بعد فترة طويلة من الاختفاء عن الأنظار، قضاها النشطاء السياسيين من رموز ثورة يناير في تقلبات عنيفة بدأت بنشوة الانتصار على الإخوان المسلمين ومباركتهم للانقلاب الذي أطاح بأول رئيس منتخب، وانتهت بتعرضهم لقمع غير مسبوق، بدأ
الثوار في الاعتراف بأخطائهم.
ويبدو أن النشطاء الذين أصبحوا يتوزعون بين سجين أو متهم بالخيانة أو ممنوع من التعبير عن رأيه، تيقنوا أنهم كانوا بمثابة "حصان طروادة" الذي استخدمه نظام مبارك للقضاء على ثورة يناير، بحسب مراقبين.
وقالت حركة 6 أبريل، في بيان لها الأربعاء إنها تستعد للتصعيد والحشد ليوم 25 يناير المقبل لتصحيح المسار الذي وصفته "بالخاطئ" الذي دخلت فيه البلاد بسبب سوء إدارة الفترة الانتقالية.
غنيم يعترف بأخطائه
وظهر الناشط السياسي وائل غنيم - أحد أبرز رموز ثورة يناير - بعد اختفائه منذ 3 يوليو الماضي لينفي صحة المكالمات الهاتفية التي بثها أحد البرامج التلفزيوينة له وتتضمن حوارت بينه وبين عدد من النشطاء.
وأكد غنيم استعداده للعودة إلى
مصر وتسليم نفسه للقضاء للمثول أمام جهات التحقيق، مشيرا إلى أنه غاب عن الأنظار منذ الانقلاب بعد إحساسه بالإحباط وعدم قدرته على التأثير في مجريات الأحداث في مصر.
وأوضح أنه لم يحقق أي منفعة شخصية جراء مشاركه في ثورة يناير، مؤكدا أنه حاول طوال الفترة التي تلت يناير 2011 تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، وطالب من يشكك في شهادته تلك، بسؤال عدد من الشخصيات العامة من بينهم وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي وقيادات الإخوان والبرادعي وعمرو موسى.
إعتذار عن 30 يونيو
وقال "أحمد ماهر" مؤسس حركة 6 أبريل إن الحركة شاركت في تظاهرات 30 يونيو لتصحيح أخطاء الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، وأن ذلك كان خطأ كبير، مؤكدا أنهم تواجدوا في كافة أنحاء البلاد اعتقادًا بأنها ثورة التصحيح.
وأضاف ماهر - الذي يقضي حكما بالسجن 3 سنوات بتهمة تنظيم مظاهرات بدون تصريح والتعدي على قوات الأمن - في فيديو مسجل نشرته 6 إبريل على يوتيوب الثلاثاء أن ما يحدث الآن من قمع للحريات وتعذيب وتضليل إعلامي هو عودة لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وحذر مؤسس 6 إبريل النظام الحالي في أنه إذا استمر في هذا الطريق فإن مصيره سيكون مثل سابقيه، مضيفا أن أحدا لن يسمح بعودة مصر مرة أخرى إلى عصور الديكتاتورية والظلم.
وانتقد ماهر – في رسالة أخرى نجح في تسريبها من السجن - المسؤولين المحسوبين على التيار الليبرالي مثل حازم الببلاوي وزياد بهاء الدين ومصطفى حجازي وعز الدين شكري، بالإضافة إلى حركة تمرد والتيار الشعبي والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وقال إنهم يقومون بدور "المحلل" للنظام القمعي، مؤكدا أنهم سيلقون نصيبهم من القمع قريبا جدا، وأن صمتهم على انتهاك حقوق الإنسان لن يحميهم من البطش في المستقبل.
واختتم مؤسس 6 إبريل رسالته بتوقعه سجن كل النشطاء الذي شاركوا في ثورة يناير، مؤكدا أن الثورة ضاعت وأن فلول نظام مبارك والأجهزة الأمنية عادت لتنتقم منهم.
حملة ممنهجة
ويقول مراقبون إن رموز الثورة يتعرضون لحملة ممنهجة لقمعهم وتشويه سمعتهم بدأت بسجن عدد منهم، وتواصلت بإذاعة مكالمات هاتفية مسجلة لهم، وتوجيه اتهامات لهم بالخيانة والتآمر على مصلحة البلاد والتحريض على اقتحام مقرات جهاز أمن الدولة.
ورفع عدد من النشطاء دعوى أمام القضاء ضد عبد الرحيم علي المذيع المقرب من الأجهزة الأمنية منذ عهد مبارك، الذي أذاع عدد كبير من تلك التسجيلات، يتهمونه فيها بالسب والقذف وانتهاك خصوصياتهم.
وقال الدكتور مصطفى النجار، البرلماني السابق، إن بث تلك المكالمات الهاتفية يمثل انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة، وتنصتا غير قانوني.
ورأى النجار أن "الهدف من تسريب تلك التسجيلات هو "اغتيال
ثوار يناير معنويا، مؤكدا أنه تلقى تهديدات من قبل مسؤولين بالدولة لإثنائه عن مواقفه السياسية وأن رسائل وصلته تقول إنه تخطى كل الخطوط الحمراء في حديثه الدائم عن الدولة المدنية وضرورة تحقيق الديمقراطية".
وقال مراقبون إن التسجيلات أثبتت أن الأجهزة الأمنية كانت منذ اليوم التالي لتنحي مبارك تخطط للثورة المضادة، وتتجسس على المعارضين وخاصة رموز ثورة يناير انتظارا لليوم الذي يمكن أن تشوههم والقضاء عليهم.
وكان "إريك تراجر" الباحث في معهد واشنطن الأمريكي نشر الثلاثاء 7/1/2014 مقالا على الموقع الإلكتروني للمعهد حمّل خلاله الثوار مسؤولية الفوضى والتخبط الذي تلت ثورة يناير وحتى ما بعد عزل الرئيس مرسي.
وقال "تراجر" إن شباب الثورة خرجوا إلى الميدان يوم 25 يناير ولم يرد بخاطرهم الإطاحة بمبارك، ولم يكن لديهم أجندة واضحة لتداعيات إسقاط النظام، وتوالت أخطاؤهم عندما وثقوا في المؤسسة العسكرية، وتركوا له إدارة شؤون البلاد.
وتابع "كرر الثوار خطأهم مرة ثانية بعد وصول مرسي للحكم حيث رحبوا بعودة الجيش للحياة السياسية وصولا إلى مشهد الانقلاب على الرئيس المنتخب".