الزمان: 2116
المكان استاد صنافير الدولي
يقف الجنرال أول (رتبة عسكرية صنافيرية) صنفور أبو الجزر، رئيس تيران وصنافير مرتديا زيه العسكري المكون من مايوه استحمام وكاب يحمل صورة الجزيرتين مؤديا التحية العسكرية أمام العلم الوطني الذي يتكون من قماشة زرقاء اللون يتوسطها مايوه استحمام وفي ركنه نجمتان ترمزان إلى تيران وصنافير وفرقة الموسيقى العسكرية تعزف النشيد الوطني الصنافيري.
ما أن انتهى العزف حتى تعالت هتافات الجماهير الصنافيرية بحياة الرئيس وجلس صنفور أبو الجزر في مقصورته يمد يده للجماهير الصنافيرية بتحية وقورة وعلى وجهه ابتسامة رضا وحوله كبار الضيوف الأجانب الذين تمت دعوتهم، لتبدأ مراسم الاحتفال بذكرى استقلال تيران وصنافير.
شرد الرئيس الصنافيري وهو يتابع فقرات الاحتفال وتذكر كيف كافح أجداده لنيل استقلالهم بعد أن انتقلت ملكية الجزيرتين من مصر إلى آل سعود.
ابتسم لنفسه في تعجب وهو يتذكر فيديو شاهده لشاويش الانقلاب في مصر وهو يتحدث عن عدم تبعية الجزيرتين لمصر, وجال بخاطره أنه لولا تلك الحفنة من الجنرالات الخونة لما كان الآن رئيساً لتيران وصنافير, تذكر جده الكبير الذي قاد الثورة الصنافيرية الكبرى التي استقلت الجزيرتان على إثرها.
أفاق الرئيس الصنافيري من شروده على كلمات رئيس وزرائه الذي كان يتحدث عن النمو الاقتصادي والنهضة الحضارية التي شهدتها صنافير في عهد الرئيس المفدى (صنفور أبو الجزر) ثم تحدث عن الحضارة الصنافيرية التي علمت العالم وكيف استطاع الجيش الصنافيري صد هجمات الغزاة الطامعين منذ فجر الحضارات.
ابتسم صنفور في رضا وشرد ثانيةً وهو يتذكر كيف هاجمت إحدى الدول صنافير في بداية حكمه وكيف أعلن حالة الاصطنفار (التعبئة العامة والاستنفار باللهجة الصنافيرية) ونجح جيش صنافير في الدفاع عن حدودها.
ثم تحدث رئيس المجمع العلمي الصنافيري عن اكتشاف معدن التيرانيوم الذي يستخدم في صناعة البرجر الصنافيري والذي أدى لطفرة علمية في جميع المجالات وجعل من الجزيرتين قوة إقليمية لا يستهان بها.
وسط وفود الزوار الأجانب تلمح سفير جمهورية إمبابة وسفير مملكة أول فيصل وسفراء المطرية وجمهورية الهرم جاؤوا مهنئين صنافير في عيد استقلالها.
هذه الصورة البائسة قد لا تكون بعيدة عنا وبينما تقف
مصر الآن على حافة خطر تقسيم حقيقي لا مزاح فيه، تجد بعض (الوطنيين) يهتفون لحكم تخديري أصدره قاض يعمل من داخل المنظومة الفاسدة لينجرف القليلون من معسكر الثورة إلى الهتاف للقضاء الشامخ وليزدادوا بعداً عن فهم حقيقة الصورة الكارثية في مصر.
ثم من ناحية أخرى تجد الطرح (الوطني) الذي يحدثك عن تبعية الجزيرتين لمصر (والجزيرتان مصريتان حقاً وصدقاً) يؤطر للأزمة في سياق وطني حدودي ليؤسس طرحه كله على حدود رسمها ضباط الاحتلال البريطاني.
ثم ينخرط الجميع على الجانبين في مصر والحجار في عراك وتلاسن (وطني) يعمق الصدع بين الشعوب المسلمة التي كانت كيانا واحداً منذ أقل من مئة عام لا تفصلها حدود جغرافية ولا يقف بينها حرس على حدود مصطنعة رسمها ضباط الاحتلال.
وإن أمعنت النظر لوجدت أن الدويلات العربية كلها صورة أقدم بالأبيض والأسود من تيران وصنافير. كلها دويلات مصنوعة وضع حدودها وأشرف على تقسيمها ضباط الاحتلال وهم يحتسون الشاي, كل الحدود بنات أفكار ضباط بريطانيين ووليدة أطماع أراذل مجتمعاتنا الذين ولوهم علينا جبراً وقهراً بقوة السلاح وصنعوا لهم عصابات أسموها جيوشا لتحمي تلك الحدود ولتحمي بالتبعية حدود الكيان الصهيوني وتحرسها.
كلها مصطنفرات (مستعمرات) تم اقتطاعها من جسد الخلافة ذبحا بالسكين.
وبينما يصدعك القوميون بخطابهم عن العروبة، فلا تجد منهم من يرد على أسئلتك.
وهل نجحتم في توحيد العرب منذ إلغاء الخلافة أم إنكم تدورون في دوائر مفرغة وتنتقلون من فشل إلى فشل؟
ثم من عين حكامكم الذين دغدغوا مشاعركم بالحديث عن العروبة كالمقبور عبد الناصر؟ أليس الاحتلال من عينهم وولاهم على شعوبنا المسلمة المقهورة؟
ثم لماذا نقبل بتفتيت الخلافة إلى قطع أصغر ثم ندعي الحفاظ على الأرض بعدها؟
أما الخطاب الوطني الحدودي فتجده متخبطا، فلا هؤلاء قادرون على الرد على أسئلتك ولا هم يملكون لها أجوبة أصلا، ولا تتوقع أن تجد لديهم ردوداً عندما تحدثهم عن أصنام الحدود التي يقدسونها من دون الله، حين تحدثهم عن تفريط عصابات العسكر في تلك الحدود التي يقدسونها.
إن مبعث اهتمامي بمسألة تيران وصنافير في الحقيقة نابع من رفضي لتقسيم تلك المستعمرات التي ولدنا فيها وهو ما أراه وما يراه أي عاقل يراقب الأوضاع في المنطقة.
نرى الآن تدافعا بين صوتين، صوت لن يجد غضاضة في تقسيم تلك (المفتتات) إلى قطع أصغر ومن خلفهم قوى دولية تعمل بلا كلل ولا تتورع عن القتل في سوريا والعراق، وأصوات أخرى بدأت تعلو تدعو إلى لم شمل تلك المستعمرات لتعود كما كانت قبل 100 عام أرضا واحدة.