مراقبون: شكلت ثورات الربيع العربي داعماً مهماً للقضية الفلسطينية - عربي21
شكلت ثورات الربيع العربي التي بدأت بالثورة التونسية في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2010، تحقيقاً لأحلام تحررية عاشها جيل شبابي جديد، ورأوا فيها وطناً عربياً خلياً من الاستبداد الداخلي والتبعية للخارج.
بيد أن الثورات المضادة التي تقودها الدولة العميقة، بتوجيه وتمويل من دول عربية وأجنبية، بحسب مراقبين؛ جعلت ربيع العرب شتاءً، وحوّلت قيادات الثورة إلى رؤوس قد أينعت وحان قطاف بعضها، وزج بعضها الآخر في المعتقلات المظلمة، كما يجري الآن في مصر.
وبحسب المحلل السياسي الكاتب أسعد أبو شرح؛ فإن أمريكا وبريطانيا وأصدقاء "إسرائيل" في الوطن العربي "تشاركوا في إجهاض ثورات الربيع العربي التي قامت لتنفض عن شعوب المنطقة غبار الذل والتبعية".
"الإجهاض" مؤامرة
وقال أبو شرخ لـ"عربي21" إن قادة المشروع الاستعماري الغربي وظفوا "جهات تابعة لهم كالمؤسسة العسكرية أو بعض المشايخ، بهدف قمع الشعوب، لتبقى إسرائيل هي القوة المحلية العظمى في هذه المنطقة، في ظل التنسيق الأمني المعلن والخفي بين النظام الرسمي العربي وبين الكيان الصهيوني".
وأضاف أن "إجهاض" الثورات العربية "جزء من المؤامرة المستمرة على القضية الفلسطينية منذ أكثر من قرن"، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني سيبقى متمسكاً بحقوقه بغض النظر عما ستؤول إليه الأمور في البلدان التي قامت فيها الثورات.
وحول الانقلاب على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، والعمل على إجهاض الثورة الشعبية في مصر؛ قال أبو شرخ إن الاحتلال الإسرائيلي سعى بالتعاون مع "النظام الرجعي العربي" لإفشال الثورة المصرية "لأن مصر تمثل العامود الفقري في الصراع مع إسرائيل" على حد قوله.
وأوضح أن القيادة المصرية التي أفرزتها الثورة برئاسة محمد مرسي؛ اتخذت موقفاً واضحاً من القضية الفلسطينية والحصار على غزة، مشيراً إلى أن ذلك "أرعب العدو الصهيوني الذي بدأ بالتآمر على مصر للتخلص من هذه القيادة".
وتابع: "إسرائيل وأمريكا يخططان بكل قوة كي لا تقوم لمصر قائمة، ويبقى الاحتلال في أمان".
وإبان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 أكد الرئيس محمد مرسي بلهجة حازمة وقوف مصر إلى جانب قطاع غزة، قائلاً إن "مصر اليوم مختلفة عن مصر الأمس، وإن الثمن سيكون باهظاً" في حال استمرار العدوان.
كما أوفد مرسي رئيس الوزراء آنذاك هشام قنديل إلى القطاع على رأس وفد يضم عدداً من مساعدي الرئيس ومستشاريه والوزراء، في الوقت الذي أعلنت السلطات المصرية فتح معبر رفح بين مصر وقطاع غزة على مدار الساعة، والسماح بعبور المساعدات الغذائية والطبية للقطاع، وفتح مستشفيات مدينة العريش المصرية لعلاج الجرحى الفلسطينيين.
"القضية" لا تتأثر
من جهته؛ قال المحلل السياسي د. سميح شبيب؛ إن القضية الفلسطينية لم تتأثر بقيام ثورات الربيع العربي، ولن تتأثر بإجهاضها.
وأضاف لـ"عربي21" أن الصراع في فلسطين يُعد "محور القضايا العربية"، مؤكداً أن أهمية القضية الفلسطينية لدى الشعوب العربية والعالم الإسلامي لا تتغير بذهاب نظام أو مجيء غيره.
واعتبر شبيب أن النظام المصري الحالي بقيادة عبدالفتاح السيسي "أفضل في دعم قضيتنا من نظام مرسي"، معللاً ذلك بأن "السيسي ينظر للأمور من منطلق قومي، وهذا يختلف عن مرسي الذي كان جزءاً من حركة حماس التي تقوم على أساس عقائدي" بحسب قوله.
"حصار" السيسي
الأكاديمي الدكتور عبد الستار قاسم؛ رأى أن الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي "أثّر سلباً على القضية الفلسطينية".
وقال لـ"عربي21" إن نظام عبدالفتاح السيسي "سيئ للغاية، وهو يُطْبق الحصار على قطاع غزة أكثر من الإسرائيليين"، مشيراً إلى أن "نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك كان أفضل من النظام المصري الحالي في دعم القضية الفلسطينية".
وأكد قاسم أن "أي تغيير للأنظمة العربية الحالية؛ يخدم القضية الفلسطينية"، لأن هذه الأنظمة "جزء من التحالف العربي الإسرائيلي الذي يضر قضيتنا، وينفع الاحتلال" على حد تعبيره.
يشار إلى أن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كشفت قبل ثلاثة أيام عن أن عبدالفتاح السيسي؛ أجهض اتفاقاً لتخفيف الحصار المفروض على القطاع، مقابل جثتي جنديين إسرائيليين لدى حركة حماس.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من السيسي التوسط لإقناع حماس بتسليم جثتي الجنديين أرون شاؤول وهدار جولدن، مقابل تخفيف الحصار عن القطاع، لكن السيسي طالبه بالتأني، مشيرة إلى أن التأجيل يعتبر وسيلة للضغط على حماس.