سياسة عربية

التويجري يطلق "نداء الوحدة الإسلامية" لمواجهة الإرهاب والتطرف

رئيس منظمة العدالة الدولية أحمد التويجري - أرشيفية
رئيس منظمة العدالة الدولية أحمد التويجري - أرشيفية
دعا عميد كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض وعضو مجلس الشورى السعودي السابق ورئيس منظمة العدالة الدولية، الدكتور أحمد بن عثمان التويجري العلماء والمفكرين والكتاب والمثقفين والمهتمين بالشأن العام في العالم الإسلامي من جميع الطوائف والمذاهب الإسلامية إلى تبني نداء أطلق عليه اسم "نداء الوحدة الإسلامية".

وطالب التويجري في دعوته، بأن يكون "النداء" منطلقا لمواجهة الغلو والتطرف والإرهاب، وخطوة عملية لتحقيق الوحدة الفكرية والثقافية للأمة ومواجهة ما يكتنفها من أخطار وتحديات ، ولبنة من لبنات تجسير الهوة بين الفرق والطوائف الإسلامية.

وجاء في نص "نداء الوحدة الإسلامية"،فإننا نحن الموقعين على هذا البيان من العلماء والمفكرين والكتاب والمثقفين والمهتمين بالشأن العام من جميع الطوائف والمذاهب الإسلامية، إيماناً منا بأن وحدة الأمة الإسلامية واجب من أعظم الواجبات الشرعية، وضرورة من أكبر ضرورات تحقيق مقاصد الدين، واستشعاراً منا لعظم المسؤولية تجاه أمر الله الصريح المتمثل في قوله عزّ وجلّ : "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، فإننا نعلن التزامنا التام بالمبادئ والضوابط والتطلعات التالية وندعو جميع المسلمين إلى الالتزام بها:

أولا: نبرأ إلى الله عزّ وجلّ من كل غلو يؤدي إلى شرك بالله ، أو فرقة وتناحر بين المسلمين ، أو تكفير لمسلم، وندعو جميع المسلمين إلى الاعتصام بحبل الله جميعا والالتزام بوحدة الأمة، وما يترتب على ذلك من الأخوة والمودة والتراحم والتعاضد بين جميع المسلمين، ونناشد القادرين من جميع الطوائف والمذاهب من العلماء والمفكرين وطلبة العلم إلى توحيد جهودهم لتطهير الموروث الإسلامي في جميع المدارس الإسلامية، من كل دسيسة أو اجتهاد خاطئ أدى إلى شركٍ بالله أو بدعةٍ في الدين أو تكفيرٍ لمسلم أو حكمٍ عليه بدخول النار والعياذ بالله.

ثانيا: ندعو جميع المسلمين إلى الترضي على صحابة رسول الله، والدعاء لهم ، وأقل واجب لهم علينا هو أن نلتزم  بقول الله عزّ وجلّ: "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" . 

ثالثا: إن العلماء الأعلام من آل بيت رسول الله عليه وعليهم الصلاة والسلام مناراتُ هديٍ للأمة على امتداد التاريخ، ومحبتهم واجبة على كل مسلم وهي من محبة الله ورسوله ومن أعظم ما يتقرب به إلى الله عزّ وجلّ، وفي الوقت الذي ندعو فيه الأمة إلى معرفة فضلهم وإنزالهم منزلتهم العالية والاقتداء بسيرهم الطاهرة الزكية، فإننا نناشد المسلمين جميعاً ألا يغلوا فيهم وألا يصفوهم بأي صفة من صفات الله عزّ وجلّ،  أو يلحقوا بهم قدرةً أو سلطة ًمما اختص الله به نفسه.

رابعا: إن ما وقع بين الأجيال الأولى من المسلمين من خلافات ونزاعات، إنما كانت فتناً نتجت عن اجتهادات خاطئةٍ أو ضعف إنساني أو مكائد أعداء ، وقد قدم كل من شارك فيها إلى الله عزّ وجلّ وأمرُه موكول إليه وهو أعدل الحاكمين، وليس من الدين ولا من العقل ولا من الحكمة في شيء أن ينشغل المسلمون اليوم بتلك الفتن، دع عنك أن يجعلوا الخلاف حولها سبباً لفرقتهم وتشتيت شملهم ، وحسب المسلمين جميعاً في شأن تلك الأجيال قول الله عزّ وجل : "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون" .

خامسا: إن السعي إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية سواء في مسائل الاعتقاد أم الفقه واجب شرعي وضرورة عملية، وإن أمثل نهج للتقريب المنشود يبدأ أولاً بمحاربة الغلو والتطرف والتكفير واجتثاث جذورها من جميع المذاهب ومن أوساط جميع المجتمعات المسلمة، ثم بتأكيد القواسم المشتركة ومساحات الاتفاق ومواطن التلاقي، والتذكير بها وتأصيلها، وبالحوار العلمي الموضوعي المتجرد الملتزم التزاماً كاملاً بضوابط الحوار وآدابه بين العلماء والمفكرين والباحثين، وإن من الواجب تأكيد أنه ليس من الضروري ولا من المطلوب ولا المتوقع أن تتطابق رؤى المسلمين حول كل المسائل، ولا أن تنصهر مدارسهم في مدرسة واحدة؛ لأن تعدد الاجتهادات داخل دائرة الإسلام باب للتوسعة على الأمة ورفعِ الحرجِ عنها، وسنةُ الاختلاف بين الناس ماضية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.  

