صحافة دولية

الغارديان: قتل الأطفال بوابل من القذائف فحش

قالت الصحيفة إن بإمكان إسرائيل تجنب قتل المدنيين - الأناضول
قالت الصحيفة إن بإمكان إسرائيل تجنب قتل المدنيين - الأناضول
خصصت صحيفة الغارديان افتتاحيتها يوم الجمعة لضحايا غزة من الأطفال، حيث شددت الصحيفة على الحاجة لاتفاقية تمنع تكرار ما حصل وقالت إن وقف إطلاق النار ضروري ولكن الاتفاق أهم حتى لا يتبدد وقف إطلاق النار.

وتبدأ الافتتاحية بالقول إن الناس يموتون في الحروب، وقد يقتل الأستاذ في صفه والممرض في المستشفى والمزارع في حقله أما أن يقتل الأطفال بوابل من القذائف التي يطلقها الجنود على بعضهم فإن هذا فحش، فالأطفال ليس لهم دور من قريب أو بعيد ولا يتحملون أقل مسؤولية أو شراكة في المسؤولية كما يتحملها الكبار لدرجة ما.

وتستأنف الصحيفة في الحديث عن براءة الأطفال بالقول: إنهم لا يعرفون الدعاية ولم يتظاهروا في مظاهرات صاخبة ولم يرسلوا الرجال للحرب ولم يجلسوا في اجتماعات الكهول التي تناقش فيها إيجابيات وسلبيات الحرب.. لا لم يفعلوا ذلك كله ولكنهم فقط يموتون أو يفقدون أرجلهم أو أيديهم أو عيونهم. إن المشاهد القادمة من مدرسة ابتدائية في جباليا جعلت مسؤولا أمميا مخضرما يبكي بمرارة. ونقل هذه الصور للعالم بسرعة كبيرة جعل هذه المأساة بمتناول الجميع ومسؤولية الجميع. وبعدها تبدأ اللعبة المعروفة حيث يقوم الناطقون الرسميون بالحديث بأسى عن أن الخطأ هو من الجانب الآخر الذي خبأ المسلحين والهاون والصواريخ في أماكن مكتظة بالمدنيين، أو أنهم حريصون جدا ولكن تحصل أخطاء أحيانا. ولا يوضح أولئك الناطقون الرسميون ما الذي يجعل الجانب الآخر مترددا في وضع كل قواته في إستاد كرة القدم مثلا ليتم حصدهم دون خطر على المدنيين. أما حماس فتلقي باللائمة على النوايا الشريرة للعدو الإسرائيلي.

ثم تقول الصحيفة: لم يذهب الإسرائيليون إلى غزة لقتل الأطفال ولكن كما ألمح جون سنو في تقريره العاطفي هذا الأسبوع، فإنهم دخلوا وهم يعلمون أنهم سيقتلون الأطفال لأنه من المستحيل أن لا تقع أعداد كبيرة من الضحايا الأبرياء في منطقة مكتظة وتعمها الفوضى كغزة. فالطريقة الوحيدة لعدم قتل الأطفال هي عدم دخول غزة أصلا. وهذا يجعل المرء يقول: لماذا دخلوا إذن؟ وكان التبرير المباشر هو أن حماس تطلق الصواريخ وتقوم بعمليات وهذ يشكل خطرا على حياة المدنيين الإسرائيليين. ولكن يمكن معارضة هذه الحجة لأنه وحتى الآن كان أثر هذه الصواريخ محدودا نسبيا، صحيح أنها قد تكون أخطر في المستقبل ولكن هل يحق لبلد أن تتصرف بناء على ما قد يحدث في المستقبل وليس بناء على ما قد حدث؟ وهذا التهديد قد لا يصبح واقعا أبدا بسبب تقدم إسرائيل التكنولوجي أو بسبب التطورات السياسية.

ثم تفند الصحيفة الادعاء الإسرائيلي فتقول إن السبب الرئيسي لدخول إسرائيل الحرب على غزة هو ليس ما فعلته حماس أو إسرائيل وإنما ما تركته ولم تفعله إسرائيل. وتورد هنا ما قاله الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان حيث قال للقيادة الإسرائيلية: "كيف كان لكم إضاعة كل هذه السنوات منذ الحرب الأخيرة دون البدء بمباحثات، ولم تظهروا أقل إيماءة باتجاه التفاوض مع حماس، دون أن تحاولوا تغيير واقعنا المتفجر؟ ولماذا تجنبت إسرائيل في السنوات القليلة الماضية أي مفاوضات حكيمة مع المعتدلين من الفلسطينيين .. ولماذا تجاهلتم ولمدة 12 سنة مبادرة الجامعة العربية حيث ربما كان ممكنا لبعض الدول العربية المعتدلة الضغط على حماس لتقديم تنازلات؟". وبعدها تشير الصحفة إلى المثل الروماني القائل إنه إن أردت السلام فجهز نفسك للحرب، وتقول إن عكسه صحيح أيضا فإن كنت تريد تجنب الحرب جهز نفسك للسلام. فحكومة نتنياهو تدفع ثمن إصرارها على تجنب أي مفاوضات جادة مع الفلسطينيين من خلال سلسلة من الحيل والمشاغلات والتي وصلت أوجها خلال المسار المقحل لعدة شهور والذي أتعب حتى إنسانا صبورا ومتفائلا مثل جون كيري. 
وتنهي افتتاحيتها بالقول إن على العالم الخارجي أن يساعد في التوصل إلى وقف لإطلاق النار يوقف القتل ويجعل هناك ترتيبات لحرية الحركة ودرجة من نزع السلاح وعودة للسلطة الفلسطينية. ولكن هذا لن يثبت طويلا إذا عادت إسرائيل إلى عالم النسيان الذي يفضل معظم سياسييها العيش فيه.. عالم يستطيعون تأجيل السلام فيه مرة تلو الأخرى ويستطيع الشعب الإسرائيلي الذهاب للأسواق كما لو كان يعيش في الدنمارك بالرغم من بعض نوبات الإزعاج. ويقول ديفيد غروسمان إنه يستطيع أن يتبين تغيرا في الرأي الإسرائيلي تحت الدعم الشعبي المصطنع لحرب غزة. فإن كان هذا صحيحا فيمكن دعم هذا التوجه إن أصرت أمريكا والاتحاد الأوروبي على عدم تكرار حرب غزة. وألا تقع قنبلة واحدة في ساحة مدرسة في غزة مرة أخرى أبدا.
التعليقات (0)