ملفات وتقارير

فورين بوليسي: المالكي مسؤول عما يجري في الأنبار

قوات المالكي في الأنبار - ا ف ب
قوات المالكي في الأنبار - ا ف ب
قال مارك بيري في مجلة "فورين بوليسي"، إن رئيس وزراء العراق نوري المالكي، يقوم بتكرار نفس الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في محافظة الأنبار، وتساءل عما إذا كان الوقت قد فات على المالكي كي يغير طريقة تعامله مع الإقليم المضطرب قبل أن يسيطر عليه. 



ويذكر في بداية مقاله أن هناك قلقا أمريكيا من الوضع في المحافظة التي سيطر مقاتلون تابعون للدولة الإسلامية في العراق والشام على مدينتين رئيستين فيها، وهما الرمادي والفلوجة. 



وتم إخراج المقاتلين من معظم أجزاء الرمادي، لكن الفلوجة لا تزال في أيدي المقاتلين وآخرين من أبناء العشائر المعارضين للمالكي. 







وينقل الكاتب هنا عن مستشار لوزيري الدفاع الأمريكيين السابقين دونالد رمسفيلد وروبرت غيتس قوله: "الناس الذين يعرفون العراق جيدا كانوا يتوقعون حدوث هذا، ومنذ بداية الصيف الماضي". 







وأضاف متهما المالكي بأنه ظل "يتدخل في الأنبار ويشعل القبائل فيها، وكانت لعبة فاضحة عن السلطة، واعتقد أنه كلما أصبح الأنبار أكثر غضبا، كلما بدا وكأنه الرجل القوي للعراق. وخمن بأنه سيظهر بمظهر المدافع عن الشيعة ويفوز بولاية ثانية كرئيس للوزراء".







خطوات القمع







و"على العكس، فإنه من خلال تضييقه الخناق على الأنبار، فقد فتح الباب أمام انتفاضة واسعة". 



ويشير الكاتب إلى قيام المالكي في 28 كانون الأول/ ديسمبر، بفرض قانون الطوارئ في الأنبار،  وأنه أرسل قواته الأمنية للمدينة لاعتقال النائب في البرلمان أحمد العلواني، أحد قادة الحراك السني، العملية التي قتل في أثنائها  خمسة من حراسه وشقيقه وشقيقته. 







وأضاف أنه "بعد يومين من العملية هذه اتهم المالكي بالتعاون مع الإرهابيين وفرض حظر التجول على المحافظة. وهو ما كان بداية لمواجهة بين المسلحين من أبناء المحافظة الذين تداعوا للدفاع عن محافظتهم والجيش العراقي الذي واجه مقاتلين مجهزين جيدا. لكن المالكي الذي اكتشف أنه بالغ في إجراءاته أمر الجيش في 31 كانون الأول/ ديسمبر بالانسحاب من مدن المحافظة، ولم يعرف أنه بقراره هذا تركها بدون حماية، خاصة الرمادي والفلوجة".  







وأشار الكاتب إلى أنه "خلال أيام سقطت معظم المدن بيد مقاتلين مسلحين من أبناء القبائل وآخرين من مقاتلي الدولة الإسلامية".







ليسوا إرهابيين







 ويتحدث بيري عن الجنرال رعد الحمداني، قائد الفرقة السادسة في الحرس الجمهوري أثناء حكم صدام الذي تعاون من أجل بناء الصحوات العراقية، ويشعر بأن المالكي يدمر الجهود التي بناها مع شيوخ القبائل لمواجهة القاعدة. 







ويقول إن "الحمداني الذي يعيش في عمان الآن، يراقب القمع الذي يمارسه المالكي على الاحتجاجات السلمية، ما فتح الباب أمام صعود جديد للقاعدة". 







ويعلق على التطورات بقوله "يولد الإرهاب من رحم اليأس"، مشيرا إلى "القرارات السياسية الفقيرة والسياسات السيئة، ونرى هذا  في العراق عندما وصف أبناء الأنبار الذين احتجوا وطالبوا بحقوقهم بالإرهابيين. فالأحداث الأخيرة ليست من صنع الإرهاربيين ولكن نتاجا لأحكام المالكي الخاطئة، وكان يجب أن لا تحدث".







ويبيّن بيري أن ضباط المارينز الذين التقوا عام 2004 بالحمداني في عمان يشاركونه رؤيته القاتمة حول الوضع في الأنبار. ومن بين هؤلاء العقيد مايك وولكر، القائد السابق للمجموعة  الثالثة للشؤون المدنية، وهي وحدة احتياط نشرت في الأنبار بعد إعادة تنشيطها في عام 2004.







 ويرى وولكر، بحسب الكاتب، أن أفعال المالكي كانت نتاجا لسوء تقدير الأمريكيين التي بدأت عندما فشلت الولايات المتحدة لإجبار إيران على دفع ثمن سحق الحركة الخضراء عام 2009. 







ويرى أيضا أن غياب التصميم الأمريكي لدعم الحركة الخضراء أشار إلى "فك الأمريكيين ارتباطهم في المنطقة، ما جرّأ حكومة بشار الأسد ودفع المالكي  أكثر لأحضان الإيرانيين". 







ومع تراجع واشنطن من المنطقة، فإن "الفراغ الذي تركته ملأه المتشددون من طهران، وهو ما دفع المالكي للميل أكثر تجاه الإيرانيين والابتعاد عن الدول العربية والغرب".







ويضيف وولكر أن "المالكي لم يكن كارها للسنة ولكن من أجل الاحتفاظ بعلاقته مع إيران كان عليه إرضاء وكلائها في العراق والراديكاليين الشيعة في ائتلافه، ما جعله يخسر الكثير من الثقة التي بناها مع السنة العراقيين".







