اتهمت أطراف سياسية وحقوقية، بالجزائر، السلطة الحاكمة، باستغلال الفسحة التي وفرها المنتخب
الجزائري بمشواره بكأس العالم في البرازيل، للتغطية على الأزمة السياسية والمشاكل الاجتماعية المتراكمة.
وقال عضو المكتب التنفيذي لشبكة الديمقراطيين في العالم العربي، بوجمعة غشير، في تصريح لـ"عربي21" الجمعة، إن "هناك توظيف سياسي لمشوار المنتخب الجزائري بمونديال البرازيل، و السلطة تستغل المشاعر الشعبية بتأهل منتخب الجزائر للدور الثاني ومباراته البطولية أمام الألمان من أجل الرفع من شعبية الرئيس بوتفليقة".
ويئن النظام بالجزائر تحت وطء مطالب التغيير، من قبل المعارضة المتكتلة ضمن ما يسمى "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" وكذلك "القطب الوطني" المتشكل من أحزاب معارضة، وأيضا تحت ضغط اجتماعي شديد، بسبب البطالة وأزمة السكن.
وشهدت شعبية الرئيس بوتفليقة تراجعا بالأوساط الاجتماعية، خاصة بعد انتخابه رئيسا لولاية رابعة، في 17 نيسان/ إبريل، وان تفتقر الجزائر لهيئة سبر الآراء لرصد وضع شعبية الرئيس، إلا أن الجو الاجتماعي العام، يسوده اليأس و التشاؤم.
لكن الحكومة الجزائرية أولت اهتماما منقطع النظير، للمنتخب الوطني لكرة القدم، الذي اقتطع تأشيرة التأهل لمونديال البرازيل، خريف 2013، وتساوقت النتائج"الايجابية" التي تحصل عليها المنتخب مع "رغبتها" في تخفيف ولو القسط القليل من الضغط الاجتماعي.
وأطلق العنان للاحتفالات و الإفراج، عقب فوز منتخب الجزائر على المنتخب الكوري الجنوبي، يوم 22 حزيران، بأربعة أهداف مقابل هدفين، ثم التعادل الإيجابي، مع منتخب روسيا (1_1)، ومن ثم التأهل للدور الثاني في المنافسة العالمية.
واحتفل الجزائريون أيضا، في أعقاب انتهاء لقاء منتخبهم مع منتخب المانيا، وذلك رغم هزيمة ممثل العرب الوحيد في مونديال البرازيل، بنتيجة هدفين مقابل هدف واحد، بعد الدفع باللقاء إلى الوقت الإضافي.
وأفاد غشير أن "الرئيس بوتفليقة وجد بمنتخب كرة القدم، وسيلة للرفع من شعبيته، بعد أن فشل في أداء هذه المهمة، وسائل الإعلام العمومية ووزارة الاتصال".
وكان الرئيس بوتفليقة بعث بخمس رسائل لإدارة منتخب الجزائر أثناء تواجه بالبرازيل، يحثهم فيها على بذل مجهود من اجل "إسعاد الشعب الجزائري والعرب".
لكن غشير يؤكد أن "الرئيس بوتفليقة يسعى لبناء مجده، ليقدم نفسه على انه منقذ الجزائر، فالرئيس سئم من وسائل الإعلام الحكومية التي فشلت في تلميع صورته محليا".
وقال أيضا" لهذه الأسباب، جعلت الحكومة، مؤسسات اقتصادية حكومية، تتحمل أعباء النوادي الرياضية الأكثر تأثيرا في الشارع، من بينها مولودية الجزائر التي تمولها الشركة الوطنية للنفط" المعروفة اختصارا بـ"سوناطراك".
وأعاد مشوار المنتخب الجزائري، بمونديال البرازيل، أجواء العام 2009 حينما انتصر المنتخب الجزائري، على نظيره المصري ليتأهل لكاس العالم بجنوب أفريقيا، بينما أفاد غشير أيضا أن "الحكومة بالجزائر استغلت النصر الكروي في ذلك العام وتمكنت من تخفيف الضغط عليها وتصديره إلى مصر".
وكثيرا ما استعملت صور كرة القدم بالجزائر في ملفات سياسية، فقد وجهت انتقادات حادة لرئاسة الجمهورية الجزائرية، مارس/ آذار من العام 2008، بسبب عدم ظهور الرئيس بوتفليقة مطولا عبر شاشة التلفزيون العمومي، وتردد حينها انه كان مريضا، لكن بوتفليقة استغل وجود أسطورة الكرة المستديرة، الفرنسي من أصول جزائرية، زين الدين زيدان وعائلته بالجزائر، حيث تمت دعوتهم لمقر الرئاسة وجرى تصوير مشاهد الاستقبال ليظهر بها الرئيس أمام الشعب سالما معافى.
ويعتبر غشير أن " جمهور الكرة اصبح يشكل كتلة ناخبة، تزيد بعشر مرات عن الكتلة التي تشكل الوعاء الانتخابي لعشرة أحزاب سياسية.
بدوره، يؤكد محمد حديبي، القيادي في "حركة النهضة" المعارضة بالجزائر، لـ"عربي21" باعتقادي تقوم السلطة بالجزائر لتوظيف كل الوسائل لاستعادة عذرية مفقودة، حيث تحولت الحكومة من الإشراف وتسيير الشأن العام إلى الإشراف وتسيير المنتخب الوطني وهو بالبرازيل".
ويعتقد حديبي أن السلطة "وجدت نفسها تواجه حرج كبيير بسبب فضيحة انتخابات الرئاسة 17 نيسان وما نتج عنها من عدم تقبل من قبل الشعب ثم انعزالها.. هذا ما دفعها إلى البحث عن بديل يخفف عنها الضغط".
ويرى المتحدث أن "السلطة تعيش حالة حرب نفسية مع الزمن اتجاه إخفاقاتها وبدل أن تعترف بأخطائها وتضع القاطرة على السكة الصحيحة، تقوم بإلهاء الشعب بالرياضة وتضخ اجل ذلك الأموال لكي تجعله يسبح الشباب بحمدها".
وقال حديبي أيضا "لقد عملت السلطة على تجفيف منابع صناعة الأمل للشباب فأغلقت مجالات الفن والثقافة وأوصدت مجالات العمل الجمعوي الحر البعيد عن السلطة بينما صارت السلطة تستغل الرياضة للتوظيف السياسي من اجل القول بانها صاحبة الإنجازات".