سياسة عربية

تقرير يكشف توظيف الاحتلال لعنف المستوطنين في خدمة مخطط التهجير

بين التقرير أن وتيرة تهجير الفلسطينيين ارتفعت في العامين الماضيين- الأناضول
بين التقرير أن وتيرة تهجير الفلسطينيين ارتفعت في العامين الماضيين- الأناضول
كشف تقرير صادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، اليوم السبت، أنّ حكومة الاحتلال الإسرائيلي توظف عنف وإرهاب المستوطنين في خدمة مخططات التهجير والتطهير العرقي.

وقال التقرير الذي يرصد الفترة من 8 تشرين الثاني/ نوفمبر وحتى 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، إن "عنف المستوطنين في الضفة الغربية لا حدود له، فقد خرج عن السيطرة وأصبح حتى لزعماء المعارضة الإسرائيلية بدءا بيائير لبيد مرورا بأفيغدور ليبرمان وانتهاء بيائير غولان عارا على دولة الاحتلال".

وتابع: "وفقا لبيانات جيش الاحتلال وما يسمى جهاز الأمن العام (الشاباك)، وهي بيانات لا تعكس الحقيقة على كل حال، وقعت منذ بداية الحرب على قطاع غزة 1575 حادثة "جريمة قومية" في الضفة الغربية، منها نحو 704 في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، استخدمت فيها أسلحة نارية وأسلحة بيضاء ومواد مشتعلة، وصنفت 368 منها على أنها "إرهاب شعبي" أي متعمدة، أصيب فيها منذ بداية العام 174 فلسطينيًا بزيادة قدرها 12 في المئة مقارنة بالعام الماضي".

ووفق التقرير، فإن إيال زامير، رئيس أركان جيش الاحتلال ذهب بعيدا في التضليل عندما قال إن هؤلاء المستعمرين "تجاوزوا الخطوط الحمراء" وإن جيشه "لن يتسامح مع أقلية إجرامية تشوه صورة الإسرائيليين"، فيما هو يدرك أن هذا الإرهاب، الذي خرج عن السيطرة، يحميه في الميدان جيشه وبباركه تحالف نتنياهو – سموتريتش وبن غفير وتتستر عليه الإدارة الأميركية، وهو إرهاب له وظيفة واضحة وهي تهيئة الظروف لتنفيذ مخطط ترحيل وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم ومساكنهم.

اظهار أخبار متعلقة



وأشار التقرير إلى أن عشرات التجمّعات السكّانية، خاصة في المناطق التي جرى تصنيفها كمناطق (ج)، باتت هدفا لأخطار التهجير تارة على أيدي جيش الاحتلال وتارة أخرى على أيدي المستوطنين، موضحا أن الفلسطينيين في هذه التجمعات يعتاشون على الزراعة ورعي الأغنام، وحياتهم تحولت إلى جحيم بعد أن بدأت سلطات الاحتلال تمارس بشكل منهجي سياسة هدفها تهجير هذه التجمّعات عبر خلق واقع معيشي يصعب تحمله، بما في ذلك فرض منع صارم على البناء في هذه التجمّعات ورفض وصلها بالمرافق الأساسية كالكهرباء والماء والامتناع عن شقّ طرق تسهّل الوصول إليها.

وبين أن وتيرة التهجير ارتفعت في العامين الماضيين. فمنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 تمّ تهجير عشرات التجمّعات الفلسطينية بالقوة وتجاوز عدد السكان المهجّرين أكثر من ألفي شخص، نتيجة للعنف. وما زال آلاف آخرون، يعيشون في عشرات التجمّعات السكانية الفلسطينية، يواجهون خطر تهجير حقيقي نتيجة لهجمات المستوطنين اليومية خاصة من البؤر الاستيطانية والمزارع الرعوية، التي انتشرت خلال الحرب على قطاع غزة.

وبحسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بتسيلم"، فإن هذه البؤر والمزارع، التي أقيمت منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بمساعدة دولة الاحتلال وتجاوز عددها العشرات، ليس لها من هدف سوى تهجير التجمعات السكانية والاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي.

وقد تصاعد عنف المستعمرين الذين يقطنون في هذه البؤر الاستيطانية وأصبح روتينا يوميا مرعبا لسكان التجمعات، حيث يشمل اعتداءات جسدية خطيرة على السكان، اقتحامات المستعمرين للتجمعات ومنازل السكان نهارًا وليلاً، إشعال حرائق، طرد الرعاة الفلسطينيين من مناطق الرعي والمزارعين من حقولهم، قتل وسرقة المواشي، إتلاف المحاصيل، سرقة المعدات والممتلكات الشخصية وإغلاق الطرق.