مواقف المارينز







ويعتقد بيري أن أفكار وولكر تعكس تفكير الكثير من ضباط المارينز الذين خدم معهم قبل عقد من الزمان تقريبا. فهؤلاء -كما يقول- يشعرون بالقلق من عودة القاعدة للفلوجة مرة أخرى بعد المعارك التي خاضها الجيش الأمريكي مع المقاتلين التابعين للتنظيم. ومثلهم مثل قادة العشائر الذين التقوا بهم أثناء خدمتهم العسكرية في الأنبار، فهم موزعون بين الخوف من إيران من جهة وبين الخوف من التطرف الإسلامي من جهة أخرى. 







وينقل عن ديف هارلان من نفس الفرقة التي قادها وولكر قوله: "عندما تشارك في هذه الأمور فإنه لا يمكنك نسيانها.. وقمنا بعقد علاقات لأننا كنا نعرف أننا ننقذ أرواحا من خلالها.. وكان يجب علينا الحفاظ على علاقتنا مع القبائل ولو حدث هذا لما حلمت القاعدة بالعودة للأنبار".







ولكن بناء الصحوات، بحسب بيري، لم يمر بسهولة وبدون معارضة من المسؤولين السياسيين في الإدارة، وبحسب باتريك مالوي من الفرقة الأولى من قوات المارينز التي نشرت في الأنبار عام 2004، فإن جهدا كبير استنفد لتحقيق الصحوات. مشيرا إلى شكوك المسؤولين بنجاعاتها وإلى أن أفرادها قد يتركونها.







معارضة رايس







 وعارض دبلوماسيون وعسكريون الفكرة في البداية، وعندما علم الجنرال جورج كيسي، قائد القوات الأمريكية في العراق باللقاءات التي يعقدها وولكر مع مشايخ الأنبار، قام بمنع قادة المارينز من عقد لقاءات في المستقبل مع مشايخ  القبائل بدون موافقة من وزارة الخارجية.







وأكد لرئيس الوزراء المؤقت في حينه أياد علاوي أن اللقاءات توقفت واتهم قائد الفرقة الأولى جيمس كونوي بأنه وفرقته يقومون بأعمال قد تؤدي إلى نتائج سيئة وإن حسنت النوايا.







ويستدرك قائلا: "بل ذهبت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لأبعد من هذا وطلبت باعتقال جون كولمان وكونوي بعد معرفتها بأنهما التقيا الحمداني، حيث اقتيدا من الأردن لبغداد ووضعا تحت إقامة جبرية". 



ويتابع الكاتب بأنه، أخبر كولمان المسؤولين الأمريكيين حال وصوله بغداد بأن الحديث مع قادة الأنبار خير من قتالهم من بيت لبيت في الفلوجة، وأنها استمرت اللقاءات لتتوج في أيلول/ سبتمبر  2006 بإنشاء مجلس الصحوات الذي  وحد 42 عشيرة. 







ويعتقد جيري جونز الذي عمل في مكتب وزير الدفاع رمسفيلد، بأن مجالس الصحوات كانت بمثابة المختبر لما كان يحدث في العالم العربي من المغرب لليمن. 







ولكن جونز –كما يقول بيري- مثل الحمداني وضباط المارينز يضع اللوم على المالكي حيث قال: "عظيم أننا سنرسل المساعدات للجيش العراقي من أجل قتال القاعدة"، لكن ما تحتاجه البلاد "تدريب سياسي" لقادتها "ولو كنت نوري المالكي" وكان أمامي خيار "إما ربط مستقبل بلدي بملالي إيران أو محافظة الأنبار لاخترت الأنبار". 







ويضيف أن المالكي - على ما يبدو - يقوم بعمل العكس، فحكومته كما تبدو تضع معوقات أمام التقارب مع الأنبار والتي قام بها الأمريكيون في السابق، فقد رفضت بغداد مطالب الأنبار إلغاء قانون اجتثاث البعث وتوزيع عادل للثروة، وإطلاق سراح المعتقلين من أبناء وبنات المحافظة.







وتشبه اللغة التي تستخدمها بغداد اليوم تلك التي كانت تصدر عن واشنطن قبل عقد من الزمان، مهما كانت مطالبهم عادلة ومبررة فأهل الأنبار "إرهابيون".







مفتاح الاقتصاد







والسؤال بالنسبة لجيمس كلاد من جامعة الدفاع الوطنية، عما إذا كان المالكي "سيبني على ما بدأناه أو يبدده لمصالح سياسية"، وينسى المالكي أن ما حصل  من تقدم واستقرار في الاقتصاد العراقي كان جراء ما قامت به الصحوات على ما يرى الأمريكيون. 







ويقول كلاد "المفتاح للاستقرار السياسي هو النمو الاقتصادي، وحتى يتحقق هذا يجب توحيد الأنبار".







ويوضح بيري، أن هناك شكا، في تحقق هذا لأن معظم عشائر الأنبار وقادتها مصطفون ضد المالكي حسب ضابط أمريكي "وهذه أخبار سيئة لأنه من أجل قتال القاعدة كان يجب على القبائل الاتحاد بدءا من عام 2005 لكن المالكي أفشل هذا". 







ويقول إن الحمداني يعبر عن رضاه بأن البنتاغون لا يقلل من أهمية ما يحدث في الأنبار، "فالأنبار لا تمثل إلا نسبة 28% من مساحة العراق، لكن أهل الأنبار يقاتلون من أجل حقوقهم، حقوقهم المدنية، وهو نفس القتال الذي نشاهده في شوارع الدول العربية". ويقول إن الربيع العربي قاد لصحوة الأنبار، ويحاول المالكي إفشاله، "المعركة من أجل الأنبار هي من أجل روح العالم العربي" كما يقول.



التعليقات (0)