ملفات وتقارير

بعد تبرئة مبارك.. لماذا لا يتوحد ثوار مصر؟

مطالبات للإخوان بتغيير نهجها وتسليم دفة القيادة للشباب (أرشيفية) ـ الأناضول
مطالبات للإخوان بتغيير نهجها وتسليم دفة القيادة للشباب (أرشيفية) ـ الأناضول
في الوقت الذي عدّها مراقبون ضربة قاصمة لثورة 25 يناير؛ أثارت تبرئة الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه ورموز نظامه من تهم متعلقة بالفساد وقتل المتظاهرين؛ ردود فعل غاضبة لدى قوى ثورية كانت قد اصطفت مع المؤسسة العسكرية ضد الرئيس السابق محمد مرسي.

وتعالت أصوات داخل الصف الثوري وخارجه؛ تدعو إلى توحّد القوى التي شاركت في ثورة يناير لإسقاط ما وصفوه بـ"حكم العسكر الذي كشف اللثام عن وجهه الحقيقي، وتآمر مع أزلام حسني مبارك ضد الثورة وأهدافها"، على حد تعبيرهم.

بيد أن وحدة القوى الثورية تصطدم بعدة أسوار تحول دون تحققها على أرض الواقع، ما يجعل السؤال الأكثر رواجاً في مصر هو: "إذا لم تدفع تبرئة حسني مبارك هذه القوى للتجمع والاصطفاف ضد النظام القائم؛ فما الذي سيدفعها إذن؟".

على ماذا نتوحد؟

يقول المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي حسام مؤنس لـ"عربي 21"، إن "هناك انفصالاً مؤكداً بين العديد من التيارات والأحزاب المدنية، وبين جماعة الإخوان المسلمين، وهو موقفنا في التيار الشعبي الذي يعتقد أن الإخوان يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة، فعلى أي أساس أتوحد معهم؟".

ويجيب على هذا السؤال؛ المنسق العام لحركة "قوميون وناصريون ضد المؤامرة" سيد أمين، بقوله إن على جميع القوى السياسية الجلوس على طاولة الحوار دون إقصاء أي فصيل، على أساس الاتفاق حول الحد الأدنى من المطالب الشعبية المنادية بالتغيير، وعدم الالتفات إلى نقاط الخلاف، ونبذ اللغة الفردية، والتأكيد على ضرورة التنوع الفكري".

وأضاف أمين لـ"عربي21" أن الحراك الثوري يتطلب توافق قوى المجتمع المدني، مشيراً إلى "وجود حركات سياسية أمنيّة، تحاول الحيلولة دون التوصل إلى أي اتفاق بين القوى الثورية، أو إضعاف أي توافق قد يحدث بينها، على قاعدة فرّق تسد".

من جهته؛ رفض القيادي الإخواني جمال حشمت، اتهام جماعته بالسعي وراء مصالحها الشخصية، مهاجماً بعض القوى الثورية "التي تحالفت مع العسكر في 30 يونيو، لتكتشف اليوم أنها كانت مطية لأصحاب القبعات"، على حد تعبيره.

ووصف حشمت، القيادي أيضاً في التحالف الوطني لدعم الشرعية، الإصرار على عودة الرئيس محمد مرسي بأنه "ليس مطلباً شخصياً أو حزبياً، وإنما هو مطلب شعبي لعودة الشرعية التي جسدت إرادة ملايين المصريين عبر صناديق الاقتراع".

وأضاف لـ"عربي21" أن "هناك العديد من الأرضيات المشتركة لاجتماع القوى الثورية، كمقاومة حكم العسكر، واستعادة الحقوق والحريات والمسار الديمقراطي، ومحاسبة القتلة"، وقال: "لسنا مضطرين للخضوع لشروط أحد، فالشارع يتسع لنا ولغيرنا، ونرحّب بكل القوى الثورية التي تتوافق معنا على الحد الأدنى في المطالب، وهو إسقاط النظام".

غياب الأرضية الفكرية

وبالرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين أقرّت بوقوعها في عدة أخطاء في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير؛ إلا أن عضو اللجنة الوطنية للدفاع عن الحقوق المدنية، أحمد نجيب، أكد أنه "لن يحدث أي اصطفاف مع جماعة الإخوان إلا إذا أقرت بأخطائها السابقة".

