شهدت منطقة
الأحواز الإيرانية، الغنية بثرواتها الطبيعية التي تقطنها بشكل أساسي الأقلية العربية في البلاد، سلسلة من الاحتجاجات والاشتباكات مع قوات الأمن خلال الأسبوع الماضي.
ووفق ما نشرته "ميدل إيست آي"، شارك مئات الأشخاص الاثنين الماضي، في جنازة بائع متجول كان أضرم النار في نفسه في الرابع عشر من آذار/ مارس الجاري، احتجاجا على مصادرة السلطات الإيرانية لبسطة الخضار والفواكه التابعة له.
ووفق ما نشره موقع "أحوازنا" (التابع لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز)، شهدت
مدينة المحمرة مظاهرة واسعة ضد ما تسميه "الاحتلال الفارسي" عقب تشييع جثمان البائع المتجول، وتصدى المتظاهرون لقوافل قوات الباسيج، ومنعوها من دخول المدينة.
وتوفي يونس عساكره البالغ من العمر 34 عاما الأحد الماضي، تاركا خلفه زوجة وطفلين، كان يعولهم من خلال بيع الخضار والفواكه، في مدينة المحمرة العربية (وهو الاسم التاريخي الذي يصر سكانها على استخدامه رغم أن الدولة تطلق عليها اسم خرمشهر) في الأحواز، بحسب ما أفاد به نشطاء محليون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وعقب تشييع جنازة عساكره، انطلقت مظاهرة حاشدة ضد "السياسات العنصرية" التي تنتهجها السلطات الإيرانية، وفق الموقع الأحوازي.
وشارك الآلاف من أبناء الأحواز في مدينة المحمرة وسائر المدن الأخرى في هذه المظاهرة، وعبروا عن رفضهم للاحتلال.
ورفع المتظاهرون الأحوازيون صورا لعساكرة، ولافتات مكتوبا فيها "كلنا يونس"، وذلك تأكيدا على دعمهم لعائلة الشهيد عساكرة، وتقديرا لتضحيته، وتعبيرا عن غضبهم من العدو الفارسي.
ووصف الموقع الفقيد عساكرة بأنه "
بوعزيزي الأحواز".
وعقب ذلك، انتشرت قوات مكافحة الشغب الإيرانية في المكان، وقامت باعتقال عدد من الأشخاص، بعد أن اندفع المعزون إلى الشوارع يهتفون بشعارات معادية للحكومة.
وبحسب "ميدل إيست آي"، فقد ضغطت السلطات على عائلة عساكرة، وأخرت تسليم جثمانه إليهم لضمان تسيير جنازة صغيرة، وتجنب تحولها إلى مسيرة احتجاجية. إلا أن مساعى الحكومة بهذا الشأن باءت بالفشل.
ونقلت أن السلطات كانت تقوم بمهمة إزالة البسطات غير المرخصة من الشوارع تمهيداً للقيام بجولات تنظمها الدولة لزائرين سيرتادون المنطقة من أقاليم أخرى تابعة للمحمرة، وذلك لإطلاعهم على آثار الدمار التي خلفتها الحرب العراقية الإيرانية (التي دارت رحاها ما بين عام 1980 وعام 1988).
وفي تصريح لموقع "ميدل إيست آي"، قال أمير سعدي، وهو ناشط حقوقي وخريج كلية طب مقيم في لندن: "بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية تركت المحمرة عمداً في الأنقاض والركام، ما حال دون عودة بعض اللاجئين إلى ديارهم فيها".
وأضاف: "إضافة إلى العائلات التي شردت من ديارها لعقود من الزمن، فإن من بقي منهم داخل المحمرة يجد صعوبة بالغة في إيجاد مصدر رزق في منطقة أراد النظام الاستمرار في استخدامها كما لو كانت "متحفاً مفتوحاً" لأغراض دعائية".
احتجاجات مباريات كرة القدم
قبل وفاة عساكرة، شهدت المنطقة أيضا احتجاجات، بعد أن حاولت قوات الأمن قمع مشجعي كرة القدم الذين هتفوا بشعارات مؤيدة للعرب أثناء مباراة جرت في السابع عشر من آذار/ مارس.
وكانت المباراة بين فريق فولاد خوزستان المحلي وفريق نادي الهلال السعودي، ويقال إن المشجعين سعوا إلى التأكيد على هويتهم العربية من خلال إطلاق شعارات ترحيبية بالفريق الزائر.
وألقت قوات الأمن القبض على عشرات المشجعين بعد حرق صور للخميني وعلي خامنئي،"الزعيمين الروحيين" للجمهورية الإيرانية.
ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي ينظم فيها الشباب الأحوازي الاحتجاجات ضد الحكومة بعد مباريات كرة القدم؛ "فحتى مباريات كرة القدم التي نظمت أخيراً تحولت إلى احتجاجات جماهيرية"، كما قال دانيل بريت المهتم بمتابعة التطورات في منطقة الأحواز في مقال نشر له العالم الماضي في صحيفة "ذي هافنغتون بوست".
ويبدو أن التوترات الحاصلة في منطقة العرب داخل إيران انتقلت إلى لندن، حيث تجمع عدد من نشطاء الأحواز يوم الثلاثاء في تظاهرة احتجاجية أمام مقر الـ"بي بي سي" ليعربوا عن سخطهم بسبب ما زعموا أنه تقاعس المحطة البريطانية عن نشر وقائع الأحداث المتصاعدة في بلادهم.
إلا أن شبكة "بي بي سي" قامت فعلا بنشر تقرير حول جنازة العساكرة في اليوم ذاته، الذي تجمع فيه الأحوازيون أمام مقرها في احتجاج تدخلت الشرطة فيه لمنع المشاركين من دخول المبنى لتسليم رسالة احتجاج إلى إدارة المحطة.