حقوق وحريات

قانون العنف الأسري الجديد في لبنان "يتسم بالقصور"

منظمة "هيومن رايتس ووتش" - (أرشيفية)
منظمة "هيومن رايتس ووتش" - (أرشيفية)
اعتبرت المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش"، الخميس، أن قانون العنف الأسري الذي أقرّه البرلمان اللبناني قبل يومين سيعزز حقوق المرأة وسلامتها، إلا أنها رأت أن القانون يتسم بالقصور في جوانب محورية.

وأوضحت المنظمة الحقوقية الدولية، في بيان، أن القانون الجديد ينص على تدابير هامة لحماية المرأة، مع ما تتطلبه من إصلاحات شرطية وقضائية، لكنه "يترك المرأة معرضة لخطر الاغتصاب الزوجي، وانتهاكات أخرى".

ولفت البيان الى أن المرأة في لبنان "تواجه معدلات مرتفعة من العنف الأسري"، مشيرا الى أن الخط الساخن المخصص للعنف الأسري، الذي تديره جمعية "كفى" غير الحكومية يتلقى أكثر من 2600 بلاغ عن حالات عنف أسري سنويا.

وقال البيان إن جمعية "كفى" تلقت بلاغات عن مقتل 25 سيدة على أيدي أقاربهن في لبنان ما بين عامي 2010 و2013.

وقالت باحثة حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس"، روثنا بيغم، إن "القانون اللبناني الجديد بشأن العنف الأسري يعترف أخيرا بحاجة السيدات المعرضات لإساءة الأزواج والأقارب إلى الحماية وسبل الإنصاف القانونية، إلا أن القانون يتسم بأوجه قصور جسيمة، وعلى البرلمان التفكير في تعديله بحيث يوفر للسيدات حماية متكاملة من العنف الأسري".

وكانت جمعيات حقوق المرأة ومقدمو الخدمات بمجال حقوق المرأة في لبنان، قادت حملة استمرت عدة سنوات لإقرار قانون للعنف الأسري.

واحتجت الجمعيات على أوجه القصور في القانون، وقالت إنها ستضغط على البرلمان لتبني تعديلات من شأنها توسيع الحماية.

واعتبر بيان "هيومن رايتس" أن القانون، يشتمل على "عناصر إيجابية" مثل النص الذي يتيح للسيدة الحصول على أمر حماية من الشخص المسيئ، كما يدعو إلى إنشاء ملاجئ مؤقتة للناجين من الإساءة، وتخصيص نائب عام في كل محافظة لتلقي الشكاوى والتحقيق في حالات العنف الأسري، وإنشاء وحدات مختصة بالعنف الأسري في قوى الأمن الداخلي للتعامل مع الشكاوى.

وأشار الى أنه من المنتظر أن يقوم الرئيس اللبناني ميشيل سليمان بالتوقيع على مشروع القانون للعمل به في غضون أسابيع.

واعتبر البيان أن نسخة القانون التي تبناها البرلمان اللبناني "تثير بعض بواعث القلق"، فالقانون يعرّف العنف الأسري على نحو ضيق، ومن ثم فهو لا يوفر حماية كافية من جميع أشكال الإساءة.

وينص القانون على  أن "أي فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد بهما يرتكب من أحد أعضاء الأسرة ضد فرد أو أكثر من أفراد الأسرة ... ويتناول أحد الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، ويترتب عنه قتل أو إيذاء جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي".

وأوضح البيان أن الجرائم المشار إليها في القانون تتعلق بالإجبار على التسول أو الدعارة أو القتل أو الزنا، واستخدام القوة أو التهديد بها بغية المعاشرة الجنسية، وقد تم تجريم الاعتداء والتهديد بالفعل بموجب قانون العقوبات اللبناني إلا أنهما لم يذكرا صراحة كجرائم في قانون العنف الأسري.

