تحاصر قوات الشرطة بالجزائر، منذ ليلة الجمعة، مقرا جديدا لصحيفة "الوطن" المستقلة والناطقة بالفرنسية، بالعاصمة، ومنعت إدارة الصحيفة، من نقل معدات وعتاد عمل من المقر القديم إلى المقر الجديد، بمبرر عدم مطابقة البناية للرخصة المتحصل عليها من محافظة الجزائر والتعدي على قطعة أرض تجاور المقر.
ومنعت قوات الشرطة، الصحافيين والعمال من دخول المقر الجديد للصحيفة، والكائن بمدينة حسين داي، بالعاصمة، ولم تقدم الشرطة أي مبررات قانونية لمحاصرة مقر صحيفة الوطن.
وقالت مصادر متطابقة لصحيفة "
عربي21"، الجمعة، إن الشرطة تدخلت بناء على أمر تلقته بعد الاشتباه بـ"تعدي" إدارة الصحيفة على قطعة أرض مجاورة للمقر، تابعة لأملاك الدولة.
لكن لا أحد ساق هذا المبرر بصفة جازمة، إذ تزامن محاصرة الشرطة للمقر الجديد لصحيفة "الوطن"، ومنع الصحفيين من الدخول إليه، مع حجز مدير عام قناة "كاي بي سي"، مهدي بن عيسى، الخميس تحت النظر لدى مصالح الدرك بالعاصمة الجزائر.
ووضع أيضا، رئيس مجلس إدارة "مجمع الخبر"، زهر الدين سماتي، تحت الحجز بالدرك الوطني بالعاصمة الجزائر، لكن أخلي سبيله ساعات بعد ذلك، الخميس، بينما تم حبس مسؤولة بوزارة الاتصال الجزائرية.
وتتعلق التهم المتابع فيها هؤلاء، بمخالفة تنفيذ تراخيص تحصلت عليها قناة "كاي بي سي" لتصوير برامج ثقافية، وتم حبس مسؤولة وزارة الاتصال لمنحها هذه التراخيص، التي تقول الحكومة إنها منحت من أجل إنتاج برامج ثقافية، لكنها استغلت بتنفيذ برامج سياسية ساخرة.
وأوقفت قوات الدرك بالجزائر، بث برنامج "كي أحنا كي الناس" ومعناه "مثلنا مثل كل الناس"، أمس، الخميس، كما استدعت مخرج برنامج "ناس السطح" السياسي الساخر، عبد القادر جريو، وأمرته بوقف تصوير البرنامج.
وتتبع قناة "كاي بي سي" لمجمع "الخبر"، الذي تقاضيه الحكومة الجزائرية لبيعه أسهما لرجل أعمال معارض، يدعى يسعد ربراب، ويعتبر مجمع "الخبر" شريكا أساسيا لجريدة "الوطن" الناطقة بالفرنسية، ولهما عقارات مشتركة، ويتبنيان خطا تحريريا مناوئا للسلطة.
وانتقد عثمان معزوز، القيادي بحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، المعارض بالجزائر، ما أسماه "توظيف وسائل الدولة لتكميم فضاءات التعبير الحر"، وتابع في تصريح لصحيفة "
عربي21" الجمعة: "نشهد قيام هجمة للعصب المفترسة، ومطاردة للسحرة ضد المدافعين عن الحريات والفاعلين المستقلين بعد إغلاق الفضاءات السياسية والمؤسساتية إلى حد المساس بالمكتسبات التي تم انتزاعها بفضل التضحيات والنضال".
ويرى مراقبون أن ما يحدث على صعيد حرية التعبير بالجزائر، شارف خطرا ينذر بعواقب وخيمة على البلاد، في وقت تضاعف فيه الضغط على سلطة تواجه تراكمات أزمة اقتصادية ناجمة عن تراجع أسعار النفط.
وقالت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون في مؤتمر صحفي، الجمعة، إن "ما يحدث لقناة كاي بي سي وصحيفة الوطن، انحراف خطير"، وتابعت: "صدمنا جميعا بتجميد صفقة تحويل الأسهم المتعلقة بمجمع الخبر وهي تجارية محضة والمحكمة ليس لها الاختصاص في ذلك".
واعتبرت حنون أن الهدف صار واضحا مما يجري لقناة كاي بي سي، وهو قمع الحصص التلفزيونية.
ويرى محمد عظيمي، القيادي بحزب "طلائع الحريات" الذي يرأسه المعارض علي بن فليس، أن
السلطة "فقدت السيطرة على نفسها، ووصلت إلى طريق مسدود، فلجأت للتطرف"، مضيفا في تصريح لصحيفة "
عربي21" الجمعة: "نشهد اعتداء صارخا على الحريات"، كما قال إن "
المعارضة والصحافة أمام وضع صعب، فهناك غلق لفضاءات التعبير وحجب لشبكات التواصل الاجتماعي واعتقال مدونين، معبرا عن خشيته من تدهور أكبر".