سياسة عربية

أحزاب تدعو لترك بوتفليقة "يغرد" لوحده بالانتخابات

(من اليمين إلى اليسار في الصدارة) عبد  الرزاق مقري ومحسن بلعباس  ومحمد حديبي
(من اليمين إلى اليسار في الصدارة) عبد الرزاق مقري ومحسن بلعباس ومحمد حديبي

دعت ثلاثة أحزاب رئيسية مقاطعة لانتخابات الرئاسة في الجزائر؛ المرشحين الى الانسحاب من السباق الرئاسي، بعد إعلان ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة، ما يعني بالنسبة لها ان الاستحقاق الرئاسي سيكون "مغلقا".

جاء ذلك في اجتماع لقادة أحزاب المعارضة المقاطعة للموعد الانتخابي المقبل اليوم الاثنين، حيث توج الاجتماع ببيان مشترك اتفق فيه المجتمعون على "دعوة الشعب الجزائري لمقاطعة الانتخابات الرئاسية المحسومة سلفا لما تكتسيه من مخاطر على مستقبل البلاد".

كما دعا قادة الأحزاب كل المرشحين "للانسحاب من هذه المهزلة الانتخابية المعلومة النتائج في غياب شروط النزاهة والحياد". ودعا أيضا المجتمعون لتنظيم "ندوة حوار وطني تشمل كل الفاعلين السياسيين لتجاوز الوضع المتعفن الذي تمر به البلاد وبلورة تصورات مستقبلية تفضي إلى الاستقرار وتأمين مستقبل الأجيال".

وقال القيادي في حركة "النهضة" الاسلامية محمد حديبي لـ"عربي 21" مباشرة بعد الاجتماع: "أعتقد ان البلد على شفا الانفجار، ولم يعد اليوم مجديا السكوت على ألاعيب السلطة التي اكتشفها العالم كله".

وأضاف حديبي: "لن نسكت على مناورات السلطة للزج بالبلاد في نفق مظلم هي من تتحمل لوحدها هذه الوضعية، ولا يمكننا كطبقة سياسية جادة ومسؤولة ان نعود الى بيوتنا، ولذلك دعونا الى هذا الاجتماع لوضع خارطة طريق التحرك عنوانه انقاذ الجزائر من إرادة الفساد والاستبداد".

وضم الاجتماع الذي عقد بمقر النهضة، إلى جانب حديبي، كلا من رئيس "حركة مجتمع السلم" الإسلامية عبد الرزاق مقري، ورئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية " العلماني محسن بلعباس.

وأفاد حديبي ان قادة الأحزاب المقاطعة قامت بتشريح مستفيض للوضع السياسي خاصة بعد إعلان الوزير الأول عبد المالك سلال، ترشح الرئيس بوتفليقة "المريض" لعهدة رابعة، بينما ورد في بيان المجموعة ان الاجتماع ينعقد "في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الخطيرة التي تمر بها البلاد خاصة ما تعلق بالتدهور والاختلال المالي والاقتصادي للبلاد وفقا للتقارير والإحصاءات المعلنة، والتي تتحمل فيها السلطة الحاكمة كل المسؤولية أمام الشعب".

ورد حديبي عن سؤال "عربي 21" حول ما إذا كانت مجموعة المقاطعين تتوقع استجابة مرشحين للرئاسيات لدعوتها بالانسحاب، فقال: "اعتقد الآن ان الساحة ستفرز من ينتصر لمصالح العليا للشعب ومن يخضع للأوامر وأطماع السلطة، فهي تبيع لهم الأوهام .. نعم نتوقع ان يستجيب المترشحون لندائنا بالانسحاب".

وحول قدرة الرئيس بوتفليقة على إدارة حملته الانتخابية والخروج إلى الشعب للترويج لبرنامجه، قال حديبي: "اعتقد ان النظام وأجهزة الدولة كلها مسخّرة له ولحملته، دون الحديث عن أحزاب السلطة".

وكان بوتفليقة قد أعلن عن ترشحه على لسان الوزير الأول عبد المالك سلال السبت الفائت في وهران (400 كلم غرب العاصمة)، وانتقدت المعارضة صيغة إعلان ترشحه، وأجمع قياديوها على أن الرئيس بوتفليقة لا يستطيع حتى أن يبوح بإعلان ترشحه، وأنه يمكن ان يكون على غير دراية بما يجري من حوله.

