يفتح الرضيع "إبراهيم الغول" (30 يوما) عينيه، لثوانٍ معدودة، ثم سرعان ما يُعيد إغلاقهما، وكأنّه يشعر بأن ثمة ما هو غريب وموحش في المكان.
فـ"إبراهيم"، ظل لتسعة أشهر ملتصقا برحم أمه برفقة شقيه التوأم" مصطفى"، الذي انفصل عنه، وإلى الأبد، بعد أن أغارت الطائرات
الإسرائيلية الحربية على منزل التوأم في مدينة رفح جنوبي قطاع
غزة، الأحد الماضي 2 آب/أغسطس 2014، وأحالته إلى كومة من الخراب، والأنقاض، والأشلاء الملتصقة بالجدران، وتسببت تلك
الغارة بمقتل 9 من أفراد العائلة وإصابة 10 آخرين، وتفرّق التوأم إلى نصفيّن.
النصف الأول "مصطفى"، ألقوا بجثته الغضّة، في ثلاجة مخصصة للمثلجات، بعد أن تم إغلاق مستشفى أبو يوسف النجار الرئيسي في رفح، بعد تعرضه لقصف إسرائيلي متواصل.
وداخل ثلاجة (الآيس كريم) رقدت الجثة التي لم تُعرف بعد إن كانت لمصطفى، أم لإبراهيم كما يروي تيسير الغول عم التوأم.
فالتوأم متماثل، ومتشابهان إلى درجة يصعب التفريق بينهما، ووحدها الأم التي ترقد في العناية المركزة في الوقت الحالي، استطاعت كما يؤكد العم أن تفرق بينهما.
وتُشير الأم إلى حبةٍ صغيرة بيضاء تتوسط "النصف الحي من التوأم"، وتهمس وهي تتأوه وجعا:" إنه إبراهيم، والذي مات هو مصطفى".
وفي حضّانة الأطفال يرقد إبراهيم الذي يُكمل اليوم شهره الأول، ويتلقى العناية اللازمة من الأطباء، فيما لا تزال أمه ترقد في العناية المركزة.
ولم تستيقظ بعد -كما يؤكد العم الغول-مدينة رفح من صدمة ما وصفه بالمجزرة البشعة التي فرقت التوأم، وقتلت الأب والأطفال، وأصابت الأم، ودمرت كل التفاصيل.
ويُضيف: "اليوم الجمعة يُكمل إبراهيم شهره الأول، لم نكن نميزه عن مصطفى، كان أولاد أخي الصغار، وجميع من في العائلة، يلتقط الصور لهذا التوأم، وها هي إسرائيل تُفرقهم، وتنتزع النصف الأول عن الآخر".
ويستدير الرضيع "إبراهيم"، يمنة ويسرة، فيما يؤكد الأطباء أن صحته جيدة، وسيتعافى من إصابته قريبا.
غير أن العم، يؤكد أن هذا الطفل سيكبر ويرى صور نصفه الآخر، وهو مُلقى في ثلاجة للمرطبات، وسيشعر بغصة تلازم روحه مدى الحياة، كما أن والده وأخوته قد رحلوا مع شقه التوأم.
وتعرضت مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في الأسبوع الماضي إلى ما وصفه سكان المدينة بحرب الإبادة.
ووفق مصادر طبية فإن القصف الإسرائيلي على المدينة تسبب بمقتل 200
فلسطيني، وتدمير مئات المنازل.
وشنّت إسرائيل حربًا عسكريةً واسعةً على قطاع غزة، في 7 يوليو/ تموز 2014، بدعوى العمل على وقف إطلاق الصواريخ من غزة، باتجاه المدن والمستوطنات الإسرائيلية.
وتسببت هذه الحرب في سقوط 1894 شهيدا فلسطينيًا، فيما أصيب 9817 آخرون، فضلا عن تدمير وتضرر 38080 منزلا سكنيًا ومقرات حكومية ومواقع عسكرية في غزة، حسب أرقام رسمية فلسطينية.
ووفقًا لبيانات رسمية إسرائيلية، قُتل 64 عسكريًا و3 مدنيين إسرائيليين، وأصيب حوالي 1008، بينهم 651 عسكرياً و357 مدنياً. بينما تقول كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، إنها قتلت 161 عسكريا، وأسرت آخر.