قد يبدو من الوهلة الأولي أن مقارنة الحالة المصرية بحالة جنوب أفريقيا وبالتالي مقارنة الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بنيلسون مانديلا ليست مستساغة؛ ففي جنوب أفريقيا كان هناك نظام فصل عنصري وأماكن محددة يعيش فيها السود "السكان الأصليين" وكذلك وظائف محددة ومدارس محددة، أما البيض أصحاب السلطة والثروة فهم منفصلين عن (السود) وتحميهم قوة السلطة والدولة من الغوغاء.
هل مصر كذلك؛ أري أنها كذلك وربما تكون في وضع أسوأ من جنوب أفريقيا في وقت التمييز العنصري. ويعرف التمييز العنصري علي أنه " الاعتقاد بأن هناك فروق وعناصر موروثة بطبائع الناس أو قدراتهم وعزيها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما، وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف سياسياً، قانونياً، اجتماعياً". وكل منا له رغبة في أن يصبح متميزا، سواء كان التميز حقيقيا أو زائفا، وتتحكم منظومة القيم والأخلاق في كبح جماح هذه الرغبة، وبالتالي عندما تنهار القيم والأخلاق تتجه المجتمعات نحو التمييز بين أفرادها وتصنع سببا ما لهذا التمييز عن طريق الهروب من منظومة القيم والأخلاق.
وقد عالج الإسلام التمييز بين البشر في إطار النص القرآني؛ فالنص القرآني هو من يحدد القيم والأخلاق وهذه المنظومة الأخلاقية القرآنية تعادي التمييز بأشكاله المتعددة طبقا للمعايير والقيم القرآنية.
وعند محاولة قراءة الواقع المصري فلا يخفي علي أحد المظاهر المتنوعة للتمييز العنصري الحاد في مصر ضد قطاعات مجتمعية واسعة؛ هذه القطاعات لا تحمل لون وجه مختلف عن باقي الشعب ولكن مصر تتميز منذ مئتي عام بطبقية شديدة وحاجز شديد الصلابة بين طبقة حاكمة تمتلك السلطة والثروة وباقي الشعب القابع في الفقر والمرض والجهل.
إن رفض سكان منطقة "راقية" في القاهرة لإنشاء محطة مترو في منطقتهم حتي لا تتأثر جزيرتهم بسكان العشوائيات المحيطة بهم؛ وانتشار المناطق المنعزلة بالأسوار لتحمي بداخلها "بيض" مصر من الرعاع ؛ والفحش في القول علنا بعدم قبول قطاعات مجتمعية معينة بوظائف القضاء والخارجية والجيش دلائل لا تقبل التشكيك في حجم الانفصال وحدته بين "بيض مصر وسودها".
وكانت كبري المظاهر وأشدها قسوة علي أقلية مصر "البيضاء" هي انتخاب د محمد مرسي رئيسا للجمهورية؛ فالدكتور محمد بتعريف "بيض" مصر هو من "سودها"؛ فهو نشأ في قرية مصرية وسط فلاحي مصر الفقراء ولم يكن يوما من رواد النقاط التي تعطيك صك البياض؛ بالتالي فكيف يجرؤ هو ومن معه من الأوغاد "سود مصر" علي الوصول لحكم مصر.
نحن الأن نعيش أجواء جنوب أفريقيا العنصرية في مصر؛ مجموعة "بيضاء" متميزة تمتلك مقاليد كل شيء وتحمل احتقارا كبيرا للأغلبية "السوداء" وتقاتل بكل شراسة حتي لا ينهار هذا الحاجز الفاصل بينهم وبين العامة. ولكن التجربة المصرية لها خاصية مميزة ألا وهي أن مجموعة بيضاء أوقعها حظها العاثر وسط السود وتحاول الخروج من المأزق بأي ثمن حتي ولو علي حساب إقناع سود مصر أن هذه هي طبيعة الأمور ولابد أن تبقي مصر هكذا بيضا وسودا وعلي السود أن يقتنعوا بما يقدمه لهم البيض.
في تلك اللحظات نحتاج إلي رجل مثل مانديلا الذي أصر بكل قوة علي إنهاء الفصل العنصري بشكل كامل ومكث في السجن سبعة وعشرين عاما؛ مانديلا الزعيم الكبير الذي استطاع أن يشعل روح المقاومة في شعب كامل لم يتوقف عن المقاومة الشعبية الشاملة حتي استطاع كسر الحاجز العنصري وأصبح شعبا حرا في وطنه.
إن الدكتور المناضل محمد مرسي رئيس مصر هو مانديلا الجديد الذي سيشعل بصموده وتضحياته روح المقاومة التي لن تتوقف حتي يحقق المصريون المضطهدون في مصر حريتهم ويكسروا إلي الأبد الدوائر التي تحيط ببيض مصر.
إن الدكتور محمد مرسي منع البيض أصحاب الحظ العاثر من إقناعنا بأن الحياة لابد أن تستمر هكذا. إن محمد مرسي ليس فقط رئيسا فاز في انتخابات ولا رجلا أحب وطنه واحترم شعبه ولا مجرد رمز ونموذج لحالة نادرة من الإيمان والثبات، إن محمد مرسي هو أيقونة تحرير الأمة إذا ما أيقن الثوار أن المقاومة الشعبية الشاملة ضد بيض مصر هي السبيل الوحيد للنصر، وعلي كل مصري أو عربي يشعر أنه من سود بلاده أن يتعلم من تجربة جنوب أفريقيا بكل تفاصيلها وكما كان مانديلا ملهم الأفارقة الأصليين لتحرير بلادهم ؛ فإن محمد مرسي هو ملهم المصريين والعرب جميعهم لتحرير بلادهم المنتهكة.
وأخيرا أقدم خالص احترامي وتقديري للرئيس المناضل زعيم الأمة د محمد مرسي.
1
شارك
التعليقات (1)
قارئ
الجمعة، 24-06-201612:53 ص
الأستاذ عمرو عادل المحترم .. ما قولك فى تعيين الدكتور محمد مرسى للأخوان فى كافة المناصب بالدولة ؟ من كان رئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشورى ورئيس الوزراء والوزراء ؟ لو أنك تخشى يوم الوقوف بين يدى الله أجب عن الأسئلة وقل للقراء ولى من أتبع سياسة التمييز العنصرى ومن كان عنصريآ بإمتياز ؟ ولو أنك تدرك معنى الكلمة وتخشى من رقيب عتيد أجب وقل للقراء ولى من كان طالب سلطة ومن أذله الله بعد عز وبعد أن مكنهم من السلطة ونصرهم الله فلم ينصروه وكذلك عادوا من حيث آتوا ؟ لو تخشى الله قل للقراء من ظل يقول طوال فترة السباق الرئاسى شريعة شريعة شريعة وبعد الجلوس على كرسى الحكم لم تحرم الخمر ولا القمار وظلت إيراداتهم تدخل موازنة الدولة لنشترى بها خبز للشعب ولا تم غلق القنوات الإباحية من النت وظل الوضع على ما هو عليه ولما قامت ثورة 30 يونيو إنقلبت الكلمة لتصبح شرعية شرعية شرعية ؟ قبل الجلوس على العرش كانوا على القدس رايحين شهداء بالملايين وبعد ذلك نفس وضع المخلوع ونحترم جميع المعاهدات الدولية ؟ ياأستاذ عمرو عادل كن منصفآ وأعلم بأنك ستقف بين يدى الله وحدك .. تقبل تحياتى .