كشف
ناشطون مصريون النقاب عن أسرار
المذبحة التي شهدتها مدينة
أسوان، السبت، بين قبيلتي الدابودية والهلايل بمنطقة السيل الريفي، التي أسفرت عن مقتل نحو 24 شخصا، وإصابة نحو 32 آخرين، بعضهم فى حالة حرجة.
ونفى النشطاء أي علاقة للإخوان بالحادث، وكذبوا المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، في مزاعمه، بوجود مؤشرات على تورط عناصر إخوانية في إشعال الفتنة بين القبيلتين، على حد تعبيره.
وطالب الناشطون بإقالة محافظ أسوان، ومدير أمنها، "لتقاعسهم عن التدخل المبكر منذ بداية المذبحة لنزع فتيل الأزمة".
وكانت الحكومة المؤقتة أعلنت حظر التجوال في منطقة السيل الريفي، وتعطيل الدراسة لأجل غير مسمى، وسط انتقادات الأهالي للغياب الأمني، وبطء تحرك القيادات السياسية والتنفيذية لمحافظة أسوان لاحتواء الموقف، حيث فشلت زيارة رئيس الحكومة المؤقتة إبراهيم محلب، ووزير داخليته محمد إبراهيم في إنهاء الخصومة، فيما انتقلت النيابة إلى المستشفيات لاستجواب المصابين حول الأحداث.
ونقلت تقارير صحفية شهادة المحامي النوبي محمد عزمي، الذي يعمل بمجال القانون، والمهتم بحقوق الإنسان خاصة الحقوق النوبية، وأحد شهود العيان، من مكان الحدث، وهي شهادة مغايرة لرواية المتحدث العسكري، والداخلية.
وقال عزمي على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إن المشكلة كانت بين طلاب "الهلايلة" وطلاب من قرية دابود النوبية.
وأضاف: "على إثر ذلك قام شخص يدعى بابو كلمبو بإطلاق نار عشوائي على الطلبة، ما أدى لسقوط ثلاثة من القتلى الدابودية، إضافة إلى إمراة نوبية، وهو ما أشعل الاحتقان في القبيلة النوبية فذهبوا إلى بيوت الهلايلة، وأشعلوا النيران فيها، وفي اليوم الثاني هجم الهلايلة على منزل أحد النوبيين، وذبحوا من فيه، وعلقوا جثثهم على باب الجمعية، ولم تستطع الشرطة أن تفعل شيئًا" على حد قوله.
وقال عزمي إن "الداخلية تعلم بالموقف من أول ما المشكلة بدأت، أمام مدرسة محمد صالح حرب الصناعية، والموضوع كان من الممكن حله من البداية، ولكن للأسف ألقت الداخلية في بيانها بمسؤولية الاشتباكات على الأهالي".
وأكد أن "الموضوع أصبح فيه عصبية قبلية، والنوبيون من كل القرى تجمعوا للأخذ بالثأر، وقاموا فجر السبت بمهاجمة بيوت (الهلايل)، وأشعلوا فيها النيران بالناس اللي فيها، ومن نجا من الحرق بالنار قتل بالرصاص، وبعد الانتهاء منهم قاموا بسحب الجثث من أمام البيوت، وسلموها للإسعاف".
وفي سياق متصل، نقلت الصحفية حق الشهد، وهي إحدى الصحفيات التي قامت بتغطية الأحداث في أسوان، شهادة أحد المقربين من الحادث، نافيا أي علاقة لجماعة الإخوان المسلمين بالحادث.
وقال الشاهد إن بعض شباب المدرسة الصناعية من الهلايل كتبوا "كلام وسخ" -على حد وصفه- فوق جدار عن بنات دابودية، فقام أحد الشباب الدابودية بالرد عليهم ما أدى إلى حدوث مشاجرة توفي على إثرها الشاب الدابودي، فقام أقاربه بإشعال النيران في بيوت الهلايل في السيل الريفي حتى يخرج من قتل الشاب الدابودي، ثم اشتدت المشكلة، وقامت العائلتان بإطلاق النار بعضهم على بعض بشكل عشوائي.
واستدرك قائلا: "إحنا في الشغل قلنا السبت الصبح إن الإعلام هيقول الإخوان هم السبب علشان كدة سألنا كويس عن السبب، والحقيقة أن الإعلام كذاب، والمتحدث العسكري بعيد كل البعد عن الحقيقة، لأن ما حدث في أسوان هو مشاجرة بين شباب الهلايل والدابودية".
ومن جهته اتهم النادي النوبي العام بالإسكندرية أجهزة الأمن في أسوان بالتقاعس عن حماية المواطنين من القتل قائلا: "يؤسفنا ما حدث لأبنائنا بالسيل الريفي في أسوان من أحداث دامية، ونأسف لتقاعس المسؤولين عن الأمن في أسوان، وتقصيرهم في حفظ الأمن خاصة أنها ليست المرة الأولى".
وطالب رئيس المؤسسة المصرية النوبية، مسعد هركي، وهو ورئيس النادي النوبي العام الأسبق، بإقالة محافظ أسوان مصطفى يسري، ومدير أمن المحافظة.
وأكد أن غياب الدولة كان سببا رئيسا في تفاقم الأزمة في أسوان، وازدياد عدد القتلى.
وأوضح هركي، أن الأوضاع في أسوان تزداد سوءا منذ الجمعة الماضية، وسط تقاعس من أجهزة الأمن في التحرك لإنهاء الصراع.
وطالب بالتحرك الفوري لوقف الاقتتال الداخلي بشوارع أسوان، مشددا على أن النوبيين "مسالمون"، ولا يعرفون العنف، لكن ما حدث هو نتيجة "غل"، وتراكمات، إثر مقتل طفلين وسيدة دون ذنب، بحسب قوله.
ومن جهته، نعى التحالف الوطني لدعم الشرعية بمحافظة أسوان، "دماء أبنائنا وإخواننا التي سالت من أبناء قبيلتي بني هلال ودابود بأسوان، ونسأل الله -عز وجل- أن يتغمدهم برحمته، وأن يسكنهم فسيح جناته".
وأكد التحالف -في بيان أصدره عقب الأحداث- أن ما يدور في أسوان نذير شؤم الانقلاب على مصر، "إذ أضحت الدماء رخيصة بعد ما أشعل الانقلاب حروب الإبادة حتى صارت يد الدولة هزيلة في الأطراف، وبدأت تفقد سلطتها بعدما ما تركت كل أنواع الأمن، وتفرغت فقط لأمنها الشخصي، وتركت المواطنين يديرون أمورهم بمعرفتهم، وهذا بداية سقوط الدولة، وتفككها".
وحمل التحالف المسؤولية كاملة "لداخلية الانقلاب العسكري لتقاعسهم المتعمد الذي يصل إلى درجة التواطؤ، وذلك بانسحابها من مسرح الأحداث".
وأضاف البيان: "أما بخصوص النسخة الكربونية التي يستدعيها المتحدث العسكري عند كل أزمة تولد من رحم الانقلاب بإلصاقها بالإخوان والثوار، فيكذبها بيان الصفحة الرسمية لداخلية الانقلاب، الذي يُقر فيه بأن سبب إشعال الأزمة مشادة كلامية بين مجموعة من شباب القبيلتين بإحدى المدارس الصناعية، وتطورها وخروجها خارج حدود المدرسة حتى تفاقمت ووصلت إلى ما وصلت إليه".