كاميرون: هذه خطتي لمواجهة "داعش"

كتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون محذرا من خطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وقال إن سم التطرف مضر بنا جميعا ولا "خيار أمامنا إلا الوقوف أمام التحدي".

وكتب كاميرون في صحيفة "صاندي تلغراف" "الاستقرار، الأمن. وراحة البال النابعة من قدرتك على الحصول على وظيفة جيدة لتنفق على عائلتك في بلد تشعر أن مستقبلا واعدا ينتظرها، وبلد يعامل مواطنيه بعدل، وهو ما يريده البريطانيون، وهو ما تقوم بعمله الحكومة التي أقودها ومكرسة لبنائه". 

ويقول في "بريطانيا، يجب أن يأتي اقتصادنا وأمننا ومستقبلنا في المقدمة"،  مشيرا للأزمة الاقتصادية العميقة التي مرت على بريطانيا  في الماضي، ومشاركتها في حربين في كل من العراق وأفغانستان "فلا يثير الدهشة عندما يقول الكثيرون لي وهم يشاهدون صور المآسي تتكشف أمام أنظارنا على شاشات التلفاز دعنا نساعد، ولكن علينا عدم المشاركة فيها".

ويقول "أوافق على عدم إرسال جيوشنا للقتال أو الاحتلال، ولكن علينا الاعتراف أن المستقبل المشرق الذي نريده يحتاج لخطة طويلة المدى تتعلق بأمننا وباقتصادنا. ولن يتحقق الأمن الحقيقي إلا إذا قمنا باستخدام كل مصادرنا، الإغاثة والعمل الدبلوماسي أو قوتنا العسكرية، للمساعدة في تحقيق الاستقرار في العالم".

و"اليوم وفي وقت ترتبط فيه كل الأمم والشعوب معا، فلا يمكننا أن نغمض أعيينا ونفترض أن لا ثمن يجب علينا دفعه".

ويصل كاميرون للعراق وإعلان الدولة الإسلامية في العراق والتي امتدت لسوريا "هي مشكلة  ليست بعيدة عن الوطن بأميال، ولا هي مشكلة يجب أن تفهم من خلال الحرب (التي شاركت فيها بريطانيا) قبل عشرة اعوام، فهي مشكلة تهمنا الآن، لأننا لو لم نتحرك لوقف تقدم هذه الحركة الإرهابية الخطيرة بشكل استثنائي فستصبح قوية لدرجة تستطيع استهدافنا في شوارع بريطانيا". ويضيف: "نعرف أن عندها نوايا إجرامية، وبالتأكيد فقد حصل أول عمل إرهابي للتنظيم في القارة الإفريقية".

ويتحدث كاميرون عن الطريقة التي تعاملت فيها حكومته مع الأزمة في العراق: "أول أولوية من أولوياتنا كانت التصدي للأزمة الإنسانية الحادة في العراق، ويجب أن نكون فخورين بالدور الذي لعبه جنود القوات المسلحة الشجعان، وعمال الإغاثة في الجهود الدولية. فقد خاطر المواطنون البريطانيون بحياتهم لإيصال 80 طنا من المواد الإغاثية الطارئة لليزيديين الذين علقوا في جبل سنجار. وكنا مصيبين في استخدام برنامجنا للمساعدات الإغاثية والرد سريعا على وضع كهذا، فقد قدمت بريطانيا 13 مليون جنيه استرليني لدعم الجهود الإنسانية، وساعدنا في التخطيط لعملية مفصلة للإنقاذ، ونحن مستعدون ولدينا المرونة للرد على التحديات المستمرة حول دهوك، حيث زادت نسبة السكان فيها بنسبة 50% بسبب تدفق 450.000 شخص".

ويعترف كاميرون أن المشاركة في الجهود الإغاثية ليست كافية "لكن الرد الإنساني لا يكفي وحده، ونحتاج لخطة واسعة سياسية ودبلوماسية وأمنية، وحتى نفعل هذا علينا فهم الطبيعة الحقيقية للتهديد الذي نواجهه، وعلينا أن نكون واضحين أن هذه ليست "حربا على الإرهاب" ولا  حربا على الأديان ولكنها معركة لتحقيق الاحترام والتسامح والاعتدال في عالمنا الحديث، إنها معركة ضد أيديولوجية سامة شجبتها كل الأديان وقادتها، أيا كانوا مسيحيين، يهودا أو مسلمين".

ويتدارك رئيس الوزراء بالقول: "طبعا النزاع هو بين الشيعة والسنة، ولكن هذه طريقة غير صحيحة للنظر إليه، فما نشاهده هو معركة بين الإسلام من جهة والمتطرفين الذين يريدون انتهاكه من جهة أخرى. ويتلقى هؤلاء في العادة دعما من المتطرفين الذين يعيشون في مناطق بعيدة عن ساحات المعارك. يحرفون الدين الإسلامي كطريقة لتبرير أيديولوجيتهم البربرية، وهم لا يفعلون هذا في العراق وسوريا فقط ولكن في كل أنحاء العالم، من بوكو حرام للشباب لطالبان للقاعدة".

ويرى كاميرون أن "هذا التهديد لا يمكن التخلص منه عبر الغارات الجوية وحدها. ونحتاج مدخلا قويا وذكيا وصبورا طويل المدى من أجل هزيمة الإرهابيين من منبعهم الأصلي".

