مريمة عبدي، سيدة صومالية من بلدة "بير جديد" وسط
الصومال، قطعت أكثر من 15 كيلومتر لجلب
مياه غير نظيفة من أجل أن تروي ظمأ صغارها الذين لايقدرون على تحمل مشقات العطش.
تقول مريمة، بصوت متقطع: "نجلب كل يوم المياه عن منطقة تبعد عنا الكثير حتى نغطي احتياجاتنا الأساسية.. الأطفال والنساء هما الفئتان الأكثر تضرر جراء العطش".
وعادت أزمة نقص المياه مرة أخرى لتكشر عن أنيابها للصوماليين الذين انهكتهم
الحرب، فأكثر من ثمانية من القرويين حصد العطش أرواحهم وسط غياب الإغاثة المحلية والدولية، بحسب شهود عيان، وهو ما لم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الحكومة بشأنه.
فغياب الهيئات الإنسانية والحرب العسكرية الطاحنة في وسط البلاد، أثرت سلبا على حياة البسطاء من أبناء الصومال الذين يواجهون مثلث الموت (الجوع والحرب والأمراض).
تروي مريمة للأناضول قصة موت طفل في حضن أمه بسبب العطش في بلدة "حودلي" بإقليم هيران وسط الصومال.
وتقول إن بعض الأسر لا تتلق مياها صالحة للشرب ليومين، مضيفة أن نصف سكان البلدة فروا من أزمة المياه الجديدة إلى مناطق أخرى.
ويقول رئيس بلدة "بير جديد" محمد حسين وهليه، إن أكثر من ثماني بلدات تابعة لإقليم هيران (وسط) تعاني من نقص شديد للمياه الصالحة للشرب منذ ما يقارب الشهرين.
وأشار إلى أن ما لايقل عن خمسة أشخاص توفوا عطشا في بلدة "بير جديد"، وحدها الواقعة غربي مدينة "متبان"، بإقليم هيران.
وأضاف المسؤول المحلي أن سكان البلدة كانوا يحصلون على حاجاتهم المائية من الآبار المكشوفة والأحواض التي كانت تفيض ماء بعد هطول الأمطار، إلا أن عدم هطول الأمطار بعد في هذا الموسم، أدى لجفاف الآبار، وهو ما أجبر معظم السكان على النزوح إلى مدن أخرى مثل "متبان ومحاس"، في إقليم هيران هربا من الموت جوعا وعطشا.
وحول وصول هيئات إنسانية إلى تلك المناطق لتوفير المياه وإنقاذ حياة المواطنين، قال رئيس بلدة "بير جديد" إنه لا يوجد أية مبادرة حتى الآن من قبل الهيئات الإنسانية سوى مبادرات من شباب المنطقة الذين يبذلون جهودا لمساعدة الأهالي، إلا أن الحاجة الإنسانية تفوق المبادرات التطوعية المحلية، وتحتاج إلى هبّة من الهيئات الإنسانية.
وحذر المسؤول المحلي من مغبة استمرار هذا الوضع الإنساني الخطير، مشيرا إلى أن أزمة نقص المياه ستحصد مزيدا من الأرواح إن لم تصل الهيئات الإنسانية إلى تلك البلدات.
ويذكر أن بلدة بير جديد، وقلال، وقرنو، وهرقبو، وعمودو، وتاس حبال، وجيل جطل، ومدح مرودي، وجرس حبال، بإقليم هيران وسط الصومال من أكثر المناطق تضررا من نقص المياه سواء على مستوى السكان أوالماشية.
ويلجأ السكان في تلك البلدات إلى استخدام مياه غير صالحة للاستخدام الآدمي، والتي يتم جلبها من أماكن أخرى تبعد مسافات تصل إلى 75كم عن أماكن سكنهم.
وإذا كان النزاع العسكري الطاحن حاليا في جنوب الصومال يرتكز أساسه على استيلاء منطقة أو أخرى فإن بلدة "هرقبو " يتصارع شبابها على امتلاك حصة مياه من آبار جافة ما كادت تروي طمأ الطيور والبشر.
ومن جهتها قالت الحكومة الصومالية على لسان وزيرها الخارجية عبد الرحمن بيلي، في وقت سابق، إن حكومة مقديشو درست خطة لتوفير المياه الصالحة للمواطنين الذين يعيشون في أكثر من 20 بلدة في إقليم هيران وسط الصومال، إلا أنه ومنذ مرور أسابيع لا يزال العطش يفتك بأرواح المدنيين.