لماذا تم تفتيش كيري في الاتحادية قبل لقاء السيسي؟

أظهر مقطع فيديو، بثته قنوات إخبارية مصرية وعربية، قيام ضباط أمن مصريين بتفتيش وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وعدد من معاونيه، باستخدام جهاز للكشف عن المعادن، لدى وصولهم إلى قصر الاتحادية للاجتماع بالرئيس عبد الفتاح السيسي.

واستغرب كثيرون هذا الإجراء غير المألوف في التعامل مع كبير الدبلوماسية الأمريكية، حيث كان المسؤولون المصريون دائما ما يقابلون نظراءهم الأجانب -خاصة الأمريكان- بحفاوة وتقدير بالغين.

ويبدو أن جهة ما تعمدت تسريب الفيديو لإحراج كيري الذي يزور القاهرة لبحث التهدئة في قطاع غزة بين حركة حماس وإسرائيل، بحسب مراقبين.

وكانت مصر قد أبدت عدم ترحيب بزيارة وزير الخارجية الأمريكي للقاهرة في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، وفضلت أن تطرح مباردة للتهدئة بين حماس وإسرائيل دون عرضها على الجانب الأمريكي، وهو ما أثار غضب واشنطن، بحسب مراقبين.

وفي المقابل، أظهرت الإدارة الأمريكية عدم ارتياحها للطريقة التي طرحت بها مصر مبادرتها، حيث تم الإعلان عنها في وسائل الإعلام دون عرضها على حماس، وهو ما أدى إلى رفض المقاومة الفلسطينية للمبادرة وبالتالي طال أمد الحرب في غزة.


معاملة بالمثل

من جانبه قال السفير إيهاب بدوي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن حادث تفتيش وزير الخارجية الأمريكي  جون كيري تم تضخيمه إعلاميا وأخذ أكبر من حجمه.

وأوضح بدوي -في تصريحات تلفزيونية- أن تفتيش الوزير حدث بعدما صدرت إشارة من جهاز كشف المعادن، مؤكداً أن كيري لم يبد ضيقا من هذا الإجراء الذي تعرض له مسؤولون مصريون بالخارج من قبل.

وسبق للولايات المتحدة أن قامت بهذا الإجراء بحق مسؤولين مصريين كبار، خاصة في أوقات الأزمات السياسية بين القاهرة وواشنطن، حيث فتش الأمن الأمريكي أحمد ماهر وزير الخارجية المصري في عهد مبارك، وأمره بخلع حذائه، وتم تفتيشه تفتيشا دقيقا".

بينما قال الدكتور محمد الجوادي المؤرخ السياسي، إن تفتيش جون كيري أمر متفق عليه مسبقا بين الطرفين، مضيفا أنه "شغل علاقات عامة للتغطية على طبيعة العلاقة التي سماها وزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمي بالزواج الشرعي". 

وتابع الجوادي عبر حسابه على "تويتر": "لا تصدقوا أن مصر فتشت كيري من تلقاء نفسها، دا شغل علاقات عامة صهيوني، اشتمني فتشني قلبني عشان ما يعرفوش النزوة العابرة اللي سماها نبيل فهمي جواز".


السيسي خائف

لكن كثيرين رأوا في الواقعة تجسيدا للهاجس الأمني المسيطر على السيسي وخوفه من الاغتيال، فقال الإعلامي عمرو أديب إن "الإدارة المصرية قررت عدم استثناء أحد من التفتيش قبل مقابلة السيسي، ويبدو أنه تم إبلاغ كيري بذلك ولم يعترض".

وأضاف "أديب" خلال برنامجه مساء الثلاثاء: "الوفد المرافق لوزير الخارجية الأمريكي بالكامل تم تفتيشه ذاتيا، معتبرا أن هذا الإجراء يظهر أن مصر الجديدة بعد 30 يونيو أصبحت مختلفة".

وقال الكاتب الصحفي الأردني "ياسر الزعاترة" ساخرا -عبر تويتر- "هوس أمني على حياة الزعيم الخالد، هل يتوقعون أن كيري سيغتال الزعيم؟"

وأكد الدكتور صفوت العالم، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة -في تصريحات صحفية- أن الولايات المتحدة تقدر جيدا أن السيسي مستهدف، وأنه يجب التأكد من تأمينه بشكل كامل، لذلك لم يرفض كيري الإجراء". 

بدوره، قال الخبير الأمني جمال أبو ذكري إن الظروف الأمنية التي تمر بها مصر الآن تجعل السلطات تشك في أي شخص حتى ولو كان وزير خارجية أمريكيا.


 مخالفة دبلوماسية

وقال خبراء في العلاقات الدولية والبروتوكولات إن تفتيش وزير الخارجة كان إجراء خاطئا، حيث تمنع الأعراف الدبلوماسية والقانون الدولي تفتيش الدبلوماسيين أثناء زيارتهم الرسمية.

وأوضحوا أنه لا يجوز تفتيش سفير دولة أو وزير خارجية إلا في حال توافر معلومات مسبقة عن وجود أجهزة تنصت أو مفرقعات يحملونها معهم، وهو الأمر المستبعد في حالة كيري.

واستنكر السفير حسين عيد، مساعد وزير الخارجية الأسبق هذه الواقعة، مؤكدا أن وزراء الخارجية لا يخضعون لمثل تلك الإجراءات.

وأضاف "عيد"، خلال مداخلة هاتفية مع أحد البرامج الإذاعية: "وزير الخارجية لا يخضع للتفتيش لأنه يمثل دولته"، مؤكدا أن السيسي ليس له علاقة بتفتيش جون كيري.

بينما قال أمين عام رئاسة الجمهورية السابق طارق عبد العزيز، إن تفتيش وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل لقائه بالسيسي هو إجراء روتيني مُتبع مع جميع الذين يقابلون رئيس الجمهورية، ما عدا الرؤساء.

وأضاف عبد العزيز، في مداخلة هاتفية مع قناة "أون تي في" الأربعاء، أن هذا الأمر لا يحدث للمرة الأولى، مشيرا إلى إنه سبق وتم تفتيش وزير الخارجية الأمريكي عام 2004 في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وعقب انتشار الفيديو، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت بالتعليقات الساخرة من تفتيش كيري والوفد المرافق له، فقال أيمن داوود: "دا السفرجي بتاع سواق عربية كيري برنة واحدة يقلع السيسي والحكومة كلها ملط".

وتساءلت ثناء خالد قائلة :"بلاش نقول إن مفيش وزير خارجية ممكن يفتشوه، هما أصلا يقدروا يفتشوا أي أمريكي في مصر كده؟".

وكتب محمد دويدار قائلا: "ده كيري كان حاطط رجل ع رجل في وش السيسي، تفتيش ايه اللى هايفتشهوله"، فرد عليه شادي رفاعي بقوله: "كيري لو كان عايز يخلي السيسي يقعد قدامه بالملابس الداخلية كان عملها".