اجتاح هاشتاغ "وينو البيترول" (أين
البترول) مواقع
التواصل الاجتماعي في
تونس، كعنوان لحملة افتراضية تنادي بفتح ملف
الثروات الطبيعية في مهد الربيع العربي، والذي يعتبر من بين الملفات الغامضة التي ظلت خارج دائرة التركيز الإعلامي.
وجاء إطلاق الهاشتاغ تفاعلا مع الأحداث التي شهدتها منطقة الفوار، إحدى مدن محافظة قبلي في الجنوب التونسي، على خلفية المطالبة بحق العمل والتنمية، خاصة أن المدينة لا تتوفر فيها أي من مقومات التشغيل، وهو ما فجّر موجة الاحتجاجات التي حفّزها اكتشاف بئر نفطية جديدة بالمنطقة، لكن جوبهت هذه الاحتجاجات بمعالجة أمنية حادة.
وقد ساهمت احتجاجات مدينة الفوار في إعادة تسليط الضوء على ملف الطاقة من خلال البترول ثم باقي الثروات الطبيعية، حيث أجمعت أغلب التعليقات والتغريدات، التي رصدتها "عربي21"، في مواقع "فيسبوك" و"تويتر"، على أن هذه الملفات كانت دائما خارج دائرة الضوء، وأنه آن لها أن تُكشف للعلن تماهيا مع حق دستوري كفله دستور الجمهورية الثانية في تونس، وهو حق النفاذ إلى المعلومة.
وارتكزت الحملة الافتراضية على استعمال مكثف لمجموعة من الوسومات (هاشتاغ)ـ كـ"ويني ثروات بلادي" و وينو الملح" و"وينو الفسفاط"، من خلال إدراج هذه الوسوم في كل تغريدة أو تعليق، سواء في الصفحات الشخصية للمشاركين أو على الصفحات الرسمية للمشاهير، كرئيس الولايات المتحدة الأمريكية،باراك أوباما، أو رئيس منظمة "الأعراف" ودواد بوشماوي، وغيرهم.
وفي تصريح لـ"عربي21"، قال أحد القائمين على الصفحة الرسمية لحملة "وينو البيترول" إن الحملة تهدف إلى الضغط على السلطات التونسية من أجل فتح جدي لملف الثروات الطبيعية في البلاد، من ملح وفوسفات ونفط وغيرها، مؤكدا أن الحرص على جعل هذا الملف خارج دائرة التناول الشعبي يثير الريبة.
وفي رد على بعض من سخر من الحملة، باعتبار أنها انبنت على معلومة مغلوطة تفيد بأن تونس تسبح فوق بحر من البترول، قال القائمون على الصفحة الرسمية للحملة إن الهدف من تحركهم هو كشف دقيق لمقدرات البلاد الطبيعية وكيفية إدارة الدولة لها، وهو ما سيحدد إن كانت تونس تسبح فوق بحر أو نهر، وأن الحملة تهدف أساسا إلى تثبيت الشفافية كممارسة والنفاذ إلى المعلومة كحق دستوري، على حد تعبيرهم.
وتفاعلا مع الحملة، قال الباحث التونسي في علم الاجتماع، سامي براهم، عبر صفحته على فيسبوك، إن الطّاقة هي الصّندوق الأسود لماضي البلد وحاضره ومستقبله، وإنه يوم يفتح هذا الصندوق ستفتح معه كلّ ملفات
الفساد الدّاخلي والارتهان الخارجيّ، "وسيبدأ تاريخ جديد لتونس و شعبها مع الحقيقة و العدالة و الثروة و الثورة"، حسب قوله.
وعلى نحو طريف، ونظرا لنجاح الحملة في استقطاب شرائح مختلفة من المجتمع التونسي، سارعت إفريقية للإعلام، الجناح الإعلامي لكتيبة عقبة بن نافع، المصنفة كمنظمة إرهابية، إلى تقديم رأيها في الموضوع وعرض طرحها عبر حسابها في تويتر، من خلال تغريدة قالت فيها إن البترول تحت الأرض، وعلى المُنخرطين في هذه الحملة، الذين وصفتهم بـ"المغفلين"، أنّ يرفعوا السلاح في سبيل الله ويفتكوا حقوقهم بأيديهم، وتحدثت عن أن الاكتفاء بالحملة الافتراضية هو محض "ميوعة على الإنترنت"، وفق تعبيرها.
ويرى مراقبون أن هذه الحملة نجحت في إذابة الحواجز الإيديولوجية بين مختلف فئات المجتمع التونسي، وأن سرعة انتشارها ستمثل ضغطا حقيقيا على الحكومة والبرلمان الذي بات مطالبا بكشف حقيقة ملف الثروات الطبيعية، أيا كانت، للشعب الذي يمثله.