في مثل هذا اليوم من العام الماضي، كان الطفل "أنس سكر" (11 عاما)، يقف في الطابور الصبّاحي، وهو يرتدي زيّه الجديد، يُردد بنشوة برفقة أصحابه "النشيد الوطني".
واليوم أيضا، يجلس "سكر"، في إحدى مدارس غرب مدينة
غزة، لكنه يمكث فيها هذه المرة، كـ"نازح"، وليس كطالب.
وكان من المقرر أن يبدأ
العام الدراسي في قطاع غزة، اليوم الأحد 24 آب/ أغسطس، لكن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، قررت تعليق افتتاح العام الدراسي الجديد (2015/2014)، بسبب
الحرب الإسرائيلية.
وقالت في بيان، تلقت وكالة الأناضول نسخةً منه، إن الوزارة قررت تعليق الفصل الدراسي في مدارس قطاع غزة حتى إشعار آخر، بسبب
العدوان الإسرائيلي المستمر، والمتصاعد، فيما سيتم افتتاحه في مدارس الضفة الغربية.
ووفق الوزارة فإنّ 500 ألف طالب وطالبة في قطاع غزة، موزعين على المدارس الحكومية والخاصة ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لم يتمكنوا من التوجه إلى مدارسهم اليوم.
وأكدت الوزارة أنها ستحدد موعدا لاحقا لافتتاح العام الدراسي فور توقف الحرب الإسرائيلية.
وقد تحولت غالبية المدارس الفلسطينية، إلى مراكز لإيواء النازحين، ولم تعد مقاعدها تصلح للدراسة.
ويبكي الطفل سكر، صديقه "رامي أبو سحويل"، الذي قتل في الحرب، ويقول لوكالة الأناضول إنه لا يشعر بفرحة العام الدراسي الجديد لهذا العام، الذي يأتي في ظل رحيل أعز أصدقائه.
ويُقول بصوتٍ دامع لوكالة الأناضول:" تأجل العام الدراسي، وأخبرتني أمي، أننا لن نذهب إلى المدارس، حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي بشكل نهائي، أنا حزين ..مات صديقي، ولا أدري متى سنذهب إلى مدارسنا".
وفي داخل المدارس الحكومية، والمدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، جلس الطلبة برفقة ذويهم وهم يتحسرون على العام الدراسي الجديد.
وحوّل الطلبة النازحون، ساحات مدارس الإيواء، إلى غرف لنشر ملابسهم، وتعليق الحاجيات، أو الاختباء تحت المقاعد خوفا من صوت الطائرات الحربية التي تشن غاراتها دون توقف.
وتقول "سوسن أبو شنب" "45 عاما" وهي أم لستة أبناء من المفترض أن يتوجه أربعة منهم إلى المدارس، أن إسرائيل اغتالت فرحة العام الدراسي.
وأضافت:" لم نقم بشراء الزي المدرسي، ولا القرطاسية، ولم نستعد لهذا العام، بسبب الحرب المستمرة منذ 48 يوما".
وكان "أحمد حرارة" (45 عاما)، قد وعدّ ابنه الذي يستعد لدخول الصف الأول الابتدائي بشراء حقيبة مميزة.
غير أن هذا الوعد وغيره، تلاشى جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، كما يؤكد حرارة لوكالة الأناضول.
ويُضيف:" أن يدخل الطفل الصف الأول الابتدائي، فذلك يعني أننا أمام فرح في غزة، وأشبه بزفة العرس، وقد وعدت طفلي (مالك) بأن أشتري له (حقيبة برشلونة)، فهو يحب النجم الأرجنتيني ميسي، لكن للأسف ها هو العام الدراسي يبدأ، ونحن نعيش الحرب وتفاصيلها".
وحتى لو بدأ العام الدارسي فإن "سمية النجار" (42 عاما)، ترى أن أهالي قطاع غزة، خاصة النازحين، ومن تدمرت بيوتهم سيجدون صعوبة بالغة في استقبال العام الدراسي.
وتُضيف:" كيف لنا أن نستقبل عاما دراسيا، وبيوتنا أضحت ركاما، وأكوام من الدمار، والطلبة أنفسهم يعانون من اضطراب نفسي حاد".
وتقول وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة، إن العام الدراسي الذي سيبدأ بعد أسبوعين، من توقف العدوان الإسرائيلي بشكل نهائي، سيفتتح على ثلاث مراحل، الأولى ستكون بالتركيز على الجوانب النفسية والاجتماعية للطلبة، وتنفيذ نشاطات جماعية وفردية في مجال التفريغ والإرشاد النفسي، أما المرحلة الثانية فتتمثل بالتهيئة وتوفير التجهيزات اللازمة والاحتياجات من خلال الإدارات المتخصصة، والمرحلة الأخيرة تختص بالدوام المدرسي والأكاديمي.
وتقول الوزارة إنّها "تعمل مع عدة جهات لإيجاد أماكن بديلة لآلاف العائلات النازحة، التي لجأت إلى المدارس كمراكز إيواء جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة".
وتشير إحصائيات حقوقية في غزة، أن عدد نازحي القطاع، وصل إلى نص مليون شخص، منهم أكثر من 200 ألف يتخذون من مدارس الحكومة و"أونروا" أماكن للإيواء.
وكانت وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة، قالت في إحصائية سابقة لها إن 141
مدرسة بالقطاع، تضرّرت بفعل الحرب الإسرائيلية، من بينها 22 تضررت بشكل كامل ولا يمكن استخدامها خلال افتتاح العام الدراسي الجديد.
وتشن إسرائيل حربا على قطاع غزة، منذ السابع من تموز/ يوليو الماضي تسببت في مقتل 2105 فلسطينيا ، وإصابة أكثر من عشرة آلاف آخرين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.