دعت كاتبة
مصرية إلى حظر ختان الإناث، وتنظيم حملة شعبية تحت عنوان "بلاها ختان"، على غرار حملة "بلاها
لحوم"، التي شنها عدد من الناشطين، وقدر مراقبون أنها نجحت إلى حد ما في خفض أسعار اللحوم بالأسواق المصرية.
جاء ذلك في مقال، نشرته جريدة "الأهرام"، الأربعاء، للكاتبة (العلمانية)
نوال السعداوي، تحت عنوان: "الاستغناء والانعتاق من العبودية".
ويربط مراقبون بين نشر هذه الدعوة الجديدة لحظر ختان الإناث عبر جريدة "الأهرام"، القريبة من نظام الحكم بمصر، في الوقت الراهن، والتوجهات السياسية والثقافية، التي باتت تهيمن على المجتمع المصري حاليا، وتتحكم فيها أذرع إعلامية وثقافية، يستخدمها النظام منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو عام 2013، وذلك في ترويج وتغذية التوجهات العلمانية بين فئات من المصريين.
وفي البداية، توجهت السعداوي بالتحية إلى الحملة الشعبية "بلاها لحمة"، معتبرة أنها نجحت في ضرب سوق اللحوم والجزارين، بنسبة 40% في بعض المحافظات، وأنها أثبتت أنها الوسيلة الناجزة الحاسمة لأن يحكم الشعب نفسه بنفسه، أو يحقق ما يسمونه الديمقراطية، أو الشعار العريق "الحق فوق القوة والشعب فوق الحكومة"، وفق وصفها.
وأضافت أن "عجز حكوماتنا عن تطبيق الدستور والقانون معهود في كل العهود، وتظل الدساتير والقوانين حبرا على ورق مالم تصاحبها قوة شعبية تحولها إلى واقع".
ومن هذه المقدمة انطلقت الكاتبة إلى القول: "منذ سبعة أعوام صدر قانون منع ختان الإناث في مصر، ولم تنخفض ممارسته بل زادت عما كانت، وأكدت البيانات العالمية والمحلية الشهر الماضي، أن مصر هي الأخيرة بين الدول، وتتقدم عليها إثيوبيا ونيجيريا والصومال، وأن هناك تطورا إلى الأسوأ، في الأحياء الفقيرة بالقاهرة، والأقاليم"، على حد تعبيرها.
وزعمت السعداوي أنه انتشرت "الأكشاك لعمليات الختان، وقوافل وحدات متنقلة تحمل الأطباء بمشارطهم ومصاحفهم وفتاويهم، وأغلب من يخرقون القانون هم الأطباء، من ذوي التقوى والمسابح والأموال، وليس من الممرضات الفقيرات والدايات المقهورات"، وفق قولها.
واستطردت: "اليوم نحن في حاجة إلى حملة شعبية ترفع شعار "بلاها ختان"، على غرار "بلاها لحوم"، وذلك من أجل مقاطعة "سوق الختان" التي يتربح منها الأطباء كالجزارين في السوق"، بحسب تعبيرها.
وأضافت: "في خمسينيات القرن الماضي، لم ندرس بكلية الطب أضرار ختان الإناث أو الذكور، بل انتشرت المعلومات عن أنه طهارة وتقوى ويحمي من أمراض عدة، لكني بالبحث المستمر، ومتابعة التطور الطبي في العالم، أدركت خطأ هذه المعلومات، وبدأت في الستينيات والسبعينيات، أكشف خطورة هذه العمليات، وطرحت الموضوع بنقابة الأطباء ووزارة الصحة، وفي مقالاتي وكتبي المنشورة، وفي مجلة الصحة التي أنشأتها مع مجموعة من زملائي الشباب".
واستدركت بالقول: "إلا أن الحكومة المصرية بكل دعائمها في وزارة الصحة ونقابة الأطباء والمؤسسات الدينية والإعلامية، تكاتفوا جميعا لضرب هذه الأفكار العلمية الجديدة، وتمت مصادرة كتبي وإغلاق مجلة الصحة وعزلي من منصبي، وإسقاطي في انتخابات نقابة الأطباء بعد نجاحي بأغلبية الأصوات الشابة الجديدة، بالإضافة إلى تشويه سمعتي في كل مكان، أشاع الأطباء أنني ناقصة العقل، وأشاع رجال الدين أنني ناقصة الدين، وأشاع رجال السياسة أنني ناقصة الوطنية والهوية والخصوصية الثقافية" .
وتابعت: "ثم انتشرت المعلومات الطبية الصحيحة في أوائل القرن الحادي والعشرين، واضطرت الحكومة المصرية لإصدار القانون بمنع الختان، وتم تكريم زوجة رئيس الدولة محليا وعالميا، وحظي المحيطون بها بلقب "رواد ورائدات" منع الختان في مصر، وكنت أنا بالمنفى خارج الوطن، تطاردني قضايا الحسبة والألسنة كالأحصنة"، بحسب زعمها.
وشددت السعداوي على أن "القانون والدستور والدولة والحكومة، جميعها، لا تستطيع تنفيذ أعلى القرارت، ما لم توجد قوة شعبية منظمة واعية بفائدة هذا القرار للشعب بجميع فئاته: نساء ورجالا وأطفالا، وليس فقط للشريحة العليا من رجال الأعمال وأصحاب النفوذ".
وتساءلت الكاتبة: "هل في التاريخ البشري حكومة خدمت شعبها الذي لا يخدم نفسه؟ وهل تستطيع معونات العالم، شرقا وغربا، معاونة شعب لا يعين نفسه؟".
واختتمت مقالها بالقول: "يمكننا الاستغناء عن أشياء غير ضرورية كاللحوم والماكياج والانتخابات، تعيش أغلب النساء دون ماكياج، ويعيش أغلب الشعب المصري على الفول، وبه البروتين الأفضل من اللحم.. تكمن الحرية في الاستغناء".
و"نوال السعداوي" (ولدت في 27 تشرين الثاني/ أكتوبر 1930)، وهي طبيبة، وكاتبة وروائية مصرية.
وفي عام 1955، عملت طبيبة امتياز بالقصر العيني، ثم فُصلت بسبب آرائها وكتاباتها، بستة قرارات من وزير الصحة.
وكانت متزوجة من الدكتور شريف حتاتة، وهو طبيب وروائي ماركسي اعتقل في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وصدر لها أربعون كتابا، منها روايات: "سقوط الإمام"، و"الأنثى هي الأصل"، و"الإله يقدم استقالته" - التي تعرضت للمنع من النشر.