وبالفعل جرى، كما يقول "بتسيلم"، تهجير 2700 مواطن فلسطيني خلال الحرب. ففي محافظة الخليل جرت عمليات التهجير في نحو ثمانية مواقع طالت 64 عائلة تضم (489 فردا منهم 211 قاصرا) وفي محافظة بيت لحم تم التهجير في ستة مواقع طالت 46 عائلة تضم (211 فردا منهم 99 قاصرا) وفي محافظة رام الله والبيرة أربعة عشر موقعا وطالت 177 عائلة تضم (1150 فردا منهم 508 قاصرين) وفي محافظة القدس تم تهجير عائلتين في برية حزما (18 فردا منهم 4 قاصرين) بينما بلغ عدد المواقع التي طالها التهجير في محافظة نابلس أربعة مواقع طالت 17 عائلة وتضم (126 فردا منهم 57 قاصرا)  وكان نصيب محافظة طوباس والأغوار عاليا في أربعة مواقع طالت 75 عائلة تضم (435 فردا منهم 207 قاصرا) وفي محافظة أريحا والأغوار وقعت عمليات تهجير في موقعين طالت 43 عائلة تضم (262 فردا منهم 126 قاصرا)، كما وقعت عمليات تهجير في خربة أبو الريش في محافظة سلفيت طالت 9 عائلات تضم (47 فردا منهم 23 قاصرا).

اظهار أخبار متعلقة



ويشير المركز، إلى أن كل ذلك جرى في عهد حكومة نتنياهو-سموتريتش وبن غفير، حيث ركّزت سلطات الاحتلال مساعي التهجير بالدرجة الرئيسية على عدد من المناطق في الضفة الغربية، أبرزها إلى جانب محافظة رام الله والبيرة، منطقة جنوب جبال الخليل حيث يعيش نحو ألف مواطن فلسطيني نصفهم أطفال تحت تهديد التهجير من منازلهم وقراهم، وفي محيط مدينة القدس ومنطقة شرق القدس حيث يعيش نحو 3,000 فلسطيني من سكّان المنطقة مهددين بالتهجير، من بينهم 1,400 فلسطيني يسكنون في منطقة (E1)، التي حولتها إسرائيل إلى منطقة نفوذ لمستعمرة "معاليه أدوميم " لتنشئ تواصلاً عمرانيًّا بين المستعمرة ومدينة القدس ومنطقة الأغوار، حيث يعيش آلاف من المواطنين الفلسطينيين في نحو عشرين تجمعا رعويا في أراضٍيهم أو على أطراف أراضٍ أعلنها جيش الاحتلال مناطق "إطلاق نار".

وأفاد تقرير المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، بأنه في الأسابيع القليلة الماضية جرى التركيز على تجمعات رعوية فلسطينية وضعها جيش الاحتلال كما المستوطنون على جدول أعمال عمليات الهدم والتهجير، هي التجمعات المحيطة بالقدس وخاصة تجمع "معازي جبع" شمال شرق القدس، وتجمع خربة أم الخير في مسافر يطا جنوب الخليل.

كلا التجمعين تحولا في الأيام الأخيرة الى هدف مباشر لمضايقات واستفزازات جيش الاحتلال والأعمال الإجرامية للمجموعات الاستيطانية (شبيبة وبرابرة التلال وتدفيع الثمن)، ما دفع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلّة في أحدث تقاريره حول مستجدّات الحالة الإنسانية في الضفة الغربية في السابع من الشهر الجاري إلى التحذير من التداعيات الخطيرة التي تترتب على سياسة سلطات الاحتلال وممارسات المستوطنين.

وأشار تقرير المكتب إلى أن حكومة نتنياهو- سموتريتش وبن غفير لا تقيم وزنا لمثل هذه التحذيرات طالما بقيت في حدود المواقف اللفظية ولم تنتقل إلى إجراءات رادعة من قبل الحكومات وخاصة في دول الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي والتجاري الأهم مع دولة الاحتلال، وطالما تواصل الإدارة الأميركية الحالية سياسة محاباة لجيش الاحتلال وممارسات المستعمرين، وتقرر رفع العقوبات عن أولئك المستوطنين الذين صنفتهم الإدارة الأمريكية السابقة "إرهابيون" وفرضت عقوبات عليهم وعلى الكيانات التي تقدم لهم الدعم والرعاية.

