ملفات وتقارير

فيسك: مسلسل فشل كاميرون من تقرير الإخوان إلى دعوة السيسي

فيسك قال إن "كاميرون غير مناسب للعمل لمنطقة الشرق الأوسط" (أرشيفية) - الأناضول
فيسك قال إن "كاميرون غير مناسب للعمل لمنطقة الشرق الأوسط" (أرشيفية) - الأناضول
اتهم الكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بـ"الفشل" في سياساته الخارجية تجاه الشرق الأوسط، قائلا إن ذلك يأتي ضمن "مسلسل ممتد من تقرير الإخوان حتى دعوة السياسي لبريطانيا".

وفي مقال للكاتب الصحفي ضمن عموده في صحيفة الإندبندنت البريطانية، قال فيسك إن كاميرون غير مناسب للتعامل مع منطقة الشرق الأوسط؛ إذ اشتملت سياسته المليئة "بالتعثرات والتخبطات على تقارير متأخرة، وولاءات مرتبكة ووجهاء مدعوين لم يصلوا"، على حد تعبيره. 
 
وبلغة ساخرة، قال فيسك إن كاميرون هو المفضل لديه بخصوص العلاقات العامة، إذ إنك "لا يمكن أن تجزم مسبقا ماذا سيكون التعثر التالي له في الشرق الأوسط"، موضحا، على سبيل المثال، أن كاميرون طلب العام الماضي من السفير البريطاني السابق في السعودية السير جون جينكينز "إعداد تقرير عن جماعة الإخوان المسلمين المصرية، ممنيا نفسه بأن يتمخض التقرير عن إدانة الجماعة واعتبارها حفنة من الإرهابيين. وقال حينها إنه كان من المهم أن نفهم ما هي معتقداتها بشأن سبيل التطرف والتطرف العنيف".
 
وتابع فيسك بقوله إن "كاميرون، صاحب العلاقات العامة، يعلم جيدا أن المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج كانت تكره الإخوان المسلمين، الذين باتوا في مصر يصنفون على أنهم منظمة إرهابية غير مشروعة، وأن تقرير السير جون حول آثام هذه المنظمة البغيضة كان يقصد منه تملق النظام في الرياض، والذي نتذكر جميعا كيف سارع دافيد كاميرون بمجرد وفاة ملكه السابق إلى الأمر بتنكيس العلم البريطاني حدادا عليه"، على حد قوله.
 
وقال فيسبك إن ما أسماه "عامل الشهقات" تدخل، ولم تجر الرياح بما كان قد اشتهى دافيد، ولم يتحقق له ما أراده من تقرير السير جون، الذي كان دافيد قد وصفه بأنه "عمل في غاية الأهمية"، إذ لم يخلص التقرير إلى إلصاق تهمة الإرهاب بجماعة الإخوان المسلمين التي مضى على تأسيسها 87 عاما، والتي غدت الجماعة الإسلامية الأكبر نفوذا في العالم. 
 
وانتقل فيسك إلى ملف الدعوة السيسي للندن، الذي كان عندما أعلن أحد العاملين معه بالقول: "من المهم أن نتواصل مع البلدان التي فيها قضايا تهم المصلحة القومية البريطانية"، معتبرا أنه متساهل باللغة المستخدمة التي "يلقي بها في ثنايا حديثه بكل أريحية، مثل كلمتي (نتواصل) و(قضايا)".

وتابع فيسك بقوله إنه "كان بإمكان دافيد بالتأكيد أن يتحدث عن القتل الجماعي لما لا يقل عن 817 من المصريين، ذكورا وإناثا، الذين تعاطفوا مع الإخوان المسلمين، وتظاهروا دعما لهم في ميدان رابعة العدوية في عام 2013، والتي يصدف بالمناسبة أن تحل الذكرى السنوية الثانية لها هذا الأسبوع. أو كان بإمكانه أن يناقش المذبحة التي ارتكبت بعد ذلك في محطة رمسيس، أو إحراق من يُزعم أنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وهم على قيد الحياة داخل عربة نقل تابعة للشرطة بعد ذلك بأيام".
 
