قبل ثلاث سنوات كان شباب القوى السياسية يرفعون شعارا واحدا في ميدان التحرير، وسط القاهرة، هو " الشعب يريد إسقاط النظام " ، وبعد خلافات سياسية بين القوى المختلفة حول الاستحقاقات الانتخابية والمواقف السياسية تلت الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، أنفرد كل تيار بشعارات تعبر عن مواقفه.
ولعل من أبرز القوى المختلفة خلال تلك المرحلة جماعة
الإخوان المسلمين وحركة "6 إبريل"، قبل أن يجمعهما، الأحد، هتافا واحدا أمام
مشرحة زينهم (الثلاجة الرسمية الرئيسية لحفظ الموتى)، جنوبي القاهرة هو "
يسقط حكم العسكر"، أثناء انتظار تسلم جثامين قتلى سقطوا خلال الاحتجاجات، التي وقعت السبت، بالتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة لثورة يناير/كانون الثاني، التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وتوافد العشرات أمام مقر المشرحة لاستلام ذويهم، الذين لقوا حتفهم السبت، في الاشتباكات التي وقعت بين الأمن ومحتجين، وخلفت 50 قتيلا، وفق بيان "تحالف التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانلاقب"، المؤيد للرئيس السابق محمد مرسي، و49 قتيلا، وفق بيان لوزارة الصحة.
يحيى عبد الشافي، أحد أطباء ميدان التحرير إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وأحد المقربين للشاب سيد عبد الله محمد، الشهير بـ " سيد لوزة "، عضو حركة 6 إبريل، والذي لقي مصرعه، خلال احتجاجات السبت، قال: "هذا النظام قاتل وحق أبناءنا لن يضيع ويسقط هذا النظام الفاشي المستبد".
وعلى خلفية هتافات "يسقط يسقط حكم العسكر"، "الداخلية بلطجية"، التي تعالت من شباب الإخوان وحركة " 6 إبريل "، أضاف عبد الشافي: "النظام الحالي يضرب بشكل متعمد لقتل أبناءنا، والحكومة تقتل أبنائها والدماء أصبحت تملأ الشوارع والجدران".
وتوفى لوزة بطلق ناري عيار 9 مللي بالجانب الأيسر من الصدر نتج عنه، تهتك بالرئتين والقلب، وفق عبد الشافي، الذي حصل على هذه المعلومات من مصلحة الطب الشرعي، وفق قوله.
أقارب لوزة، الذين افترشوا الأرض منتظرين جثمانه، جمعهم رصيف واحد جلسوا عليه مع سلوى صالح، وهي أم لشابين ينتميان لجماعة الإخوان لقيا حتفهما بالأمس.
صالح قالت: "حسبي الله ونعم الوكيل، لم نخرج بسلاح وربنا ينتقم من كل من فوض السيسي على قتلنا"، في إشارة إلى خروج مظاهرات في يوليو/تموز الماضي استجابة لدعوة وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي لطلب "تفويض لمحاربة الإرهاب".
وأضافت، أن ولديها الاثنين، بلال جمال محمد مدني (25 عاما)، وشقيقه عبد الرحمن (21 عاما)، قد توفيا في أحداث اشتباكات المطرية، شرقي القاهرة، تزامنا مع صلاة المغرب.
وأوضحت أن ابنها الثالث أصيب في الاشتباكات، قائلة: "النظام الحالي قتل أثنين من أولادي وأصاب الثالث، لماذا كل هذا؟"، "حسبي الله ونعم الوكيل".
ولم تتوقف دموع هذه الأم المكلومة وغيرها من أمهات الضحايا، خلال انتظار ذويهم من مشرحة زينهم، وتعالت الصيحات والصرخات بهتاف واحد "يسقط حكم العسكر" أثناء دخول وخروج كل جثمان من الضحايا.
وقال مصدر طبى بمشرحة زينهم إنهم استقبلوا 46 جثة من ضحايا العنف في القاهرة والجيزة، مشيرا الى أن القاهرة كانت صاحبة أكبر عدد من الضحايا حيث استقبلت مشرحة زينهم 35 جثة من مناطق متفرقة بالقاهرة، بينما استقبلت من محافظة الجيزة، المتاخمة للقاهرة، 11 جثة.
وأوضح المصدر أنه تم الانتهاء من تشريح 40 جثة من جثث الضحايا، وتبين بعد الانتهاء من تشريح الـ 40 جثة أن سبب الوفاه الإصابة بطلقات نارية، فيما عدا جثتين تبين إصابتهما بطلقات خرطوش (طلقات نارية تحتوي على كرات حديدية).
وتقول قوات الأمن
المصرية عادة إنها لا تستخدم الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين، وكثيرا ما تتهم المتظاهرين الداعمين لمرسي بالعنف واستخدام الأسلحة النارية ضد الشرطة خلال احتجاجاتهم.