صحافة دولية

كيف يعيش اللاجئون في منطقة قرب القطب الشمالي؟

لا تبعد المنطقة كثيرا عن القطب الشمالي
لا تبعد المنطقة كثيرا عن القطب الشمالي
أجرت صحيفة دي فيلت الألمانية زيارة لمجموعة من اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط، الذين يعيشون في بلدة هامرفيست النرويجية، التي تعد واحدة من أكثر المناطق المأهولة قربا من القطب الشمالي، ونقلت آراءهم حول مدى تأقلمهم مع هذا المناخ القطبي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هؤلاء اللاجئين الذين هربوا من بلدانهم التي تمزقها الحروب والدمار، لم يتصوروا أنهم سينتهي بهم الأمر في هذه الجزيرة التي تبعد 460 كيلومترا فقط على الدائرة القطبية الشمالية، وقد وصل بعضهم إلى هنا بعد أن أرسلتهم السلطات النرويجية، فيما وصل آخرون عبر روسيا في رحلة شاقة وطويلة لتجنب العوائق التي تم فرضها على الطرق التقليدية.

وذكرت الصحيفة أن هدى الحجار، كانت تجلس في غرفتها الصغيرة وتشاهد الثلج عبر النافذة، في مشهد يختلف كثيرا عما تعودت على رؤيته في بلدها الأصلي اليمن، الذي تمزقه الحرب المتواصلة بين التحالف الذي تقوده السعودية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. وتقول هدى: "إنه أمر رائع عندما أستفيق من النوم لأرى هذا المشهد، وهذه الثلوج والبحر والجبل".

وذكرت الصحيفة أن هذه السيدة التي جاءت مع ابنها البالغ من العمر خمس سنوات، ، تعيش هناك في منزل خشبي صغير بصفة مؤقتة، في انتظار أن تقوم السلطات النرويجية بالنظر في طلب اللجوء الذي تقدمت به. وفي هذه الأثناء اضطر المئات من اللاجئين الذين يعيشون في هامرفيست، إلى الاندماج مع الأوضاع المناخية التي لم يتعودوا عليها في الشرق الأوسط.

وذكرت الصحيفة أن درجة الحرارة في هذه المنطقة نادرا ما تتجاوز العشرة درجات تحت الصفر، وهي غالبا أبرد من ذلك بكثير، ولكن اللاجئين يؤكدون أنهم تمكنوا من التأقلم مع هذا المناخ القطبي.

ويقول رامي سعد (23 سنة)، القادم من العاصمة السورية دمشق: "أغرب شيء وجدته هنا هو طول ساعات الظلام. لقد حذروني قبل القدوم إلى هنا من الليالي القطبية، ولم أكن أصدق الأمر إلى أن جاء شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، وفجأة لم تعد الشمس تظهر، وهو ما أدى إلى إرباك ساعتي البيولوجية وسبب لي مشاكل عديدة".

كما نقلت الصحيفة عن ستيغ إيرلاند هانسن، وهو مسؤول عن محمية طبيعية في غرب المنطقة، قوله: "لقد اتصلت بي السلطات لتسألني إن كان بإمكاني إيواء بعض اللاجئين بشكل مؤقت في المنازل الخشبية الموجودة في المنطقة، التي يستعملها السياح عادة عند قدومهم في فصل الصيف، وقد قلت في البداية إن هذه فكرة مجنونة، إذ كيف يمكن لهؤلاء الناس أن يعيشوا في الظلام والبرد القارس ويتأقلموا مع هذه الجزيرة؟".

ويضيف: "بعد ذلك تبين أن الأمر ليس فقط هو ممكن، بل إنه تكلل بنجاح كبير، حيث تأقلم اللاجئون بشكل جيد، رغم أن الجزيرة لا يصل إليها أحد إلا بالقارب. ومن يأتي إلى هنا يشعر أنه في نهاية العالم أو في وسط العدم".

وأشارت الصحيفة إلى أن اللاجئين الذين يعيشون في هذه المنطقة يشعرون بالراحة رغم الظروف المناخية، وحول هذا الأمر يقول هانسن: "إنهم لا يعانون كثيرا من البرد لأنهم نشطون ويتحركون كثيرا، حيث يذهبون للصيد وجمع الخشب ويمارسون التزلج عوض أن يجلسوا في منازلهم وينتظروا قرار السلطات النرويجية، الذي قد يستغرق وقتا طويلا يفوق السنة".

وذكرت الصحيفة أن الأوضاع في هذه المنطقة بعيدة كل البعد عن الملاجئ التي تم بناؤها في بقية الدول الأوروبية، التي تشبه السجون في اكتظاظها وافتقارها للمرافق الأساسية. ففي هذه المنطقة يلعب الأطفال في الطبيعة ولا يشعرون بأي قلق وليس هنالك ما ينغص حياتهم، حيث يشعرون بالأمان وكل احتياجاتهم متوفرة. ويقول ساكريا صدّيقي، وهو شاب قادم من أفغانستان: "لم أكن أحلم أن أعيش حياة هادئة مثل هذه، وقد هربت من أفغانستان لأن جماعة طالبان حاولت تجنيدي".

أما السيدة شكرية نوابي، البالغة من العمر 62 سنة، فقد انهمرت دموعها وهي تتذكر المعاناة التي مرت بها عائلتها في كابول، فيما تقول ابنتها صوفية: "في مدينتنا كانت المنازل تتعرض للقصف المتواصل ولا يمكننا الخروج للشارع، ونتعرض لمعاملة سيئة، ولذلك فإن الظلام الموجود هنا والعزلة يعد آخر شيء يمكن أن يثير قلقنا".

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المنازل الخشبية يجب أن تكون خالية مع حلول الصيف، حتى تستقبل السياح الذين يزورون المنطقة، وبالتالي سيتوجب على اللاجئين البحث عن مكان آخر للعيش، ربما في مركز إيواء اللاجئين في مدينة "ألتا" في شمال النرويج، وهي مدينة يعيش فيها 20 ألف نسمة، ولديها تجربة سابقة إيجابية في إيواء اللاجئين وإدماجهم.

كما أشارت الصحيفة إلى أن السلطات النرويجية تنظم حلقات لمساعدة اللاجئين على الاندماج، وتعرفهم على عادات وتقاليد البلد المضيف، وخلال إحدى هذه اللقاءات قالت المرشدة الاجتماعية إنغون سوغراد: "هنا النساء يتمتعن بالحرية ويفعلن كل ما يردنه، ولا يحق للرجل اضطهادهن"، وهو ما أثار استياء المستمعين، حيث قالت المدرسة السورية عنود العلي: "لقد جئنا هنا لنعيش بسلام وليس من أجل الدخول في هذه المشاكل". وقال أحمد دواس، وهو مهندس يبلغ من العمر 36 سنة: "لقد جئنا هربا من جحيم الحرب وليس لاضطهاد النساء، لا أفهم لماذا يرددون هذا الأمر أمام اللاجئين العرب".
التعليقات (0)