داخل شقته، بأحد الأبراج السكنيّة الواقعة غرب مدينة
غزة، يُسابق الفلسطيني مؤمن عبد الكريم، الزمن من أجل حماية منزله من برد الشتاء القادم، ومياه الأمطار.
وبرقائق بلاستيكية (نايلون)، وبعض الأقمشة القديمة، يُحكم عبد الكريم (45 عاما) إغلاق نوافذ الغرف المحطمّة بفعل القصف الإسرائيلي، وما خلّفته الحرب الأخيرة من أضرار وتدمير.
ويقول عبد الكريم إنّ الجو بدأ يميل إلى البرودة الشديدة في الليل، وهو ما دفعه لأنّ يتخذ التدابير اللازمة قبل أن يهطل المطر.
وأضاف: "أطفالي اشتكوا قبل أيام، من آلام في البطن، وأخبرني الطبيب أن أسباب ذلك عائدة للبرد، وتعرضهم لتيار هوائي شديد".
ويُضيف أنه سارع فورا لإغلاق نوافذ شقته التي تطل على شاطئ البحر، خوفا من تكرار الأزمة مع صغاره، (أربعة أطفال).
ويستدرك: "الإعمار متوقف، ما من جهة رسمية أو غير رسمية سارعت بعد مرور شهر على الحرب لبناء، وتعمير ما دمرتّه إسرائيل، سيأتي المطر وسنكون أمام
كارثة إنسانية".
وتقول سماح المصري، (35 عاما)، وهي أم لستة أبناء، إنّها تشعر بقلق شديد، وهي تنصت لنشرات الأخبار، التي تتحدث عن منخفض جوي ماطر، سيضرب الأراضي الفلسطينية في الأيام القليلة القادمة.
وأضافت وهي تُشير إلى بيتها المتضرر بشكل جزئي:" الشتاء يبعث على الفرح، والدفء، والجلسات العائلية الحميميّة، لكنه في غزة، سيكون مدعاة للحزن، ونكأ للجراح وأوجاع ما خلّفته الحرب".
وسيكون المشهد قاسيا على أهالي قطاع غزة، كما تؤكد المصري، عندما يهطل المطر، ويتساقط على بيوتهم المدمرة، والمقصوفة، وتتسرب المياه من الشقوق والثقوب التي أحدثها القصف الإسرائيلي.
وتابعت: "أغلب البيوت، تطايرت نوافذها، خلال عمليات القصف، الآن سنضطر إلى إغلاقها بالقماش، أو النايلون، فالوضع الاقتصادي لا يسمح بتركيب نوافذ جديدة".
ويبدو الأمر أكثر قلقا بالنسبة لفضل الحلو (40 عاما)، الذي تضرر بيته بشكل كبير، وآثر البقاء هو وأسرته داخل المنزل.
وأضاف: "أنا عاطل عن العمل، ولا يمكن لي أن أسكن في شقة بالإيجار، أجلس أنا وعائلتي في هذا البيت المُدمر، لكن قدوم الشتاء، يؤرقني، مع أول قطرة للمطر سينكشف كل شيء، وسنكون أمام كارثة، أستعد الآن لتغطية الأبواب المفتوحة بالقماش والنايلون وبكل ما يُمكنه أن ينقذنا مما هو قادم".
وتتأثر الأراضي الفلسطينية، بمنخفض جوي اعتباراً من يوم السبت المقبل تسقط خلاله أمطار، وفق الأرصاد الجوية الفلسطينية.
ولا تتخيل الفتاة نور أبو شنب، (16 عاما)، نفسها تركض، نحو نافذتها، بفرح لتشاهد المطر المتساقط، كما تفعل في كل شتاء.
وتقول إنّها ستكون أمام مهمة صعبة، في التكيف مع المطر هذا العام، وتحمل لسعات البرد.
وتتابع: "الإعمار متوقف، والشتاء على الأبواب، ولا أدري، كيف سنواجه البرد، والرياح، أذكر في العام الماضي، كيف كنا نجعل من هطول المطر، مناسبة للاحتفال، واحتساء الشاي الساخن، الآن سننشغل بإغلاق أي منفذ للريح أو مياه الأمطار".
وفي بيانٍ صادر عن اللجنة الشعبية لكسر
الحصار عن غزة (غير حكومية)، حذرت من التداعيات الخطيرة التي قد تحدث لآلاف العائلات التي دمرت وتضررت منازلها بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، في حال قدوم فصل الشتاء .
وقالت اللجنة، إن سكان قطاع غزة، على مشارف كارثة حقيقية إذا ما قدم فصل الشتاء ولم تحل مشكلة آلاف العائلات الفلسطينية التي فقدت بيوتها وأصبحت بلا مأوى.
وطالبت اللجنة، المجتمع الدولي بضرورة البحث وبشكل سريع وعاجل عن حلول لإنقاذ وإيواء آلاف العائلات وحمايتها من برد الشتاء وقسوته.
وشنت إسرائيل في 7 تموز/ يوليو الماضي حرباً على قطاع غزة، استمرت 51 يوماً، وتسببت في مقتل 2157 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، بحسب مصادر طبية فلسطينية، فضلاً عن تدمير تسعة آلاف منزل بشكل كامل، وثمانية آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
وتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، يوم 26 آب/ أغسطس الماضي، إلى هدنة، برعاية مصرية، تنص على وقف إطلاق النار، وفتح المعابر التجارية مع غزة، بشكل متزامن، مع مناقشة بقية المسائل الخلافية خلال شهر من الاتفاق، ومن أبرزها تبادل الأسرى، وإعادة العمل إلى ميناء ومطار غزة.
وبعد مرور شهر على اتفاق وقف إطلاق النار، يقول مسؤولون فلسطينيون إن إجراءات رفع الحصار عن غزة، لم تبدأ، وإن الحركة التجارية على المعابر لم تشهد أي تغيير.
ومن المقرر أن تستضيف مصر في الـ 12 من الشهر المقبل مؤتمر المانحين لإعادة إعمار القطاع.