ملفات وتقارير

إلموندو: عبقرية صانع أسلحة مصراتة الليبية

 لا يخفي "صانع أسلحة مصراتة" عدم رغبته أحيانا في إصلاح الأسلحة - أرشيفية
لا يخفي "صانع أسلحة مصراتة" عدم رغبته أحيانا في إصلاح الأسلحة - أرشيفية
خلال الثورة الليبية ضد نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، تعلم أحد المقاتلين القدامى في مدينة مصراتة طريقة تفكيك البنادق وإصلاح أسلحة الكلاشينكوف.

علاء شاب يعيش في مصراتة، أو الرجل الذي يعرف في المدينة "بصانع أسلحة مصراتة"، لكن الجميع يمتنع عن الحديث علنا حول هذا الموضوع، فمصراتة -على حد قوله- مدينة صغيرة، ولا أحد يودّ أن يقال عنه إنه يقوم "ببيع الأسلحة لأجل المال".

بعدما انتهت الثورة الليبية مع مقتل الزعيم الليبي، واتخذت منحى آخر في السنوات الأخيرة، اعتزل "صانع أسلحة ليبيا" القتال الذي خاضه مع الثوار، وأصبح عمله يقتصر على تصليح الأسلحة والبنادق، لكن اعتزاله للحرب لم يضمن له بقاء "المتطفلين" بعيدا عن مستودعه، بهدف شراء السلاح، فانتهى به الأمر إلى وضع لافتة كتب عليها "فلتخجل من نفسك، نحن لا نبيع أسلحة هنا".

قرر علاء منذ سنوات التوقف عن المتاجرة بالأسلحة، أما الآن فإنه يكتفي بإصلاحها، فهي "هوايته المفضلة" التي يتقنها جيدا؛ ولذلك أكد أنه "لا يفعل ذلك لأجل المال، فقط يقوم بإصلاح الأسلحة للأشخاص الذين لديه معرفة جيدة بهم". يداه تتحركان بسرعة فائقة وهما تعالجان براغي السلاح، وقطعه الصغيرة مفككة وملقاة أمامه، بعض الحركات البسيطة، ثم ينتهي منه خلال دقائق معدودة.

لا يخفي "صانع أسلحة مصراتة" عدم رغبته أحيانا في إصلاح الأسلحة، فهذه المهنة تذكره بالأيام
العصيبة التي مرّ بها في بداية الثورة الليبية، والتي انتهت بمقتل 1000 شخص في ثلاثة أشهر قبل أن يقتل القذافي على يد الثوار الذين لقبهم حينها "بالجرذان"، وكان كل سلاح يشاهده منذ ذلك الوقت يذكره بمصير الليبيين.

في مصراتة، الوضع ليس أقل سوءا مما هو عليه في مدينة سرت التي تتوجه إليها الأنظار منذ سيطرة تنظيم الدولة عليها، فالثورة الليبية خلفت مخزونا هائلا من السلاح انتشر في مصراتة، ليجعل منها ثالث أكثر مدينة توجد فيها العناصر المسلحة، التي استفادت من حالة الانقسام السياسي التي تشهدها؛ لتوسع نفوذها في المدينة.

أصبح في ليبيا بحكم الأمر الواقع ثلاث حكومات، تتقاسم اثنتان منها السلطة الفعلية على الأرض، بينما تعمل الحكومة الثالثة من الخارج، متعهدة بدخول طرابلس الخاضعة لسيطرة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمّى "فجر ليبيا" خلال فترة قصيرة.

عاطل عن العمل

كان "صانع أسلحة ليبية" يعيش حياة عادية، قبل أن تدفعه الحرب في ليبيا إلى حمل السلاح، ليتمكن سريعا من تفكيك الأسلحة وتركيبها، التي أصبحت "مورد رزقه" الوحيد في زمن ازدهرت فيه "تجارة الموت". لكن قبل ذلك بسنوات، عندما كانت ليبيا بلدا آمنا، كان يكتفي بإصلاح محركات السيارات.

يقول علاء: "أمضيت سنتي كاملتين في هذه المهنة، ولكني توقفت عنها منذ قدوم قوات فجر ليبيا"، ما السبب؟ أنت لا تستطيع أن تضمن عدم وقوع السلاح الذي تقوم بإصلاحه بين أيدي أشخاص
يستعملونه في قتل الآخرين ظلما".

علمته قسوة الحرب الليبية كيفية تطويع الخردة وقطع الأسلحة التالفة إلى أشياء لديها قيمتها الحقيقية، لكن ذلك يتطلب منه جهدا ووقتا كثيرا، كأن يعمل على إحدى قطع الخردة التي تركتها قوات القذافي خلفها بعد أن دمرتها العمليات القتالية بينها وبين الثوار.

أمضى ساعات وهو يعمل على هيكل معدني لدبابة مدمرة كانت تابعة لقوات القذافي، قبل أن تقوم قوات الناتو بقصفها خلال حملتها الجوية في بداية الثورة الليبية، ثم تنفس الصعداء، بعدما انتهى منها، كانت أشبه "بلوحة فنية". وقد علمته "مهنته" أن يأسف للقتلى الذين يسقطون كل يوم ضحية للأسلحة المنتشرة في كل مكان؛ ولذلك يعتقد "أن كل شيء قد تغير في السنوات الأخيرة، فالجميع يسعى لامتلاك السلاح، ليس لحماية نفسه، بل ليطلق النار على الآخر".
 
0
التعليقات (0)

خبر عاجل