سياسة عربية

ديلي تلغراف: "الإرهابيات" اللاتي وحّدن مصر

"فتيات الإسكندرية" في القفص أثناء المحاكمة- أرشيفية
"فتيات الإسكندرية" في القفص أثناء المحاكمة- أرشيفية
"مصر تتوحد ضد سجن البنات "الإرهابيات". كان ذلك هو عنوان تقرير لريتشارد سبنسر، مراسل صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية في القاهرة، وتناول فيه أصداء الأحكام المفرطة في القسوة على 21 فتاة؛ بينهن فتاتين قاصرتين بتهم التحريض على العنف وتأييد الرئيس محمد مرسي.
وقال سبنسر إن "واحدة منهن تعزف الغيتار وأخرى تتمشى في الصباح مع أمها قبل الذهاب للمدرسة، والبنت الأخرى (15 عاما) تحب الرسم ومشاهدة أفلام الكرتون". ويضيف "عندما علقت روضة السعدني وسلمى رضا محمد في تظاهرة صغيرة مؤيدة للإخوان المسلمين قبل شهر، اعتقد أهلهما أن كل ما عليهم فعله هو الذهاب إلى مركز الشرطة لاستلامهما". وعوضا عن تسلمهما، حكم على الفتاتين بالسجن مع خمس قاصرات، أحكاما طويلة من نظام قضائي يبدو للمصريين كأنه أصبح مجنونا". وينقل عن والد روضة، قوله: "هل تبدو هذه الفتاة لك إرهابية؟!"؛ كان والدها يتكلم، والدموع تملأ عينيه ويحمل غيتارها بيديه.
ويقول التقرير إن المعارضة المصرية المعروفة بتشرذمها قد اتحدت للتعبير عن غضبها لسجن سبع فتيات قاصرات و14 فتاة أخرى بتهم المشاركة في مظاهرة تأييد للإخوان المسلمين انتهت بطريقة سلمية. وأضاف أن الأحكام أدت "إلى زيادة الغضب وتنشيط الاحتجاجات ضد النظام، حتى أن حمدين الصباحي، السياسي الناصري المعروف والذي دعم الانقلاب على محمد مرسي دعا إلى إلغاء الحكم".
 وتؤكد عائلتا روضة وسلمى أنهما "كانتا في المكان الخطأ والتوقيت الخطأ"، لكن أحدا لم يستمع إلى أقوالهما عندما أقتيدت الفتيات إلى المحكمة. وقد انتقدت منظمات حقوق الإنسان مجريات المرافعة والمحاكمة.
 ويوضح التقرير أن القاضي انتهى من الاستماع إلى المرافعات وقال إنه لا توجد هناك قضية للحكم عليها، لكن العائلات ما لبثت أن علمت بنبأ الأحكام القاسية على الفتيات من نشرة أخبار المساء؛ "ليس من القاضي أو المحكمة بل عبر بيان صادر عن الشرطة المصرية".
 وبحسب البيان فقد حكم على الفتيات كلهن بمن فيهن القاصرات بالسجن 11 عاما. ويقول والد روضة السعدني "عندما شاهدت الأخبار صعقت، وكنت في حالة من الذهول، وشعرت أنني سأفقد عقلي". "بدأت أصلي، وصمت اليوم التالي، حتى أظهر قبولي ورضاي بقضاء الله". ويقول التقرير إن لقطات فيديو أظهرت الفتيات وقد أخذن إلى السجن، حيث كن بلباس أبيض وصعدن إلى سيارة السجن التي لا نوافذ لها.
ويرى "سبنسر" أن الحكم العسكري نجح في توحيد كل القوى والرأي العام  ضده. "ففي الوقت الذي كانت فيه مظاهرات الإخوان تتراجع، وكانت لجنة الخمسين تنهي التعديلات على الدستور، خرجت الحكومة على المصريين وبدون مبرر معلنة عن قانون يحظر ويجرم التظاهر". ويضيف أن "العسكر ظلوا يقولون إن شرعيتهم تنبع من الاحتجاجات الشعبية، ولذلك فالقانون يعبر عن نفاق، وفي أسوأ الحالات إشارة إلى رغبة من العسكر في العودة للديكتاتورية". 
ويضيف التقرير إلى أنه و"بدون حياء، تحول العسكر إلى عدو جديد، حيث قاموا باعتقال عشرات من الليبراليين الذين تظاهروا ضد القانون الجديد، وقامت الشرطة بضرب ورمي 24 إمرأة في الصحراء في منتصف الليل، وتم اعتقال قياديين بارزين في ثورة يناير 2011 ، أحدهما اعتقل في مداهمة ليلية لبيته بعد أن وعد بتسليم نفسه". ثم جاءت حادثة الإسكندرية والفتيات الـ 21.  حيث لم تقدم الحكومة أية تفسيرات للاعتقال ولا للحكم. فمع أن الفتيات اتهمن برمي الحجارة على الشرطة وتعطيل حركة السير، إلا أن الأدلة التي قدمت ضدهن في المحكمة غير واضحة، "صحيح كان هناك إحتجاج صغير أدى إلى تعطيل حركة السير، وقامت بعض الفتيات والشبان برمي الحجارة عندما قام سكان البناية برش المياه على المتظاهرين، لكن الإدعاء لم يقدم أية أدلة عن مسؤولية الفتيات". وقام بواب عمارة بتقديم تقدير عن الضرر الذي أصابها، وقال إنه كلف 50 جنيها مصريا لإصلاحه. ونقل الكاتب عن هبة مواريف من "هيومان رايتس ووتش" في مصر قولها إن المحامين الذين يعملون على القضية يرون الأدلة "لا قيمة لها". وتضيف أن "جنون القمع ضد الإخوان ليس جديدا، لكن ما هو جديد هو رؤية هذا الوضع القاتم".
 ويقول السعدني إن زوجته لم تكن جزءا من المظاهرة، فقد كانت في الخارج لأن الطبيب نصحها بالتمشي يوميا لأنها تعاني من مرض القلب. ولم تكن هي وابنتها روضة في وضع مناسب للجري عندما وجدتا نفسيهما وسط المظاهرة "وللأسف فقد اعتقلوا من لم يكن قادرا على الهرب بسرعة"، أما سلمى فقد كانت مع صديقات لها في المظاهرة، وهي طالبة في كلية صيدلة جامعة الإسكندرية ولم تكن قادرة على الهرب بسبب إصابتها بنوبة ربو، وعندما جاءت صديقاتها الثلاث لمساعدتها، اعتقلن معا ثم تم الحكم عليهن معا.
ويقول شقيقها إن سلمى كانت "مهتمة أكثر بالرسم والمراسلة عبر الفيسبوك". ويختم الكاتب بالقول إن السرعة التي تعاملت فيها المحكمة مع تظاهرة صغيرة- على النقيض من البطء الذي يتعامل فيه الأمن مع جرائم خطيرة- يثير الجدل.
 ويقول السعدني إنه في حالة إطلاق سراح زوجته وابنته بعد الإستئناف فإنه يخطط للهجرة من مصر، مشيرا أنه ليس من الإخوان ولم يكن محمد مرسي اختياره الأول في الإنتخابات ويقول "أريد الهجرة لمكان يحترمون فيه الناس"، "ليس بلدا عربيا آخر، لقد زرت  ألمانيا  من قبل و زيوريخ، وكنت سعيدا لعودتي لبلادي لأنني أحب مصر من كل قلبي، لكنني لا أستطيع البقاء هنا طويلا، في هذا البلد لم يعد الواحد قادر على التنفس، لان الدم في كل مكان".


 
التعليقات (0)