نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للصحافيين كريستوفر ديكي وباربي لاتزا ناديو، قالا فيه إن عميلة وكالة الاستخبارات المركزية سابرينا دي سوسة تحاول منع تسليمها من البرتغال إلى
إيطاليا لقضاء حكم بالسجن صدر ضدها غيابيا من محكمة إيطالية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن دي سوسة كانت تتزلج على الثلوج على سفح جبل في 17 شباط/ فبراير 2003، بعيدا عن مسرح عملية اختطاف
المصري حسن مصطفى أسامة نصر من أحد شوارع ميلان، حيث كان في طريقه إلى المسجد، وتم أخذ رجل الدين، المعروف أيضا بأبي عمر، بطائرة خاصة إلى ألمانيا ومن هناك إلى القاهرة، حيث قضى حوالي سبعة أشهر تحت التعذيب في السجون المصرية، بحسب شهادته ووثائق منظمة العفو الدولية.
ويذكر الموقع أن هذه العملية كانت جزءا من برنامج "التسليم الاستثنائي"، الذي قامت به أمريكا في وقتها، حيث كانت وكالة الاستخبارات المركزية تقوم باعتقال المشتبه فيهم بالارهاب في أي مكان في العالم، وترسلهم إلى دول مختلفة، بما فيها سوريا بشار الأسد و ليبيا معمر القذافي ومصر حسني مبارك، ليواجهوا التعذيب والإعدام أحيانا.
ويقول الكاتبان إن "هذا البرنامج بدأ في عهد بيل كلينتون، ولكن تم تطوير البرنامج بصورة انتقامية في عهد جورج بوش الابن، بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر الإرهابية في أمريكا، حيث تم اختطاف أبي عمر قبل أسابيع من غزو العراق، الذي قادته أمريكا عندما كانت إدارة بوش تحاول جاهدة إثبات وجود علاقة بين الرئيس العراقي السابق صدام حسين وهجمات 11/9، (ولم يكن هناك أي علاقة)".
ويضيف الصحافيان أنه "كان يعتقد بأن أبا عمر كان يمد أبا مصعب الزرقاوي، الذي كان يعمل في شمال العراق، ثم أوجد تنظيم القاعدة في العراق، الذي تحول إلى تنظيم الدولة، بالجهاديين، وكانت السلطات الإيطالية تدعمها وكالة الاستخبارات المركزية تعتقد أن أبا عمر يخطط لنسف حافلة تحمل الطلاب الأمريكيين الذين يدرسون في المدرسة الثانوية الدولية في ميلان".
ويستدرك التقرير بأن "مختطفي أبي عمر تصرفوا بغباء، سواء كان ذلك بسبب الإلحاح أو الغطرسة أو عدم الكفاءة، حيث اعتقد الفريق المؤلف من 18 شخصا بأن المخابرات الإيطالية، التي كانت تحت قيادة رئيس الوزراء سيلفيو بيليسكوني، كانت موافقة على العملية، لكن الشرطة والمحاكم لم توافق عليها، حيث قامت امرأة شاهدت عملية الاختطاف بتبليغ السلطات، والأكثر من هذا أن أبا عمر خرج من السجن في مصر بعد عدة شهور، واتصل بزوجته في ميلان، وأخبرها بما حصل معه، ودخلت تلك المكالمة في سجلات قاضي التحقيق؛ لأن هاتفها كان مراقبا، وبدأت بقية الصورة تتكشف".
ويكشف الموقع عن أنه كان هناك تعاون من عميلين إيطاليين هما روم ولانغلي، اللذين تم الحكم عليهما بسبب الدور الذي قاما به، مستدركا بأنه تم رد الحكم؛ بناء على بند في القانون يقضي بحماية عملهما، بصفته "أسرار دولة"، واضطرا للاستقالة.
ويبين الكاتبان أن عملاء الوكالة، الذين قاموا بالاختطاف، تركوا آثارهم الواضحة من مكالمات هاتفية لفنادق فاخرة، وحفلة عيد ميلاد لعضوة في الفريق على شاطئ البحر، ثم تفرقوا بعد عملية الخطف إلى مزيد من الفنادق الراقية من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى المؤشرات الأخرى التي ساعدت الشرطة في جمع الأدلة ضدهم.
ويلفت التقرير إلى أن ما لم يتركه الفريق هو قائمة بأسمائهم القانونية، لذلك لم تتمكن المحكمة من معرفة سوى أولئك العاملين في الجيش، "الذين كانوا مسؤولين عن الرحلة الجوية فقط"، وكذلك الذين كانوا يعملون تحت غطاء دبلوماسي في روما، بما في ذلك المسؤول عن محطة الوكالة جفري كاستيلي، ومن هم في ميلان كالضابط الكبير روبرت سيلدون ليدي وسابرينا دي سوسة، ولسوء حظهما فإن الغطاء الدبلوماسي لا يوفر لهما حصانة دبلوماسية.
وينوه الموقع إلى أنه تمت إدانة ليدي غيابيا، وخسر بيته في إيطاليا، وطلق زوجته، وتقاعد في بنما، مستدركا بأنه تم احتجازه لفترة بسيطة بموجب مذكرة اعتقال دولية في 2013.
ويفيد الكاتبان بأن حجة دي سوسة، التي كانت بعيدة عن مسرح الحدث، لم تقنع المحاكم الإيطالية في عدم إدانتها مع 18 عميلا للوكالة بأسماء مستعارة قاموا بالعملية، حيث إنها كانت في أمريكا في عام 2004 عندما بدأت مقاضاتها في إيطاليا.
ويورد التقرير أن أعلى محكمة في إيطاليا أيدت الأحكام الصادرة في هذه القضية في عام 2012، مستدركا أنه لم يتم السجن الفعلي لأي من المدانين، ولم تدفع أي مبالغ من التعويضات لأبي عمر أو لزوجته، حيث حكم له بمليون يورو ولزوجته بنصف مليون يورو.
وبحسب الموقع، فإنه من المفارقات أن المحكمة الجنائية قامت بعد ذلك بإدانة أبي عمر بتهمة التآمر الإرهابي قبل اختطافه، لكن المحاكمة كانت غيابية أيضا، مشيرا إلى أنه لا يزال يعيش في مصر بعد خروجه من السجن، ولا أحد يتوقع أن يتم تسليمه لإيطاليا.
ويشير الكاتبان إلى أن دي سوسة، امولودة في الهند، والتي تحمل الجنسية الأمريكية، ولديها جواز سفر برتغالي، وتأتي عائلتها من مستعمرة غوا البرتغالية، قامت في عام 2015 بتحدي تحذيرات وزارة الخارجية الأمريكية، وسافرت إلى أوروبا، حيث اعتقلت بموجب مذكرة اعتقال أوروبية، وتطالب إيطاليا بتسليمها.
ويختم "ديلي بيست" تقريرها بالإشارة إلى أن دي سوسة رفعت قضية عام 2009 ضد وكالة الاستخبارات المركزية ومسؤول محطة روما السابق كاستيلي ومسؤولها روبرت سيلدون ليدي ووزارة الخارجية ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون؛ بتهمة عدم حماية موظف حكومي مخلص، وقالت إنها تشعر بالحزن لأن الحكومة تخلت عنها.