ووصف نجيب في حديثه لـ"عربي21" جماعة الإخوان بأنها "فصيل إصلاحي، وليس ثورياً"، مؤكداً أن عليها "إعادة النظر في نهجها وفكرها، وترك القيادة للكوادر الشبابية، وتطوير خطابها السياسي الذي يقتصر على عودة الرئيس محمد مرسي للحكم"، على حد قوله.

وأكد أن قمع الأجهزة الأمنية لا يستهدف الإخوان فحسب، وأن مظلومية رابعة هي مظلومية الشعب بأكمله، مستدركاً بالقول: "لكن يجب أن يكون التجمع بين القوى الثورية على رؤية وأهداف ومشروع مشترك، وليس على مظلوميات وشعور بالظلم والقهر فقط".

وأضاف أن الأطراف الثورية المتباينة ليست على استعداد للتلاقي في المرحلة الحالية "بسبب عدم وجود أرضية فكرية مشتركة بينها"، مطالباً الحركات الثورية بـ"تكوين كتلة تكون لديها رؤية واضحة ومشروع ثوري -وليس إصلاحياً- لقيادة المرحلة الانتقالية".

من جانبها؛ استبعدت حركة "أحرار" مشاركتها في أي حراك ثوري لجماعة الإخوان طالما أنه يرفع لافتة "عودة الرئيس محمد مرسي".

وقال المكتب الإعلامي للحركة في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن "هدفنا هو إسقاط النظام، ويجب التوافق على قيم، وليس على مطالب فقط"، مؤكداً أن "القبضة الأمنية تعمل على تقارب الخطى بين الحركات الثورية"، على حد تعبيره.

أما المنسق العام للتحالف الثوري لنساء مصر، المحسوب على التيار الإسلامي، منال خضر، فأكدت على ضرورة الاتفاق بين القوى الثورية حول عودة المسار الديمقراطي بكل آلياته وما أفرزه من انتخابات عبرت عن إرادة ملايين المصريين.

وقالت لـ"عربي21": "نتواصل في تحالفنا مع جميع التيارات المدنية الأخرى، ونجد تجاوبا كبيراً؛ لأن سقف مطالبنا واحد، وهو ضرورة تغيير النظام العسكري، واستعادة المسار الديمقراطي السليب".

وتابعت: "نسعى في حراكنا اليومي للاصطفاف الثوري بين مختلف القوى في الشارع، وليس لدينا كتيار إسلامي ما نقدمه من تنازلات من أجل استرضاء أية قوى سوى التوافق على إعادة الديمقراطية وإنهاء حكم العسكر".

الحراك الطلابي


الحراك الطلابي كان له رأي آخر قبل تبرئة مبارك ورموز نظامه؛ فقد نجح إلى حد ما في صهر العديد من التيارات والأحزاب في حراك واحد ضد النظام، بحسب المتحدث باسم حركة طلاب ضد الانقلاب بجامعة الأزهر محمود الأزهري.

وقال الأزهري لـ"عربي21": "نجحنا في خلق توافقات تجاوزت الخلافات الحزبية الضيقة، واستطعنا من خلالها تنظيم فعاليات مشتركة على مستوى جامعات الجمهورية، ونأمل أن ننقل التجربة إلى القوى السياسية خارج الجامعات للاصطفاف خلف أهداف ثورة يناير".

لكن مسؤول ملف الطلاب في حركة 6 إبريل - الجبهة الديمقراطية، وعضو مكتبها السياسي عبدالرحمن محسن، أصر على "شرط التخلي عن مطلب عودة الرئيس محمد مرسي، للتجمع تحت مظلة مطالب ثورة 25 يناير".

وقال محسن لـ"عربي21": "لقد ترك الإخوان الحراك الثوري، وتحالفوا مع المجلس العسكري، وانخرطوا في السياسة على حساب استكمال مسار الثورة، ثم لم يعترفوا بأخطائهم، ويحملون الجميع مسؤولية ما يجري".
التعليقات (0)