بعد ساعات قليلة من إصدار زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي قانون الإرهاب الجديد في
مصر، استهدفت سيارة مفخخة مبنى جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا)، في مدينة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، فجر الخميس، وأسفرت عن إصابة 30 شخصا وتدمير عدد كبير من المباني والمنشآت المحيطة به.
لكن الحكومة المصرية استقبلت
التفجير هذه المرة بتجاهل ملحوظ، واكتفى رئيس الوزراء بتفقد مكان الحادث، والاهتمام فقط يترميم المباني المتضررة، في حين هون محافظ القليوبية من أهمية وقوع ضحايا جراء التفجير.
وأعلن
تنظيم الدولة، في بيان نشره على الإنترنت، مسؤوليته عن العملية، وقال إنها جاءت ثأرا "لشهداء عرب شركس الذين أعدموا قبل شهرين في سجون الانقلاب"، على حد تعبيره.
إيه المشكلة في التفجير؟
وقلل محافظ القليوبية محمد عبد الظاهر من أهمية الحادث، قائلا "إيه المشكلة في التفجير يعني؟ ده مجرد تفجير عادي يحدث كثيرا".
وأضاف عبد الظاهر في تصريحات تلفزيونية: "الإعلام يبالغ ويهول في الحادث، بينما الموضوع أبسط من البساطة، وسيتم تعويض المواطنين المتضررين بكام ألف جنيه ونخلص الموضوع"، موجها حديثه لوسائل الإعلام بالقول: "التهويل اللي بتعملوه ده هو اللي بيطفش السياحة من البلد، بلاش تضخموا في الموضوع، ما كل يوم في تفجيرات في سيناء، والناس بتموت هناك، إيه المشكلة؟".
وتفقد رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، موقع الانفجار، وقال في تصريحات للصحفيين، إن أهل الشر لم يعد في مقدورهم إلا القيام بهذا العمل الخسيس لمحاولة إرباك المشهد السياسي وتعطيل مسيرة البناء التي انطلقت في ربوع مصر"، على حد قوله، مشيدا بالروح العالية للمواطنين، الذين يقدرون الظروف الدقيقة التى يمر بها الوطن، ويساندون الدولة فى حربها ضد الإرهاب.
وأكد محلب أن مصر ستواجه التطرف والإرهاب الأسود بمزيد من البناء والتنمية، مضيفا أن "مصر وجيشها العظيم وشرطتها الباسلة يحمون المنطقة بأسرها من الإرهاب"، كما تعهد لبعض المتضررين من التفجير: "هانصلح كل حاجة والحكومة هاتتحمل تكاليف ترميم المباني المتضررة".
وتسبب التفجير في حدوث تلفيات في قصر "محمد علي" الأثري القريب من مبنى الأمن الوطني المدمر، الذي يرجع تاريخه إلى 200 عاما، كما دمرت واجهات المنازل والمحال التجارية القريبة ومجمع محاكم ونيابات شبرا الخيمة.
الإبلاغ عن الإرهابيين واجب شرعي
من جانبه، طالب وزير الأوقاف المصري محمد مختار، بضرورة تطبيق قانون الإرهاب الجديد بحسم شديد، ومصادرة أموال كل من يثبت تمويله أو اشتراكه في تلك العمليات الإرهابية، والضرب بقوة على أيدي الإرهابيين وداعميهم، ومن يتسترون عليهم، حسب قوله.
وأضاف جمعة، في تصريحات صحفية، الخميس، أن الإبلاغ عن كل من يثبت اشتراكه في هذه العمليات الإرهابية واجب شرعي ووطني، لتقديم هؤلاء المجرمين للعدالة حتى يكف شرهم عن المجتمع.
وفي السياق ذاته، أكدت جامعة الأزهر أن التعاون مع رجال الأمن وإمدادهم بالمعلومات هو "واجب شرعي"، داعية في بيان لها، تلقت "
عربي21" نسخة منه، "الشعبَ المصري أن يقف صفا واحدا مع الجيش والشرطة في مواجهة تلك الجماعات الخبيثة التي تناصب الشعب والوطن العداء".
نسخة مكررة
ويرى مراقبون أن الحادث هو بمثابة رد سريع من الجماعات المناهضة للنظام الحاكم، بينما يرى آخرون أن تزامن هذا التفجير مع الانتقادات الشديدة التي قوبل بها القانون الجديد، يثير شكوكا حول الجهة التي تقف وراء التفجير، فضلا عن قدرة قانون الإرهاب والإجراءات الأمنية الصارمة في منع وقوع الأعمال الإرهابية في البلاد، خاصة أن طريقة استهداف مبنى الأمن الوطني في شبرا تتطابق مع طريقة تفجير مبنى القنصلية الإيطالية في وسط القاهرة الشهر الماضي.
وأعلن المستشار علي عمران، القائم بأعمال النائب العام، في بيان صحفي، تلقت "
عربي21" نسخة منه، أن الحادث تم عن طريق وضع عبوة ناسفة بسيارة نصف نقل، وقفت بجوار مبنى الأمن الوطني، ثم قام قائدها بمغادرتها والهرب من المكان، مستقلا دراجة بخارية كانت بانتظاره، وبعدها مباشرة وقع الانفجار قبل وصول أفراد الأمن إلى السيارة المفخخة.
وأكد الاتحاد الأوروبي عن دعمه للشعب المصري الذي ما زال يواجه العواقب الوخيمة للإرهاب، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين جراء التفجير.
كما أدانت وزارة الخارجية الروسية الحادث، مؤكدة رفضها التام لجميع الأعمال الإرهابية، وتضامنها مع القيادة المصرية في مواجهة التهديدات العالمية ضد البلاد.
وحذرت الخارجية السياح الروس في مصر والمسافرين إليها من "الاقتراب من مناطق الخطر، وطالبتهم بالتزام الإقامة في الأماكن السياحية البعيدة عن الأحداث".
أما الجامعة العربية، فأكدت على لسان أمينها العام نبيل العربي، ثقتها في قدرة أجهزة الأمن المصرية على ضبط الوضع الأمني في البلاد، مشيرة إلى وقوفها بجانب مصر في حربها ضد الإرهاب، ومحاولات تعطيل مسيرة الحكومة نحو الاستقرار وتحقيق الأمن في البلاد.