سادسا: إن منهج العنف واستخدام السلاح من الأفراد والجماعات خارج دائرة الدفاع عن النفس بضوابطه الشرعية المعتبرة ليس من الإسلام في شيء، ولا يقره شرع ولا عقل ولا خلق، وإن من أوجب ما أوجبه الله على المؤمنين اجتنابَ العدوان، وإن من أعظم ما أمرهم به أن يكونوا دعاة سلامٍ وأئمةَ هديٍ ورحمةٍ للعالمين،  ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس فإننا ندين إدانة كاملة كل أعمال العنف ضد الأبرياء من جميع الفئات وفي كل مكان، ونناشد الأمة بأن تتوحد في مواجهة التطرف والغلو والإرهاب من أي طائفة أتى وتحت أي شعار كان.

سابعا: إننا نناشد جميع الحكومات في العالم الإسلامي بأن تتصدى لمسؤولياتها الشرعية والأخلاقية والتاريخية، وذلك بتعميق معاني الوحدة الإسلامية وترسيخها ونشر قيم التسامح والتآخي بين المسلمين، من خلال التعليم والإعلام والمناشط العلمية والثقافية والاجتماعية، والتصدي بحزم لكل دعاوى الفرقة والتناحر من أي فئة كانت، كما نناشد علماء الأمة ودعاتها ومفكريها ومثقفيها إلى أداء واجباتهم الشرعية والأخلاقية تجاه ما تشهده الساحات الإسلامية من صراعات وفتن، وذلك بتوحيد مواقفهم تجاه تطهير ما في موروث الأمة من انحرافات وتشوهات، وتكثيف جهودهم لنشر خطاب التسامح والتراحم بين المسلمين، وتأصيل منهج الاعتدال والوسطية في أوساط الأمة.

ثامنا: إن حرمة الدماء البريئة لا تعدلها حرمة في دين الإسلام ، وإن إزهاق روح بريئة واحدة يساوي عند الله إزهاق أرواح البشرية كلها ، فقد قال الله عزّ وجلّ : "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ" ، وإن من أوجب واجباتنا حكومات وشعوباً أن نغرس هذا المعنى العظيم في نفوس الأجيال وأن نربيهم عليه، وإن ما يشهده عالمنا الإسلامي اليوم من عنفٍ وإرهابٍ واستباحة للدماء المحرمة، إلى جانب كونه خروجاً صارخاً عن تعاليم الإسلام وقيمه ومبادئه، فإنه لا يهدف إلا إلى تمزيق وحدة المجتمعات المسلمة وتشتيت شمل الأمة وإضعافها، وإن أعظم ما نواجه به هذا الشر المستطير والخطر الداهم هو أن نتشبث بأواصر الأخوة بيننا، وأن نزيل أسباب الفرقة والتناحر من مجتمعاتنا، ومن هذا المنطلق فإننا نناشد جميع الشعوب الإسلامية رجالاً ونساءً وشيباً وشباباً أن يُفشلوا رهانات المتطرفين والإرهابيين وأعداء الأمة، بالتمسك بحبل الله المتين والتوحد على الحق وإحياء قيم الإسلام وتعاليمه في الحياة، ومواجهة كل دعاوى الفرقة والتناحر بحزم وثبات وإيمان عميق بوجوب الوحدة وحرمة التفرق.

تاسعا: إن التجاوزات التي تقع من فردٍ أو أفرادٍ من طائفة بحق طائفة أخرى يجب ألا يحمل مسؤوليتها عموم الطائفة التي ينتمي إليها  المتجاوز أو المتجاوزون، فليس ذلك من العدل ولا من الإنصاف، بل الواجب ألا تسبغ عليها أي صفة طائفية، فلا تزر وازرة وزر أخرى، وهي تجاوزات يجب أن تواجه وتعالج كمثيلاتها من التجاوزات . 

عاشرا: إن من أعظم أسباب الجنوح إلى العنف والتطرف في أي مجتمع غيابَ الشورى والعدلِ وامتهانَ الكرامة الإنسانية والتضييقَ على الحريات، وإن من أعظم ما نحارب به جنوح الشباب إلى العنف المدمر في مجتمعاتنا، إقامةَ نظمنا السياسية على أساس الشورى والعدل والمساواة وصيانة الكرامة الإنسانية، وتوسيعَ دوائر الحرية المنضبطة بضوابط الشرع، وإشراكَ المجتمعات في اتخاذ القرارات المصيرية، واستثمار طاقات الشباب في بناء الأوطان، وهذا ما ندعو الحكومات في جميع البلاد الإسلامية إلى الأخذ به وتحقيقه على أمثل وجه.

الحادي عشر: إننا ندعو الجامعات ومراكز البحث في العالم الإسلامي إلى إقامة سلسلة من المؤتمرات والندوات المتخصصة، يشارك فيها علماء الشريعة من جميع الفرق الإسلامية لتنقية الموروث الإسلامي من كل ما علق به من دسائس وانحرافات، والتقريب بين المدارس الإسلامية في مسائل الاعتقاد والفقه على أسس علمية متجردة، كما ندعوها إلى إقامة سلسلة من المؤتمرات والندوات المتخصصة يشارك فيها العلماء في جميع التخصصات ذات العلاقة، والمفكرون والباحثون والسياسيون والمسؤولون الأمنيون لدراسة أسباب الغلو والتطرف والتكفير والعوامل المؤثرة فيها، وسبل معالجتها ومواجهتها ، حماية للأمة وصيانة لمستقبل أجيالها.
التعليقات (0)