نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، تقريرا بعنوان "الإسلاميون في الأردن"، علقت فيه على سياسات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني تجاه الإسلام السياسي.
وجاء في التقرير: "السياسة في الأردن نوع من المقامرة، فالملك عبدالله الثاني يريد تطوير نسخة من الدين تكون أكثر انسجاما مع الأنظمة في المنطقة، وذلك جزء من حربه ضد المتطرفين الإسلاميين.. وذلك بمشاركة عبد الفتاح
السيسي، الرجل العسكري الذي تحول إلى رئيس لمصر، الذي يحضّر لقمة الشهر المقبل يدعو إليها القادة المسلمين تعقد في جامع الأزهر في القاهرة، الذي يعد من أقدم مراكز التعليم السنية التي تناقش سبل تحديث الإسلام".
وتعلق المجلة على المبادرة وموقف الشارع الأردني منها قائلة: "مع أن أصواتهم مخنوقة بسبب قوانين مكافحة الإرهاب، فإن الكثير من المواطنين متشككون. ففي بلد تبلغ فيه نسبة السكان السنة 90% يتساءل الكثيرون عن السبب الذي جعل الملك ينضم إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد جهاديي الدولة الإسلامية. وكتب كاتب أردني: (لا نفهم السبب الذي دفع الملك للانضمام إلى التحالف ضد السنة السوريين في الدولة الإسلامية، ودعم بقاء بشار الأسد، الذي تلطخت يداه بالدماء أكثر من الدولة الإسلامية). وبعد القبض على الطيار الأردني الذي تحطمت طائرته في سوريا في كانون الأول/ ديسمبر، دعت مجموعة من الضباط المتقاعدين، في بيان لها، إلى انسحاب الأردن من التحالف".
ويشير التقرير إلى أن "ظهور الملك في المسيرة في باريس، إلى جانب القادة العالميين بعد الهجوم على مجلة (شارلي إيبدو) الساخرة، أثار غضب المواطنين. وبعد عودته من فرنسا جذبت تظاهرة الآلاف الذين احتجوا على الكرتون المسيء للنبي محمد".
وتقارن المجلة بين طريقة تعامل الأب
الملك حسين مع الإسلاميين وبين المدخل الصدامي للملك الحالي قائلة: "يتذكر الكبار في العمر مدخلا أقل فظاظة تبناه والد
الملك عبد الله، الملك حسين الذي حافظ على تقاليد طويلة في التحالف مع الإسلاميين. وبالتأكيد فالعائلة الهاشمية، التي تقول إنها تنحدر من عائلة النبي محمد، فإن ذلك يعطيها سلطة دينية وجاذبية دائمة. ففي الخمسينيات من القرن الماضي اعتمد الملك حسين على الإخوان المسلمين، الحركة الإسلامية الرئيسة لوقف دعوات الثورة، التي دعت إليها الحركات القومية العربية. وتعاون مع الإسلاميين وضمهم للحكومة، وبعد انتصارهم في انتخابات عام 1989، سمح لهم بتسلم خمس حقائب وزارية".
ويبين التقرير أنه "بعد أن طرد الملك حسين حركة فتح، حركة ياسر عرفات المسلحة (من الأردن) عام 1971، شجع الملك الراحل الإسلاميين الفلسطينيين على ملء الفراغ، لمواجهة الدعم الذي يلقاه ياسر عرفات في الأردن. وساعد الملك حسين الإسلاميين الفلسطينيين (حماس) لفتح مكاتب لحركتهم، في العاصمة عمان".
وتستدرك المجلة بأن "الملك حسين قام في السنوات اللاحقة بكبح جماح الإخوان المسلمين، بعد معارضتهم لمعاهدة السلام مع إسرائيل. وأعاد توزيع الدوائر الانتخابية لتمييع الأصوات في المدن التي يتمتع فيها الإخوان المسلمون بدعم قوي".
ويجد التقرير أنه مع ذلك "فلم يقطع الملك العلاقة بالكامل مع حلفائه القدامى. وعندما حاول الجواسيس الإسرائيليون تسميم خالد مشعل، مسؤول حركة حماس في عمان عام 1997، هدد الملك حسين بقطع العلاقة مع إسرائيل، حتى يقوم بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الحالي بتقديم الدواء (الترياق) المضاد للمادة السامة، والإفراج عن زعيم حركة حماس السجين أحمد ياسين".
وتوضح "إيكونوميست" أن هناك فرقا بين الأب والابن؛ "فعلى خلاف الأب، تشاجر الملك عبد الله، وهو الرجل العسكري، مع الإسلاميين. وقام بعد وصوله إلى العرش عام 1999 بإغلاق مكاتب حركة حماس في عمان وطرد قادتها. وكان أول زعيم أجنبي يزور مصر بعد إطاحة العسكر بالرئيس محمد مرسي، الرئيس المنتخب عام 2013. كما أن الملك وطد علاقاته مع الإمارات العربية المتحدة، التي تعد قوة وراء الحملة ضد الإسلاميين من الألوان كلها".
وتضيف المجلة أنه "في أيلول/ سبتمبر انضم الملك علانية إلى التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية، وكان بإمكانه العمل من خلف الأضواء. وفي الِأشهر القليلة الماضية قام باعتقال أكثر من 30 عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، وجر الكثيرين وقدمهم أمام محاكم عسكرية، وبينهم زكي بن ارشيد، نائب المراقب العام للإخوان في الأردن".
ويلفت التقرير إلى أن "المقربين من الملك يؤكدون أن القمع يؤتي ثماره. ويقول أحدهم إن مطالب الإخوان المسلمين بالإصلاح السياسي في الأردن ليست مناسبة في الوقت الذي تعيش فيه الدول الجارة للأردن حالة من الاضطرابات، ويعيش الملك في أوج قوته. وعلق المقرب من الملك ساخرا: (لم تحدث احتجاجات تقول: أفرجوا عن زكي)".
وتختم المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن "بعض أعضاء الإخوان يقولون إن قادتهم الصداميين يجب ألا يلاموا على وضعهم الصعب الذي يعيشون فيه. ولكن آخرين حذروا من ردود أفعال عنيفة، كما حصل في الماضي عندما تم تعويق مسارهم السياسي. ويقول القيادي البارز والأيديولوجي المتشدد، محمد أبو فارس: نحن جماعة سلمية، وكان الشعب والملك حسين يقفون بانسجام تام، والآن يقف ابنه وحيدا".