28 نوفمبر فرصة..
فرصة للداخلية، التي لم تستعد كرامتها بعد، ما جرى لهم منذ 28 يناير إلى الآن أكبر من أن ينتهي بثورة مضادة، فض رابعة لم يكفهم، المشاعر تتجدد مع الحراك في الشارع، ليس قليلا أن يستعين النظام بـ"فالكون" لتأمين الجامعات، الجيش يتغول في كل سنتيمتر في البلاد، شركات الحراسة، والعسكر، والبلطجية الشرفاء، والشرطة المجتمعية، الرسالة واضحة، الداخلية عاجزة، سموا المظاهرات إرهابا كي يجدوا مبررا لمشاركة الجيش في تأمين النظام بهذه الكثافة، ربما تنطلي التسمية على مشاهدي موسى، وعيسى، وبقية أنبياء الرذيلة في بلادنا، إلا انها لم تدخل على "الباشا"، وحده يعلم أنه "مهزأ"، وعليه أن يستعيد بعض من كرامته، 28 نوفمبر، قليل من المتظاهرين، كثير من القتل.
فرصة للنظام، 25 يناير مقبلة، الشارع يغلي، واهم من يتصور أن
المصريين لن يتحركوا، خطأ مبارك كان إسقاط الناس من المعادلة، خطأ مرسي الكبير كان الاستقواء بالدولة لا الناس، خطأ الثوار الآن انهم يتصورون أن الناس مغيبة، الناس تعودت الصبر، نارهم ليست حامية، لكنهم يمهلون ولا يهملون، الناس ستتحرك، نحن من يستطيع أن يعجل بذلك، أو يتركه للظرف التاريخي، وبما أننا استقلنا، فقد تولى
السيسي وجنوده عنا هذه المهمة، فشل في كل شيء، لو استأجروا من يعجل بيومهم ما أتقن عمله مثلما يتقنون، هم يعلمون أكثر منا أن الشارع يغلي، هذه دولة، أجهزة ترصد وتحلل، ويناير أقوى من أن يشوهها إعلام يتنفس كذبا، يناير لو تركت للناس ستطحنهم طحنا، تريد أن تنكر لتتخلص من الإحساس بالمسئولية، افعل، لكن أجهزة الدولة لا تدفن رأسها في الرمال، أغبياء، لكن واقعيون، يناير خطر حقيقي، لذا وجب تحضير عفريت الإرهاب، وليس أفضل من السلفيين، صورة نموذجية للإرهاب وفقا للمفهوم العالمي، بضاعة مفتخرة، شغل فنادق، النظام أكبر المستفيدين من هذا اليوم، سيما لو تطور، ربما يكون هذا اليوم هو أول، وأكبر، لغم ينفجر في طريق يناير المقبل، كي لا يقبل.
28 نوفمبر فرصة لكل المستفيدين من تعميق الخلاف بين عنصري الثورة، الإخوان، والتيار المدني، خطاب الإخوان واضح، نُثمن النزول، بدوره خطاب سلفي، عصور ما قبل السياسة، يقولون أن الأبواب كلها قد أُغلقت في وجوههم، حاولوا ما وسعهم التواصل مع الجميع، فرفضهم الجميع، إذن فلتكن الهوية، والشعارات، والكلام الفارغ بابا أخيرا، هم يعلمون أن معركتنا مع الحكم العسكري أكثر عمقا، لكنهم لا يملكون سوى هذه الورقة، فليلعبوا بها، ربما تصيب، لن تصيب أبدا، ولا حل سوى تكرار المحاولة، ومن لم يرض اليوم، سيرض غدا، ليس من طريق آخر، حتى لو خسرتم، شهادة الحسين على الحق، خير من مُلك يزيد، لكنكم تستعجلون، من هنا يتعمق الخلاف أكثر، كل من يتربص بكم وجد ضآلته في خطابكم الأهوج، سيعلو سهم السافلين، وتزدادوا فشلا وبُعدا، الحشد على الواحد، ولن يزيدكم نوفمبر إلا خسارا، كم هو السيسي محظوظ بكم، فالتكثير على العدو الواحد، أسهل بكثير من التكثير على الجميع، ما زال هناك فرصة، تراجعوا.
فرصة لكثير من فصائل التيار المدني، كي يستمتعوا بفعل المشاهدة أمام التليفزيون، دون تأنيب ضمير هذه المرة، على افتراض وجوده في المرات السابقة.
يبقى أن نتفق على جملة من البديهيات، بديهيات ومع ذلك نحتاج أن نتفق، هذا واقعنا، التظاهر ما دام سلميا فهو حق دستوري وقانوني، قانون التظاهر المزعوم جرى انتهاكه مئات المرات، اسأل المواطنين الشرفاء، وتظاهرات المؤيدين، التظاهر حق، وحماية المتظاهرين السلميين حق، وقتلهم جريمة، والانحياز لحقهم شرف، وإن كانوا أكثر أهل الأرض غباء وسذاجة، أتحدث عن المتظاهرين لا من دعاهم من المجاهيل، وكومبارس السينما، الذين يظهرون في الفيديوهات المروجة، سلفيون بلا لحى، ونساءهم يشبهون عبلة كامل في "خالتي فرنسا"، "مين دول"؟
أخيرا: إن مشكلتنا مع النظام، ليست هويتنا، ثمة تشابكات، لكن هذا ليس بيت القصيد، ولن يضير السيسي وعصابته، أن نصلي ونصوم، إنما يضيرهم أن ننازعهم سلطانهم، وننتزع امتيازاتهم، أموالنا، المليارات التي ينهبونها من لقمة عيش المصريين، أما ديننا، وهويتنا، و"إسلامية إسلامية"، فلا مانع، أنت حر ما لم تضر مصالح التسعة عشر، ومن حشر معهم، فافهموا.