وتدعو المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة إلى تعريف شامل للعنف الأسري، يشمل أعمال العنف البدني والجنسي والنفساني والاقتصادي.

واعتبر أنه من "أوجه القصور" الرئيسية في القانون أنه لا يجرّم الاغتصاب الزوجي تحديدا، حيث لا يعد جريمة بموجب سائر القوانين اللبنانية.

أما نص القانون على الأمر بمنع التعرض، الذي يعد أمرا بالحماية، فهو "مفرط الضيق بدوره"، ينبغي أن تتمكن الضحايا من الحصول على تلك الأوامر على وجه السرعة حتى تكون فعالة.

وقال البيان إن القانون الجديد يلزم الضحية بتقديم طلب الحماية إلى قضاة التحقيق أو المحاكم، لكنه لا يتطرق إلى تكلفة القيام بهذا، ولا إلى كيفية الحصول على الأمر خارج ساعات عمل المحاكم، داعيا لبنان الى توضيح القانون لضمان إمكانية استصدار أوامر الحماية الطارئة قصيرة الأجل على وجه السرعة.

وقالت "هيومن رايتس" إن الحكومة اللبنانية بدورها تحتاج إلى التعامل مع قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية المتسمة بالتمييز، والتي تساهم في العنف الأسري، معتبرة أن المادة 22 في القانون الجديد تثير القلق أيضا، فهي تقرر إلغاء جميع النصوص المخالفة للقانون باستثناء قوانين الأحوال الشخصية وقانون حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر.

واعتبرت المنظمة أن هذه المادة تناقض توصيات "دليل الأمم المتحدة للتشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة"، الذي يقرر أنه "حيثما تعارض القانون الديني أو العرفي مع نظام العدالة الرسمي، ينبغي حل التعارض بإيلاء الاعتبار إلى الحقوق الإنسانية للناجين بما يتفق مع معايير المساواة بين الجنسين".

وأشاد البيان باشتمال القانون الجديد على آلية لتمويل الإصلاحات التي يغطيها "وهي خطوة إيجابية"، داعيا الحكومة اللبنانية الى "التحرك فورا لتنفيذ القانون، وإنشاء آليات رقابية لضمان تنفيذه، وصياغة بروتوكولات واستراتيجيات وطنية لكافة الوزارات المشاركة في التعامل مع العنف الأسري".

وأشار الى أنه "على البرلمان أن يصلح قانون العنف الأسري دون إبطاء، وأن يطور استراتيجية وطنية لتنفيذ القانون. لكن لا يصح لأعضاء البرلمان التوقف عند هذا الحد، فعليهم أيضا إصلاح قوانين الأحوال الشخصية التي كثيرا ما تؤدي دور الممكن للعنف".

وصادق مجلس النواب اللبناني، الثلاثاء الماضي، على قانون "العنف الأسري" دون أي تعديل في القانون، في وقت اعتصمت عشرات النساء أمام مبنى الامم المتحدة في وسط بيروت لمطالبة المجلس بإقرار قانون خاص لحماية النساء من العنف الأسري، بعد مقتل اربعة زوجات على يد أزواجهن منذ تموز/ يوليو الماضي.

تجدر الاشارة الى أن مشروع قانون العنف الأسري بقي تحت الدرس في اللجان النيابية لشهور طويلة واصطدم بعدم مبالاة بعض المشاركين من النواب حينا، وبعدم جديتهم واطلاعهم الكافي على مواد القانون، كما بتصلب مواقف ممثلي بعض المؤسسات الدينية الذين حاولوا وضع العصي بالدواليبحينا آخر، بحسب الناشطات اللواتي استمرين بتحركاتهن المكثفة خلال الاشهر الماضية.

وعاد ملف العنف ضد المرأة ليتصدر واجهة الاهتمامات الاجتماعية في لبنان بعد تعرض أربع زوجات للضرب حتى الموت من قبل ازواجهن، و كانت منذر آخر ضحايا هذا العنف.
التعليقات (0)