وأوضح، بلغة محتدة، أن كاميرون "كان بإمكانه حتى أن يبرز الشهادة التي أدلى بها طبيب مصري يعمل في بريطانيا، حصلت للتو على نسخة منها، يروي تجربته حين توجه ليساعد أبناء وبنات بلده في القاهرة في اليوم الذي قتل فيه أكثر من ستين مصريا قبل شهر من مذبحة رابعة. اكتشف هذا الطبيب أن كثيرا من القتلى والجرحى الذين كانوا في النزع الأخير أصيبوا في رؤوسهم بطلقات نارية، "بعض المصابين كانت رؤوسهم مفجرة"، وكان أولهم رجل في منتصف العمر وجده الطبيب، وقد تفجر الدم من رأسه ينبوعا، بسبب ما أصابه من جرح غائر. ما لبث المصاب أن لفظ أنفاسه على منضدة الجراحة".
 
وتابع قصته بالقول: "وفي طريقه إلى المستشفى الذي يعمل فيه داخل القاهرة وجد هذا الطبيب جثمان رجل ملقى في الطريق، وقد تعرض لتعذيب شديد، وكانت تنتشر في مختلف أجزاء بدنه علامات تدل على التعذيب بالكهرباء، وكذلك علامات سحق ودعس لا تكاد تخلو منها بقعة من جسده وتزداد كثافة على الفخذين والردفين والظهر والبطن، كما كانت على معصميه علامات تدل على أنه كان موثقا بالحبال".
 
كتب الطبيب في شهادته يقول: "كل بضعة أيام كنا نجد جثثا على قارعة الطريق ملقاة بشكل عشوائي تعرض أصحابها للتعذيب حتى الموت داخل السجون، وكان يلقى بهم في الشوارع بهدف تخويف المتظاهرين وردعهم".

وعندما كان أفراد العائلة يصلون لمعاينة الجثث، وبعض هؤلاء من الواضح أنهم من مؤيدي الإخوان، "كان المكان يعج بالناس بين نائح على من فقد وبين معبر عن سعادته؛ لأن أقرباءه نالوا الشهادة، كان مشهدا مأساويا. 
 
وقال فيسك في مقاله، ساخرا، إن كاميرون "كان بإمكانه أن يعلق على الشخصية النبيلة التي أضفاها الرئيس المصري المدني على نفسه، حينما ظهر على متن قارب الملك فاروق القديم أثناء الافتتاح، وقد عاد ليرتدي الزي العسكري المرصع بالنياشين، وليشاهد عرضا جويا تشارك فيه من الطائرات ما يفوق عدده ما يسع بريطانيا النفير به في "معركة بريطانيا الجديد" ضد داعش. تلك كانت كلمات وزير دفاع دافيد واسمه مايكل فالون، الذي من الواضح أنه لا يملك مهارات دافيد في العلاقات العامة".
 
وتساءل فيسك: "متى (أو هل) سيأتي السيسي إلى لندن؟"، مضيفا بقوله: "لقد عمد الرئيس المشير قبل وقت طويل إلى وضع خصومه الإخوان المسلمين في سلة واحدة مع فصيل داعش الشرس الذي يقوم الآن بذبح جنوده ورجال شرطته في سيناء ويشن الهجمات على القوارب المصرية في عرض البحر"، مشيرا إلى "مؤشرات مزعجة على أن جماعة الإخوان المسلمين تعاني من انشقاقات وخلافات داخلية، فإثر ما أصيبت به من عجز على مستوى القيادة ذهب فتيانها يتساءلون ما إذا كان الأفضل لهم أن ينهجوا في التضحية بدمائهم نفس الأسلوب الذي سلكته داعش في ممارستها للعنف". 
 
وتساءل فيسك بختام مقاله مستنكرا: "ألم يكن هناك نظام عربي آخر في عام 2011 وصم معارضيه بالإرهاب، فلم يلبث بعيدا حتى حلت داعش في مكانهم؟"، قبل أن يجيب سؤاله: "نعم، ولذلك ربما توجب على داونينغ ستريت (مقر رئيس الحكومة في بريطانيا) أن "يؤجل" الدعوة التي وجهها إلى السيسي. حينها، قد يتمكن دافيد من إيجاد حفرة رمل داخل وطنه يقلل فيها من إخفاقاته وعثراته".
التعليقات (0)