وعاش بوتفليقة تجربة مريرة في انتخابات الرئاسة عام 1999، عندما انسحب من السباق الرئاسي كل منافسيه وهم: مولود حمروش وأحمد طالب الابراهيمي ومقداد سيفي وعبد الله جاب الله وحسين آيت احمد، بمبرر ان نتائج الاقتراع قد حسمت لصالح بوتفليقة بالتزوير المسبق. ويتوقع مراقبون ان يتكرر هذا السيناريو في انتخابات الرئاسة المقبلة.

وقال عثمان معزوز، القيادي في " التجمع من اجل الثقافة و الديمقراطية"، لـ"عربي 21" اليوم: "إن ما يجري هو تعزيز لمنطق حكم العشيرة الرئاسية". وأضاف معزوز: "إن مؤسسات الجمهورية انصهرت في مشيئة شخص واحد هو الرئيس بوتفليقة، وهو يريد إتمام حياته على كرسي قصر الرئاسة.. البلد يواجه أزمة خطيرة فعلا".

في المقابل، اعتبر بيان لـ"التجمع الوطني الديمقراطي" الموالي لرئيس الجمهورية أن ترشح بوتفليقة لانتخابات الرئاسة "يبعث على الارتياح". وأضاف: "لقد سجلنا الأصداء الواسعة المرحبة بهذه الخطوة التي جاءت استجابة لنداءات فئات عريضة من المجتمع ممثلة في أطياف عديدة من الطبقة السياسية والمجتمع المدني، حيث يعتبر إعلان ترشح السيد عبد العزيز بوتفليقة تعبيرا صادقا عن الحاجة لتثبيت الاستقرار وتعزيز الوحدة الوطنية وحماية مؤسسات الجمهورية" حسب تعبير البيان.

لكن هذا الموقف لا يجد ما يبرره لدى قطاع واسع من الجزائريين، حيث يقود المئات منهم حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للاعتراض على ترشح بوتفليقة للموعد الرئاسي المقبل.

وقال الجزائري حفيظ دراجي، المذيع الرياضي الشهير بقناة"الجزيرة الرياضية"، في حسابه على الفيس بوك: "سيدي الرئيس ، أطلب منك ان تعفيني من جملة المواطنين الذين ستكون رئيسا لهم بعد 17 نيسان/ ابريل المقبل". وتابع في تدوينة سماها "رسالة الى رئيس الجمهورية": "بعد قراراك الترشح عن طريق معالي الوزير الأول استجابة لدعوات سعيداني وعمار غول وشلبية محجوبي وكل المطبلين والانتهازيين دون أن نسمع لك حس أو نشاهدك تقف وتمشي، تأكدنا رسميا بأنك لم تعد قادرا على الحركة والكلام ولا تتوفر فيك كل شروط الترشح التي ينص عليها الدستور، ومع ذلك فإنك لم تحترم القانون، ولم تحترم شعبك الذي حكمته طيلة خمسة عشر عاما وفعلت به ما لم يفعله من سبقوك دون أن يدري بسبب ثقته المفرطة فيك، وتصر على البقاء مسلطا على رقابنا رغم ظروفك الصحية ورغم خياراتك الخاطئة".

ورأى محمد حديبي ان "البلد يتجه إلى النفق المظلم ونتوقع الانفجار في أي لحظة ولن ينجوا من الخطر اي احد، والنظام قد فشل وعليه ان يتحمل مسؤولية فشله بتسليم مقاليد الحكم إلى الشعب عبر آلية واضحة، وهي الانتخابات الحرة والنزيهة".

وحتى الآن أعلن أكثر من 100 شخص رغبتهم في الترشح لانتخابات الرئاسة، حسب بيان سابق لوزارة الداخلية.

وأعلنت عدة شخصيات سياسية، ورؤساء أحزاب، نيتهم الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، أبرزهم رئيسا الحكومة السابقين علي بن فليس، وأحمد بن بيتور والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون التي تعد أول امرأة تدخل السباق.

وأعلن المجلس الدستوري -وهو أعلى هيئة قضائية في البلاد، يخولها الدستور دراسة ملفات الترشح للرئاسة في بيان سابق له- أن "آخر أجل لإيداع ملفات الترشح لانتخاب رئيس الجمهورية سيكون يوم 4 آذار/ مارس 2014 في منتصف الليل".
التعليقات (0)