ملفات وتقارير

ناقل البحرين.. مصلحة أردنية أم إسرائيلية؟

يرى خبراء أن المشروع هو "مصلحة إسرائيلية" و"بداية سلسلة من الأخطار البيئية" - أرشيفية
يرى خبراء أن المشروع هو "مصلحة إسرائيلية" و"بداية سلسلة من الأخطار البيئية" - أرشيفية
يختلف خبراء في المياه والبيئة مع تصريحات رسمية أردنية بأن مشروع ناقل البحرين المشترك مع الاحتلال الإسرائيلي هو مصلحة أردنية وطنية.
 
ويرى الخبراء أن المشروع الذي وقع مؤخرا بين الطرفين وبدعم من البنك الدولي هو "مصلحة إسرائيلية" و"بداية سلسلة من الأخطار البيئية" التي ستعصف بالبحر الميت والمياه الجوفية الأردنية في حال المضي في المشروع.
 
نبذة عن المشروع 

تتضمن المرحلة الأولى من المشروع بناء قناة تربط البحر الأحمر بالبحر الميت بطول 180 كيلومترا وتحت مبررات رسمية أردنية بأن الهدف من هذا المشروع هو رفع منسوب المياه في البحر الميت التي قد تجف بحلول العام 2050، حسب بعض الدراسات.
 
كما تتضمن هذه المرحلة إنشاء محطة تحلية جنوب خليج العقبة لتحلية نحو 70 مليون متر مكعب من مياه البحر الأحمر يتم نقل 20 مليونا منها لمدينة العقبة، ونقل 50 مليونا لمدينة إيلات الإسرائيلية، كما ستحصل السلطة الفلسطينية على ثلاثين مليون متر مكعب من المياه لتزويد مناطق جنوب الضفة الغربية.
 
وفي المقابل، سيحصل الأردن على خمسين مليون متر مكعب سنويا من مياه بحيرة طبريا غير المعالجة لتغذية المناطق الشمالية بسعر 27 قرشا للمتر المكعب الواحد، وستصب مخرجات المحطة من المياه المالحة في البحر الميت لترفعه 20 سم، حسب تصريحات وزير المياه الأردني حازم الناصر.
 
وتبلغ كلفة المشروع حسب الموقع الذي خصصته وزارة المياه الأردنية للتعريف بالمشروع 900 مليون دولار، وسيعمل الأردن على توفير جزء منها، فيما ستوفر الباقي جهات مانحة من خلال البنك الدولي.
 
خبراء مياه: المشروع صهيوني 100%

المستشار والخبير البيئي البروفسور سفيان التل يصف المشروع "بالصهيوني 100 %" مخالفا ما قاله رئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور ووزير المياه حازم الناصر بأن المشروع وطني بامتياز.

 
يقول التل في محاضرة نظمها حزب جبهة العمل الإسلامي حول ناقل البحرين إن "هذا المشروع مخطط له من الصهيونية منذ أمد بعيد". وأضاف: "كانت الفكرة مد قناة من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الميت، ثم فشل المشروع لعدم جدواه الاقتصادية لدى العدو، ورفض الأردن له والحشد ضده قبل سنوات، ليعود المشروع بفكرة مد قناة من البحر الأحمر للميت".
 
و حسب التل، فإن "فكرة المشروع تعود لسنة 1850 عندما قرر مؤسس الصهيونية هيرتزل في كتابه "الأرض الموعودة" شق قناتين، الأولى للري من بحيرة طبريا للبحر الميت، والثانية للأغراض الملاحية وإنتاج الكهرباء، وتربط البحر المتوسط بالبحر الميت، وحدد هيرتزل سنة 1923 لبدء المشروع" .
 
ويدعم التل حديثه حول أن المشروع "إسرائيلي 100%" بما قاله لعربي21 -على هامش الندوة- من أهداف تسعى "إسرائيل" لتحقيقها من هذا المشروع ومن أبرزها "سعي الصهاينة لتوليد الطاقة الكهربائية من فرق الارتفاع في تدفق المياه بين البحرين، واستغلال الطاقة الكهربائية الناتجة عن فرق درجات الحرارة بين طبقات الماء المالح والأكثر ملوحة، وإقامة عدة مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة وتحلية المياه، ويقال إنها أربعة مفاعلات، كما سيقوم الاحتلال بإقامة مجمعات سكنية تستوعب آلاف المهجرين، وإمدادهم بالطاقة الكهربائية المولدة، واستغلال الصخري الزيتي، وإقامة بحيرات صناعية لتربية الأسماك والسياحة، وإنشاء 100 مستوطنة زراعية في النقب الشمالي، بالإضافة لأهداف دينية تحقيقا لنبوءة في التوراة تقول إن الصيادين سيقومون بالصيد في البحر الميت، حيث قام الاحتلال بإنشاء شركة متخصصة بصيد السمك، وبدأ بمنح التراخيص".
 
