كتب ستيف كوك الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية عن العلاقة بين
السعودية والإخوان المسلمين وسياسة
الإرهاب.
وقال الكاتب إن إعلان السعودية حركة
الإخوان المسلمين جماعة إرهابية إلى جانب جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) المرتبطتان بتنظيم القاعدة لم يكن مفاجئا للجميع، لأن الرياض أثبتت أنها حليف قوي وراعٍ متحمس لانقلاب تموز/ يوليو، ولجهود الحكومة المدعومة من العسكر لنزع الشرعية عن حركة الإخوان المسلمين. والقرار متعلق كما يقول بالسياسة أكثر منه بالإرهاب، مضيفا "ما جعلني أكتب تغريدة: "لا أتذكر ان الإخوان المسلمين قاموا باختطاف تلك الطائرات السعودية".
وقال الكاتب "كانت هذه هي طريقتي في التعليق على نفاق السعودية، وبهذه الطريقة كنت أتوقع تغريدات سعودية غاضبة، ولكنها فشلت أن تضرب على وتر حساس بينهم". وأوضح أنه تلقى ردا من
مصريين سخروا منه. حيث قال أحدهم "ربما التقيت مع بعض أعضاء الأخوان الذين كذبوا عليك واحتقروك، وخدعوك بطريقة مقصودة بابتساماتهم الصفراء".
ويمضي بالقول "هناك الكثير من المحاولات لإقناعي بأن الأخوان المسلمين والقاعدة يتشاركان في نفس الأيديولوجيا، ومرة أخرى لا يوجد هناك ما يثير الدهشة. وفي اللحظة الكارثية التي يعيشها المصريون اليوم، فالالتزام بالتيار المعادي للإخوان المسلمين هو أهم من الالتزام بالحقائق التاريخية التحليلية والتدقيق.
ويقول "قد تكون هناك علاقة بين الإخوان المسلمين والإرهاب، علينا أن نشترط أن مؤسس الإخوان حسن البنا، جمع الأسلحة وأنشأ جناحا عسكريا "الجهاز السري"، وعلينا الاعتراف أن الإخوان المسلمين تورطوا في سلسلة من الاغتيالات، والتفجيرات وأفعال عنف في فترة الأربعينات غير المستقرة وبداية الخمسينات من القرن الماضي. صحيح أنه في اعتصام رابعة العدوية والقمع الدموي الذي انهى الاحتجاج، تبنت قيادة الإخوان لغة عنف وشهادة".
ويواصل "بالنسبة للكثير من المصريين فزيادة الهجمات والعمليات الإرهابية في شبه صحراء سيناء والقاهرة والإسماعيلية بعد انقلاب 3 تموز/ يوليو يثبت العلاقة بين الإخوان والجماعات الجهادية مثل أنصار بيت المقدس، أجناد مصر، وكتيبة الفرقان التي تقوم بارتكاب أفعال العنف. ولا يوجد ما يثبت علاقة الإخوان بهذه الجماعات".
ويقارب الكاتب بين تغريدة القارئ المصري، وبين قبوله بطريقة واضحة الصيغة التي تربط العنف عند الإخوان بكتابات سيد قطب خاصة "معالم في الطريق" الذي يعتبره الجهاديون دليلهم. لكن هذا القبول يتجاوز الكثير من الحقائق، وهنا يعيد كوك قارئه لبعض ما ذكره حول هذه القضية في كتابه "المعركة من أجل مصر" الذي قال إن علاقة سيد قطب وقيادة الأخوان المسلمين كانت معقدة، ومحفوفة بالكثير من الخلافات الفكرية، وشكلتها مقتضيات إنقاذ الإخوان المسلمين بعد الهجوم الذي قام به عبد الناصر ضد الحركة.
في كتابه يقول كوك إن ناصر اعتقل قطب عام 1954 بعد محاولة الاغتيال المعروفة، وأدخله معتقل طرة حيث انشغل بمراجعة مسودات من تفسيره "في ظلال القرآن"، فيما كمم صوت المرشد العام حسن الهضيبي، مما جعل الإخوان بدون قيادة أو مرشد .
وفي هذه الفترة سدت أفكار قطب الفراغ الفكري الناتج عن قمع الحركة. وتحول قطب لمرشد لعدد من الإخوان الذين أطلق سراحهم في الفترة ما بين 1957-1958، والذين بدأوا ينظمون أنفسهم في خلايا سرية. وأصبح قطب مرشدهم الروحي واستطاع بأرضيته التعليمية اعداد منهاج تعليمي لتلك الطليعة، ثم اعلن عن اكتشافها عام 1965. ويناقش الكاتب هنا أسباب إعدام قطب وخطورة أفكاره على ناصر.
ويناقش الكاتب هنا الأثر الذي لعبته أفكار قطب بين دعاة التكفير، وكيف تعاون الهضيبي نفسه وعلماء الأزهر على مواجهة اثر كتاب سيد قطب، وفي فترة لاحقة تعاون الإخوان مع السلطة على مواجهة الفكر المتطرف وذلك في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي (ألف الهضيبي كتاب "دعاة لا قضاة" للرد على منهج قطب- "عربي21").
أما فترة العنف في التسعينات فلم يكن للإخوان فيها أي دور فيها كما يؤكد كوك، مع أن الحكومة زعمت كما تقول الآن أن لا فرق بين عنف الجماعات الإسلامية المتطرفة والإخوان. كل هذا رغم أن من اغتالوا السادات لم يكونوا على علاقة بالإخوان أو انهم تركوا الجماعة لأنها لم تمارس الجهاد.
والكاتب وهو يعبر عن مواقف اليمين المحافظ لا يرى أن الإخوان قوة تدعو للتعددية والديمقراطية، فهو يرى أنهم لم يتخلوا عن أهدافهم لأسلمة مصر. ومهما يكن فكل الحديث عن التطور العملي للحركة ليس في محله، وهناك تفسيرات كثيرة لمواقفها وتاريخها. وهذا لا يلغي اختلاف الاخوان عن القاعدة وجبهة النصرة في سوريا.
وفي الوقت الحالي الذي يلجأ فيه بعض الإخوان في مظاهراتهم إلى استخدام المولوتوف والحجارة، إلا أن الإخوان على مستوى القاعدة تظل حركة سياسية تخوض معركة سياسية، وهذا هو السبب الذي دفع الرياض لتصنيفها كجماعة إرهابية لأن "جماعة إخوان مسلمين ناجحة في مصر تمثل تهديدا لنظرتهم الإسلامية والمتشددة".