في الوقت الذي يسود فيه إجماع بين المعلقين في تل أبيب، على أن الحكومة
الإسرائيلية تتجه نحو مزيد من التطرف، كشفت النسخة العبرية لموقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" صباح الثلاثاء، النقاب عن أن زعيم الانقلاب في القاهرة عبد الفتاح
السيسي بصدد دعوة كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس، إلى لقاء معه في القاهرة لإحياء المفاوضات بشأن تحقيق تسوية للصراع العربي-الإسرائيلي.
تحرك مصري مرتقب
ونوهت الصحيفة إلى أنه بخلاف الانطباع الذي ساد بعد الخطاب الذي ألقاه السيسي في أسيوط مؤخرا، فإن التحرك المصري المرتقب سيكون "مستقلا وموازيا"، وليس جزءا من المبادرة التي طرحتها فرنسا مؤخرا.
ونوهت الصحيفة إلى أن الأيام الماضية شهدت تحركات دبلوماسية مصرية مكثفة تهدف إلى تنظيم لقاء "قمة" في القاهرة بين السيسي ونتنياهو وعباس، مشيرة إلى أن كل المؤشرات تدلل على أن مكان اللقاء سيكون القاهرة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر فلسطيني "مسؤول"، قوله إن الاتصالات تجري على قدم وساق، لكن لم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق نهائي بشأن التحرك.
واستدرك المصدر الفلسطيني قائلا، إن "أيّا من الطرفين الإسرائيلي والمصري لم يغلق الأبواب أمام هذه الفكرة".
ونوهت الصحيفة إلى أنه نظرا للنفوذ القوي الذي يحظى به السيسي لدى قيادة السلطة الفلسطينية وبسبب "عمق التعاون والتنسيق الأمني بين إسرائيل ومصر"، فإن فرص التوصل لاتفاق بشأن هذه الفكرة كبير بشكل خاص.
وأوضحت الصحيفة أن التصريحات المتواترة التي أدلى بها نتنياهو مؤخرا، وأكد خلالها استعداده للقاء عباس "تدلل على أن ثمة أمورا تحدث من وراء الكواليس".
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان حقيقة أن السيسي ضمَّن خطابه في أسيوط تعهدات لإسرائيل، بمنحها ضمانات أمنية كجزء من تسوية شاملة مع الفلسطينيين، واعدا إياها بتطبيع كامل مع العالم العربي.
من ناحيتها، اعتبرت إلئيت شاحر، المراسلة السياسية لإذاعة الجيش الإسرائيلي، في تقرير بثته الإذاعة صباح اليوم، أن تحرك السيسي "يهدف إلى مساعدة نتنياهو في الالتفاف على المبادرة الفرنسية"، مشيرة إلى أن تحرك القاهرة سيمنح نتنياهو المبررات للاعتذار عن الاستجابة للتحرك الفرنسي.
تعديل مبادرة السلام العربية
وأكدت شاحر أن ديوان نتنياهو وقصر الرئاسة في القاهرة يعملان بتنسيق كامل، مشيرة إلى أن الخطوة المصرية "تمثل حبل نجاة من المبادرة الفرنسية التي يمكن أن تسبب الكثير من الأذى لإسرائيل".
ولفتت شاحر إلى أن لقاء القاهرة الثلاثي في حال عقد سيمنع السلطة من اتخاذ أي إجراءات ضد إسرائيل في الساحة الدولية.
يذكر أن صحيفة "هآرتس" كانت قد كشفت قبل يومين، النقاب عن أن دولا عربية أبلغت نتنياهو باستعدادها لتعديل مبادرة السلام العربية، خاصة في كل ما يتعلق بحق العودة للاجئين ومطلب الانسحاب من الجولان السوري المحتل.
ويأتي الكشف عن تحرك السيسي، في ظل تعاظم الانتقادات لقرار نتنياهو تعيين أفيغدور ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" وزيرا للحرب، وذلك بسبب مواقفه المستفزة للعرب وتحديدا للشعب المصري.
وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من نتنياهو، انتقد المستشرق أودي بلنغا تعيين ليبرمان، مشيرا إلى أن العرب والمصريين تحديدا يرون في هذا التعيين استفزازا بسبب سجل تفوهات ليبرمان المتشددة تجاه مصر.
وأعاد بلنغا للأذهان حقيقة أن ليبرمان سبق أن هدد بتدمير السد العالي بدون أي مسوغ حقيقي، فقط من أجل تسجيل نقاط سياسية.
ويأتي عرض السيسي في ظل تأكيد جميع المعلقين في إسرائيل، أن حل الدولتين لم يعد قائما.
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر اليوم، قال الجنرال شاؤول أرئيلي، الذي قاد قوات الاحتلال في قطاع غزة، إنه "أسدل الستار على حل الدولتين". ويلتقي ذلك مع ما ذهب إليه زعيم المعارضة "اليسارية" إسحاق هيرتزوغ، الذي صرح مؤخرا بأن حل الدولتين "لم يعد واقعيا".
الحديث عن مبادرة مصرية "إشاعة"
وفي السياق ذاته؛ نفى القيادي البارز في "فتح" وعضو اللجنة المركزية، نبيل شعث، صحة الأنباء المتداولة حول وجود مبادرة مصرية تقضي بعقد لقاء ثلاثي في الفترة القريبة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو؛ وزعيم الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال شعث في تصريح خاص لـ"
عربي21": "ما جرى الحديث عنه اليوم في مختلف وسائل الإعلام؛ هي إشاعات وليس هناك أي موعد محدد"، نافيا وجود "أي اتفاق حول هذا الاجتماع أو اللقاء الثلاثي".
اقرأ ايضا: المبادرة الفرنسية للسلام.. هل فشلت قبل أن تبدأ؟
وأكد أن حديث الإعلام الإسرائيلي؛ حول وجود "مبادرة مصرية يأتي في سياق الجهود لإفشال المبادرة الفرنسية؛ بأن هناك بدائل أخرى توافق نتنياهو"، وأعلن الأخير رفضه المبادرة الفرنسية؛ واشترط لقبولها على فرنسا أن تكون المبادرة عبارة عن لقاء يجمعه بعباس.
وأشار القيادي البارز في "فتح"، إلى أن نتنياهو يعمل على "الإطاحة بأي مشروع دولي يضغط على "إسرائيل"، ويعمل على إفشال أي مبادرة أو محاولة دولية لفرض حل سياسي على الاحتلال".
وبدأ رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس، الأحد الماضي، بزيارة للمنطقة، والتقى خلالها؛ في مدينة القدس المحتلة، رئيس دولة الاحتلال رؤوفين ريفلين، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كما زار الأراضي الفلسطينية والتقى رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله، وذلك في إطار الجهود الفرنسية لدفع عملية السلام ولعب دور مركزي في المنطقة.