الحكومة الأردنية تعُدُّه إنجازا وطنيا

وزارة المياه والري الأردنية دعت إلى "عدم تسييس" المشروع، وقال وزير المياه الأردني حازم الناصر بعد عرضه المشروع على اللجنة المالية في مجلس النواب، إن "مشروع ناقل لبحرين هو مشروع مائي ولا يجب تسييسه"، مبينا أن "الأردن تمكن منذ عام 1979 من فرض مشروع ناقل البحرين (الأحمر/ الميت) بوصفه مشروعا وطنيا في مواجهة المشروع الإسرائيلي (المتوسط/ الميت) الذي كانت إسرائيل تعتزم المضي فيه منفردة".
 
وترى الأردن أن المشروع سيعود بفوائد على المملكة التي تعدّ من أفقر دول العالم بالمياه، تقول الحكومة عبر موقع وزارة المياه إن "الأردن سيوفر في المرحلة الثانية أكثر من 800 مليون متر مكعب من المياه العذبة سنويا، بالإضافة لتوليد 500 مليون ميغاوات من الكهرباء، ورفع منسوب البحر الميت".
 
ويرى رئيس لجنة المياه والبيئة في نقابة المهندسين الأردنيين محمد أبو طه أن الحكومة الأردنية "مارست تكتما حول بنود اتفاقية ناقل البحرين، حيث لم تطلع أحدا عليها وحتى مجلس النواب الأردني"، يقول: "لم يقرأ أحد الاتفاقية، وفي الوقت الذي كانت الصحف الأردنية تهلل فيه بالاتفاقية، كانت الصحف الصهيونية تقول إنها كارثة بيئية".
 
يستغرب المهندس أبو طه أن تضخ الحكومة حسب الاتفاقية 50 مليون متر مكعب من المياه النقية للكيان الصهيوني، بينما يحصل الأردن مقابلها على مياه غير نقيه وغير نظيفة بحاجة لتنقية من بحيرة طبريا، مؤكدا "وجود عراقيل تضعها حكومة الاحتلال أمام حصول الفلسطينيين على 30 مليون متر مكعب؛ حيث يشترطون وجود خزان مائي كبير في مناطق الضفة لاستيعاب هذه الكميات وفي الوقت ذاته لا يسمحون للفلسطينيين ببناء هذا الخزان".
 
أما بخصوص رفع منسوب البحر الميت، يقول الخبير المائي إن "تحلية المياه سترفع مستوى البحر الميت سنتمترات، محملا "إسرائيل" أسباب انخفاض منسوب مياه البحر الميت من خلال سرقة روافد نهر الأردن من خلال أنابيب شفط، وتحويله إلى مكرهة صحية تصب في البحر الميت".
 
تحذيرات من مخاطر المشروع

الخبير البيئي والمائي سفيان التل يحذر من جملة مخاطر مستقبلية قد تنجم من تنفيذ المشروع، ويؤكد حصوله على خارطتين إسرائيليتين للبحر الميت، الأولى تقول إن مساحته 1060 كيلومترا مربعا إذا كان معدل تدفق المياه من القناة  1200 مليون متر مكعب سنويا، بينما إذا زاد التدفق إلى 1600 مليون متر مكعب تصبح مساحته 1076 كيلومترا.

 
وحسب التل، فهذا يعني "إغراق أراضٍ أردنية وفلسطينية، وإغراق أجزاء من طريق سويمة العقبة؛ لوجود أجزاء تحت منسوب البحر الميت، بالإضافة لإغراق منشآت شركة البوتاس العربية في حين أن المنشآت الإسرائيلية لن تتأثر؛ لأنها بنيت على مستوى مرتفع".
 
ويحذر التل من "تشقق القناة وتسرب المياه المالحة لتدمر المياه الجوفية الأردنية، خصوصا مع احتمال تزايد النشاط الزلزالي في منطقة أخدود وادي الأردن غير المستقرة، حيث تسجل المراصد 26 زلزالا في الشهر الواحد لا يشعر بها الإنسان العادي".
 
ويضيف: "كما سيتم تحويل البحر الميت من بحر متفرد إلى بحر حي ملوث بسبب خلط نوعين من الكيماويات، هي السولفات والكالسيوم، ما سيعيق أيضا عملية استخراج الأملاح بسبب تشكل طبقة بيضاء على السطح".
 
ويحذر الخبراء في مجال المياه من أن "إسرائيل" تسعى لتنفيذ عدة مشاريع مائية تصل إلى خمسة مشاريع في المستقبل، منها ما يعرف ببحيرة شالوم التي ستجر المياه إليها من البحر المتوسط بواسطة نفق بطول 72 مترا وقطر 10 ملمترات، وتبلغ مساحة هذه البحيرة ثلاثة كيلومترات، بعمق 80 مترا، وتبعد 20 كيلومترا عن القدس، حيث سيتم التحكم اليدوي بالمياه ومن المتوقع أن تسقط المياه من بحيرة شالوم للبحر الميت لتوليد الكهرباء، ويتوقع أن ترفع منسوب البحر الميت 300 متر مكعب خلال ثلاث سنوات.
 
وتنشر مواقع إسرائيلية لمشروع آخر يسمى "وادي السلام" وهو عبارة عن مد قناة مفتوحة من البحر الأحمر إلى البحر الميت، مرورا بوادي عربة الذي سيشهد تطورا عمرانيا وسياحيا يستقطب العرب جميعهم، على حد تعبير فيديو إسرائيلي توضيحي للمشروع.

لمشاهدة الفيديو اضغط هنا.

التعليقات (0)