استمرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) بالكشف عن مجموعة من الوثائق التي رفعت عنها السرية يوم الثلاثاء، وتحوي 113 خطابا ورسالة لرئيس تنظيم القاعدة الراحل أسامة
بن لادن، كتبها بخط يده، بعد أن تمت مصادرتها في الغارة التي شنتها القوات الأمريكية الخاصة في الثاني من أيار/ مايو 2011 في أبوت أباد في باكستان، وأدت إلى مقتل زعيم تنظيم القاعدة.
واشتملت هذه الخطابات على مسودة عن أمريكا وإيران، نشرتها شبكة "سي أن أن" الأمريكية، اتهم فيها بن لادن حكام دول
الخليج بالانصياع لـ"الاستعباد الأمريكي"، خوفا من انتشار نفوذ
إيران في المنطقة، محذرا من أن طهران "ستذبح دول الخليج مثل أضحية العيد، تماما مثلما فعلت بالرئيس العراقي السابق، صدام حسين".
وهاجم بن لادن دول الخليج متهما إياها بـ"الخيانة والانصياع لإرادة أمريكا"، متوقعا نشوب "حرب عالمية ثالثة بين الشرق والغرب"، موضحا أن "زعيم البيت الأبيض" يُهدد بها المنطقة.
وقال إن ما دفع الحكام إلى ذلك "الموقف المخزي" فضلا عن "خيانتهم للملة والأمة والقضية الفلسطينية"، هو "خوفهم من أن يصبحوا في خبر كان"، مؤكدا أن حكام الخليج مهتمون بهذه الحرب أكثر من اهتمام أمريكا بها، لأنها بالنسبة لهم "حرب مصيرية"، فإما أن يكونوا أو لا يكونوا، وهم يرون مصيرهم رأي العين في الحالتين، على حد قوله.
وأضاف أن "حكام الخليج يعلمون بأن زعماء إيران وأتباعهم في المنطقة سيتبعون معهم سنتهم التي اتبعوها مع الرئيس العراقي، صدام حسين، أي إنهم سيضحون بهم في يوم العيد على مرأى ومسمع العالم أجمع،" معتبرا أن حجة طهران بذلك ستكون دعمهم لصدام خلال الحرب معها.
وتساءل بن لادن: "ألم يقدم حكام الرياض دليلا يُدينهم أمام طهران عندما اعترفوا بدعم صدام بخمسة وعشرين مليار دولار في تلك الحرب؟ إن هـذا الاعتراف مسطر ومحفوظ في إيران، وسوف يستخدمونه في الوقت المناسب بالطريقـة التي يرونها،" بحسب قوله.
وأطلق تحذيره لدول الخليج بالقول: "من أهم ما يتمناه حكام الخليج ويسعون إليه هو هزيمة إيران وانتصار التحالف الصليبي الصهيوني بقيادة أمريكا، وهذا إن وقع فأخطاره عظيمة، وهي تعني باختصار خضوع المنطقة وانقيادها التام لجميـع سياسات التحالف الكافر الفاجر على جميع المحاور".
ورأى أن ما يسعى إليه حكام الخليج "باختصار" هو "تغريب المنطقة، وتغيير وجه جزيرة العرب، واستعبادها بما يتناسب مع الغطرسة الأمريكية الصـهيونية".
وهاجم بن لادن زعماء إيران الشيعة كذلك، قائلا: "إنهم على دين فاسد محرف ليس هو دين الإسلام.. دين مبني على تقديس الأئمة إلى درجة عبادتهم، وعلى نزعة طائفية وقومية منتنة، وعلى ما تنتجه عقول وأهواء سادتهم وكبرائهم"، وفق تعبيره.
اقرأ أيضا: في وصية مكتوبة.. بن لادن ترك ملايين الدولارات لتمويل "الجهاد"
اهتمامه بالبيئة والمناخ العالمي
ومن بين ما أفرج عنه أيضا، خطاب كتبه تحت عنوان "إلى الشعب الأمريكي"، دعاه فيه إلى مساعدة الرئيس باراك أوباما في مكافحة التغير المناخي "الكارثي" و"إنقاذ الإنسانية"، في ما يمثل أحدث دليل على مخاوفه بشأن القضايا البيئية.
ويبدو أن انشغال زعيم القاعدة الراحل بالتغير المناخي ظهر في الدفعة الأولى من الوثائق التي رفعت عنها السرية في أيار/ مايو 2015، وأيضا في تسجيل صوتي بثته شبكة الجزيرة الفضائية في كانون الثاني/ يناير 2010.
وكتبت الرسالة التي لا تحمل توقيعا ولا تاريخا ونسبها مسؤولو مخابرات أمريكيون إلى بن لادن، بعد وقت قصير من تولي أوباما الرئاسة في 2009، بالنظر للإشارات إلى الأحداث داخل الرسالة.
وأكد بن لادن أن من الأفضل للعالم أن يحارب التغير المناخي بدلا من شن حرب على الإسلام، على حد قوله.
وألقى بن لادن باللائمة في الأزمة المالية التي شهدتها الولايات المتحدة في 2007- 2008، على تحكم الشركات في رأس المال وجماعات الضغط التجارية، وكذلك في حربي العراق وأفغانستان، داعيا الأمريكيين إلى القيام بثورة عظيمة من أجل الحرية لتحرير الرئيس الأمريكي من هذه التأثيرات.
وقال في الرسالة المنسوبة إليه، إن هذا سيمكّن أوباما من اتخاذ قرار عقلاني لإنقاذ الإنسانية من الغازات الضارة التي تهدد مصيرها.
يذكر أنه في الأول من أيار/ مايو 2011، قام ستة من ضباط الاستخبارات البحرية الأمريكية وبتوجيه من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بتنفيذ عملية اغتيال زعيم القاعدة، خلال عملية إنزال على مجمع سكني في مدينة أبوت أباد في باكستان.