ويتحدث عن خطوات "أولا: نريد ردا أمنيا قويا، سواء ملاحقة الإرهابيين عسكريا، تعاونا دوليا في مجال الإستخبارات ومكافحة الإرهاب، أو فعلا لا يمكن التسامح فيه مع الإرهابيين في داخل الوطن. وفي يوم الجمعة اتفقنا مع شركائنا الأوروبيين على تقديم معدات للقوات الكردية، ونقوم الآن بتحديد ما يمكن تقديمه من الدروع لمعدات خاصة بتفجير العبوات. كما توصلنا لقرار في الأمم المتحدة لوقف تدفق الأموال لتنظيم الدولة الإسلامية، وفرض عقوبات على من يحاولون التجنيد لها، وتشجيع الدول لفعل كل ما يمكن عمله لمنع المقاتلين الانضمام لقضية المتطرفين".

و"في بريطانيا أصدرنا تشريعا من خلال قانون الهجرة، لحرمان المتجنسين بالجنسية البريطانية من حق المواطنة إن ثبت تورطهم في نشاطات إرهابية. وقمنا بحذف 28,000 مادة لها علاقة بالإرهاب من الإنترنت، بما فيها 46 شريط فيديو لداعش. كما وناقشت هذا التهديد الإرهابي المتزايد مع المفوض العام للشرطة سير بيرنارد هوغان – هاو. وموقفنا واضح، فلو رفع البعض راية الدولة الإسلامية أو حاولوا تجنيد أشخاص للقضية الإرهابية فسيتم اعتقالهم ومصادرة المواد التي بحوزتهم. ومع أننا متسامحون، إلا أنه لا تسامح يعطي مساحة لهذا التطرف المسموم في البلاد".
 
و"إلى جانب رد أمني قوي، يجب  أن يكون هناك رد سياسي، فنحن نعرف أن الجماعات الإرهابية تزدهر في مناخ سياسي غير مستقر، وعليه فيجب علينا دعم بناء دعائم الديمقراطية وحكم القانون واستقلالية القضاء وحفظ حقوق الأقليات، وحرية الإعلام وإنشاء الأحزاب ومكان مناسب للجيش في المجتمع ولا يمكن فرض أي من هذه الأشياء من قبل الغرب". 

"فكل بلد يجب أن يختار طريقه، ويمكننا ويجب علينا أن نلعب دورا مهما لدعمها. فقد استغل متشددو داعش غياب حكومة ممثلة وموحدة في بغداد. وعليه فنحن ندعم الفرصة ببداية جديدة مع اختيار رئيس الورزاء المكلف حيدر العبادي. وتحدثت معه بداية هذا الأسبوع، وأكدت له أننا ندعم أي محاولات لتشكيل حكومة تشارك وطني، تستطيع توحيد المجتمعات العراقية – السنية والشيعية والكردية ضد العدو المشترك الدولة الإسلامية والتي تهدد طريقة حياة الجميع".

وقال: "سيتجمع المجتمع الدولي حول هذه الحكومة الجديدة ولكن جيران العراق في المنطقة يعتبرون مهمين في الوقت نفسه، ولهذا يجب أن نعمل مع دول مثل السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة ومصر وتركيا ضد هؤلاء المتشددين، وربما مع إيران، والتي ستختار في هذه اللحظة التعاون مع المجتمع الدولي ضد هذا التهديد المشترك. وأرغب بدور بريطاني قيادي في الجهود الدبلوماسية. وعليه سنقوم بتعيين ممثل خاص لدى حكومة إقليم كردستان، وسنستخدم قمة حلف الناتو في ويلز واجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لحشد الدعم الدولي".

 و"أخيرا، وفي الوقت الذي يجب أن نتسم فيه بالذكاء والشدة، علينا أن نتحلى بالصبر، فنحن وسط معركة جيل ضد أيديولوجية سامة ومتطرفة، والتي سنواجهها على ما أعتقد حتى نهاية حياتي السياسية. ففي داعش نواجه تهديدا يتميز بالفردية والتصميم ورباطة الجأش في محاولته تحقيق أهدافه. فهذا التنظيم لا  يسيطر فقط  على الآلاف من العقول ولكن على ألآلاف من الأميال المربعة من الأراضي، ومحا جانبا الحدود التي تفصل ما بين العراق وسوريا لتحديد ما أطلق عليها "الخلافة"، وهو بهذه المثابة لا يخفي أهدافه التوسعية، وحتى اليوم فقد أصبحت حلب المدينة القديمة على مدّ بصره. ويتفاخر بخططه التي أعدها للأردن ولبنان وتركيا. وسنواجه دولة إرهابية على شواطئ البحر المتوسط حال نجاحه، وستكون هذه الدولة قريبة من حدود دولة هي عضو في حلف الناتو، وهذا خطر واضح على أوروبا وعلى أمننا. وهو تهديد شاق وهذا لا يعني أنه لا يمكن قهره ما دمنا جاهزين ولدينا الإرادة السياسية والدفاع عن قيمنا وطريقة حياتنا بنفس الإرادة،  الشجاعة والمثابرة كما فعلنا عندما واجهنا مخاطر سابقا. هذا ما هو على المحك، وعلينا أن نرتفع لمستوى التحدي".