صُوِّر سياسيو الوسط في صورة شيطانية بوصفهم نخبة متعالية، وكأنما قادة الحركات المتمردة ناس عاديون، وهذا في حالة حملة خروج بريطانيا افتراض مضحك. فلقد جعلت الحملة من كلمة "الخبير" مصطلحا مسيئا، وحينما حذّر الخبراء من الضرر الاقتصادي الذي سيترتب على خروج بريطانيا، جوبهوا بوصفهم "مثيرين للذعر".
وقال إن الوسط السياسي فقد قدرته على الإقناع وسبله الأساسية للتواصل مع الجماهير التي ينشد تمثيلها. وبدلا من ذلك، بتنا نرى تقاربا بين أقصى اليمين وأقصى اليسار؛ فاليمين يهاجم المهاجرين، بينما يحمل اليسار على المصرفيين، ولكن روح التمرد، والتعبير عن الغضب على أصحاب السلطة وإدمان الإجابات البسيطة الديماجوجية على الأسئلة المعقدة، لدى الطرفين المتطرفين سواء بسواء. ويكمن من وراء ذلك كله عداء مشترك للعولمة.