اعترف
جمال معروف، قائد جبهة ثوار
سوريا، بأنه خسر كل شيء، وبأنه يخطط للعودة إلى سوريا. وقال إن وجوده في بلدة الريحانية في جنوب تركيا التي هرب إليها بعد سيطرة جبهة
النصرة على جبل الزاوية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، ليس من أجل الإقامة ولكن لحضور لقاءات. ورفض معروف الاتهامات الموجهة إليه كلها، وبأنه أمير حرب.
وفي مقابلة مع ليز سلاي، مراسلة صحيفة "واشنطن بوست"، أكد معروف أن ما أشيع عنه كله مجرد إشاعات وحرب إعلامية، وأقسم على العودة مرة أخرى إلى سوريا لمواصلة القتال. وقال: "لقد خسرت كل شيء"، مضيفا أن الحرب نصر وهزيمة، وأن
الثورة السورية ليست من أجل تحرير قرية واحدة فقط.
وتشير الصحيفة إلى نفي القيادي السوري، الذي كان يعد من قادة الثوار المعتدلين، تلقيه مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة. ويؤكد مسؤولون في
المعارضة السورية وأمريكيون أن معروف لم يتلق سوى معونات غذائية وبطانيات وأدوية. ولكن عندما بدأت الولايات المتحدة برنامجها السري لتسليح المعارضة في العام الماضي لم يتم اختيار فصيل معروف لتلقي السلاح، وقدمت الأسلحة لفصائل وأفراد يعملون معه.
وتستدرك الكاتبة بأنه رغم حديث معروف عن العودة إلى سوريا، إلا أن الأمر مرهون بالداعمين الأجانب، الذين أرسلوا أسلحة للمقاتلين السوريين خلال العامين الماضيين، وإن كان ذلك بشكل متقطع.
وتنقل الصحيفة عن السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد، تعليقه على موقف الولايات المتحدة من دعم معروف، بالقول إن واشنطن لم تستسغ فكرة مساعدته، بسبب سمعته وأعماله التي يقوم بها على هامش الثورة.
ورغم أن فورد لم يلتق معروف واتصل به عبر الهاتف، إلا أنه قال إن الصورة التي تشكلت عنه هي أنه وطني وليس أيديولوجيا، "وفهمنا أنه لم يكن نظيفا بالكامل".
وتقول الصحيفة إن السعودية تبنت جمال معروف، وقدمت له ولفصيله المال والسلاح، حيث اعتقد السعوديون بأن دعمه سيكون فرصة لوقف تقدم الجماعات الجهادية.
وتضيف "واشنطن بوست" أنه عندما بدأت الأموال السعودية بالتدفق إلى معروف في ربيع 2012، توسع فصيله "كتيبة شهداء سوريا"، وأصبح تعداد مقاتليه حوالي السبعة آلاف. وشكل معروف فيما بعد "جبهة ثوار سوريا"، التي ضمت 17 فصيلا، ووصل تعداد مقاتليها إلى حوالي الـ20 ألفا. ومثلت الجبهة قوة من المعتدلين جعلتها تستحق الدعم، لكنها لم تكن بدرجة كافية من القدرة لتمنع بعض الفصائل من اللجوء إلى طرق أخرى لتوفير الأموال.
ويقول فورد إن الجماعات المعتدلة لم يكن لديها ما يكفيها، ولم تقدم السعودية لها الكثير. وأسهم التردد الأمريكي إلى دفع بعض القيادات التي كانت بحاجة إلى المال اللازم لإطعام وتسليح مقاتليها إلى سلوك طرق تمويل أخرى، بحسب الصحيفة.
وترى الصحيفة أن الولايات المتحدة بتقديمها الدعم للمقاتلين، قد نجحت في حد الدعم القادم من السعودية وقطر، ولكن ما قدمته لم يكن كافيا لتعويض ما خسرته المعارضة من دعم دول الخليج لها. وهو ما أثر على وضع الجماعات المعتدلة. ويقول معروف إنه لم يتلق دعما لأشهر.
وتلفت الكاتبة إلى تقارير عن مساعدات سعودية للجبهة رغم أن معروف رفض تأكيدها. ولاحظت الصحيفة أن سمعة معروف بدأت بالتحسن، بعد سيطرة المتطرفين على المناطق التي كانت خاضعة لسيطرته.
وتحدثت الكاتبة عن التعاملات التجارية غير المشروعة، التي كان يقوم بها فصيله قبل النكسة التي تعرض لها، فقد ارتبطت جماعته بتجارة النفط وتهريبه عبر الحدود التركية، الذي كان ينقل من خلال نقاط تفتيش تعرف باسم "حواجز الديزل". وأصبحت جبهة النصرة تقوم بالدور السابق لمعروف ذاته، حيث تقوم الآن، وبعد سيطرتها على المناطق، بفرض ضرائب على مهربي النفط، وقامت بالإضافة لهذا باعتقال كل من له علاقة بمعروف، حتى رجاله الذين تخلوا عنه.
وتشير الصحيفة إلى تغير المزاج في جبل الزاوية، من ترحيب البعض بجبهة النصرة إلى معارضة تامة لها ولممارستها، وذلك بحسب بعض الناشطين.
ويبين التقرير أن نصف المقاتلين التابعين لمعروف قد قرروا تركه، والتكيف مع وضع تسيطر فيه جبهة النصرة. ولم تستجب دول التحالف لمناشداته ورسائله الإلكترونية، التي طلب فيها شن غارات ضد جبهة النصرة. وأكثر من هذا، أن معروف لم يجد تعاطفا من السوريين، الذين بدأوا ينظرون إليه كصورة لما آلت إليه الثورة السورية ضد بشار الأسد، من تدهور وتراجع.
وتنقل الصحيفة عن أحد قادة أحرار الشام قوله: "لم ننتفض ضد بشار الأسد كي نستبدله بأشخاص مثل جمال معروف".
وتجد الصحيفة أن صعود وسقوط معروف يقدمان إضاءات حول الأسباب التي فشل فيها المقاتلون المعتدلون، لتأكيد أنفسهم على الساحة التي لقوا فيها منافسة من الفصائل الإسلامية والجهادية في سوريا.
وتخلص سلاي إلى أن هزيمة المعتدلين تمثل تحديا للولايات المتحدة، التي تحاول البحث عن حلفاء لقتال تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. فإضعاف وهزيمة التنظيم يعدان أولوية الاستراتيجية الأمريكية. ومع أن هزيمة معروف وحركة حزم لا تمثل نهاية للثوار السوريين المعتدلين، إلا أنها تمثل نكسة كبيرة للجماعات الأخرى التي تحاول النجاة.