مقالات مختارة

هل يستطيع أوباما إقناع دول الخليج

برهان الدين دوران
1300x600
1300x600
كتب برهان الدين دوران: السياسة التي يتبّعها باراك أوباما مع إيران تُقلق دول الخليج العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. ما يُعرف بـ"مبدأ أوباما" الجديد يعوّل على إدخال إيران إلى النظام الدولي من خلال الطرق الديبلوماسية، مع التلويح بالقوّة العسكرية الأمريكية.

من جهته، يُدرك أوباما تماما القلق الشديد الذي سيبدر من حلفائه الإسرائيليين والخليجيين، عندما توقّع الولايات المتحدة الأمريكية الاتفاقية النووية مع إيران. لذلك، فهو يحاول تهدئة إسرائيل بالتأكيد على منع حصول إيران للسلاح النووي بالطرق الديبلوماسية. وذلك بتوكيل الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفتيش كل مكان مشتبه به بتخصيب اليورانيوم.

أما بالنسبة لدول الخليج العربي، فمن أجل إقناع الآخر، دعا أوباما رؤساء دول الخليج لقمة كامب ديفيد الأخيرة. هذه القمة بدأت بإشارات توحي بصعوبة ومشقّة إقناع الخليج. ولم يشارك الملك سلمان بن عبد العزيز ملك السعودية في هذه القمة، وفوّض ولي عهده الأمير نايف بدلا عنه للمشاركة فيها. هذه الخطوة بادر بها رؤساء باقي دول الخليج باستثناء قطر والكويت.

في المقابلة التي أجراها أوباما مع توماس فريدمان، قال إن على دول الخليج إجراء إصلاحات سياسية داخلية. ونوّه أوباما إلى المخاطر الداخلية التي تهدّد دول الخليج، وقال إنها مخاطر أكبر من خطر التمدّد الإيراني. ولكن الحقيقة، هي أن دول الخليج فقدت فرصة الإصلاحات التي تحدّث عنها أوباما على الأقل في المدى القصير، عندما ساهموا في قمع الإخوان المسلمين. ولم يبقوا لمواطنيهم السنّة خيارا سوى القاعدة وداعش. وأمريكا لم تكن مكترثة في وقف مرحلة تصفية الإسلاميين الديمقراطيين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال استخدام إيران "قوّتها الناعمة" كبير، وذلك عندما تقوم دول الخليج بإصلاحات تُطمئن بها مواطنيها الشيعة. ولهذا السبب، فإن دعوة أوباما لدول الخليج بإجراء إصلاحات داخلية لا معنى لها عند حكّامها.

وأدلى أوباما بتصريحات مشابهة لصحيفة الشرق الأوسط، قال فيها إن "الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام كل قوّتها للدفاع عن دول الخليج، ضد التحرّكات الإيرانية في المنطقة". وأكّد أوباما أن الولايات المتحدة ستدعم وبشكل كبير تطوير القدرات الدفاعية لتلك الدول. وهذا يعني تصدير وبيع كميات أكبر من الأسلحة للخليج. ورغم كل التطمينات الأمريكية لدول الخليج، فقد بدأت قمة كامب ديفيد بتخوّف زوال الحماية والتغطية الأمريكية على المدى البعيد عن الدول الخليجية. فالولايات المتحدة باتت منهكة من مشاكل المنطقة، ولم تَعُد تهتم لنفطها. 

والنقطة الحسّاسة والمهمة في الشرق الأوسط، هي أن إدارة أوباما تحفّز الصراع بين إيران ودول الخليج. والنقطة التي أشار أوباما إليها (الحل الديبلوماسي في المنطقة) لا تبدو سهلة المنال على المدى القصير. فالوقوف أمام إيران لن يكون بهذه السهولة والبساطة، وبخاصة أن إيران تتّبع سياسة تركيب الأيديولوجية مع الذرائعية (البراغماتية) للهيمنة على المنطقة برمّتها. وهي قادرة على اتباع سياستين منفصلتين عن بعضهما في المنطقة؛ فهي ستُحافظ على مليشياتها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وبذلك فهي ستحافظ على نفوذها. لا ننسى أن حل المشاكل التي تركتها الولايات المتحدة للقوى المحلية (السنّة المتطرفين)، تشكّل مصدر الشرعية لإيران في تشكيل "مليشيات شيعية أجنبية".

أمام هذا العنف الشديد في المنطقة، ستتحوّل الحلول إلى "قوة ناعمة" لفض هذا العنف. وسياسة أوباما في الشرق الأوسط هي، ترك حل مشكلات المنطقة للقوى المحلية وبالتالي جر المنطقة إلى فوضى وعدم استقرار، كما يتبنى سياسة عدم التدخّل إن لم يضطّر الأمر للتدخّل. وكما تبدو الصورة، فإن الحرب بين الدول الإقليمية ستستمر عبر وكلائها في الشرق الأوسط والمتمثل  بالسنة المتطرّفين والشيعة المتطرفين. وللأسف فإن قوة المنطقة ترتد على نفسها، وهي مادامت تحت السيطرة لن تكترث أمريكا لها.

(عن صحيفة "صباح" التركية- تجمة وتحرير: عربي21)
التعليقات (1)
pearls shine
السبت، 16-05-2015 12:57 م
تحليل للواقع جيد جدآ. شكرآ.