وأضاف التقرير، أن التجمعات البدوية في محيط مدينة القدس تجد نفسها أمام تهجير قسري وشيك، خاصة مع البدء بتنفيذ المشروع الاستيطاني (E1)، وذلك واضح مما يجري على الأرض من تدابير وممارسات، حيث وزعت طواقم ما تسمى "الإدارة المدنية" برفقة جيش الاحتلال في النصف الثاني من شهر آب/ أغسطس الماضي نحو 42 إخطار هدم لمنشآت في كل من منطقة المشتل ووادي جمل ووادي الحوض في بلدة العيزرية شرق القدس، وهي إخطارات على صلة بإقامة الشارع الاستيطاني الذي تُطلق عليه إسرائيل اسم "نسيج الحياة" ويسميه الفلسطينيون شارع "السيادة" في إشارة لهدفه السياسي وهو فرض "السيادة" على الضفة. ويطال تهديد حقيقي وجود التجمعات البدوية الفلسطينية وعددها 22 تجمعا، يتوقع أن يتم تهجيرها بالمضي في البناء الاستيطاني في منطقة (E1).

اظهار أخبار متعلقة



وتابع التقرير أن الإخطارات بالهدم تسير في موازاة ممارسات ارهابية للمستوطنين، حيث لا ينقطع مسلسل هذه الممارسات ضد التجمعات البدوية في المنطقة بهدف تهجيرهم، خاصة ضد المواطنين الفلسطينيين في "معازي جبع". أما الهدف فهو واضح، السيطرة على مئات الدونمات من الأراضي لتوسيع مستعمرة "آدم" التي أقامها الاحتلال على أراضي جبع، ووصلها مع مستعمرة "بنيامين"، لخلق تواصل جغرافي بين المستوطنتين.

ويضم تجمع "معازي جبع" نحو 200 مواطن فلسطيني بينهم حوالي 40 أسرة و70 طفلا دون سن الثامنة عشرة، يعيشون في ظروف صعبة تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة.

تجدر الاشارة هنا أن سلطات الاحتلال نشرت قبل أكثر من عام مخططا تنظيميا تفصيليا لتوسيع مستوطنة "جبع بنيامين" ببناء حي استيطاني جديد على أراضي بلدة جبع على مساحة 150 دونما في الطرف الشمالي للمستوطنة على تلة مقابلة وأراضي مراعي، بهدف تسمين المستوطنة المذكورة مقابل مستوطنة "شاعر بنيامين"، إلا أن تجمع "معازي جبع" بات الفاصل ما بين هاتين المستوطنتين، ما بات يفسر هذا التركيز على "معازي جبع" لتهجيره.

كما أشار التقرير إلى أن قرية أم الخير باتت هي الأخرى هذه الأيام هدفا مباشرا لسياسة التهجير. فقد سلمت سلطات الاحتلال نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إخطارات هدم نهائية طالت عددا من المنازل والمنشآت السكنية والخدمية في القرية وذلك خلال اقتحام نفذته برفقة ما تسمى "الإدارة المدنية"، وسط مخاوف من تنفيذ حملة هدم جماعية في الأيام القريبة.

الإخطارات شملت 14 منزلًا ومنشأة، من بينها مركز أم الخير المجتمعي. وتعد قرية أم الخير من أكثر التجمعات السكانية استهدافًا بالهدم في مسافر يطا، وكانت قد شهدت منذ عام 2007 أكثر من 20 عملية هدم طالت ما يزيد عن 100 منشأة سكنية وزراعية وخدمية، كان آخرها في شباط/ فبراير الماضي. وتعيش القرية أوضاعًا إنسانية صعبة، في ظل تصاعد الهجمة الاستيطانية، بعد أن أقدم المستوطنون مؤخرًا على إنشاء بؤرة استيطانية داخل أراضيها بالتوازي مع عمليات التضييق والاستيلاء على الأرض. وتبقى أم الخير في كل الأحوال رمزًا لصمود مسافر يطا، وهو صمود رسمت صورته استشهاد كل من المواطنين: سليمان الهذالين وعودة الهذالين على أيدي المستوطنين الإرهابيين.

وأوضح التقرير، أن هذه القرية الواقعة شرق بلدة يطا جنوب الخليل تقوم على مساحة ألف دونم، اشتراها المواطنون الذين هجرتهم دولة الاحتلال من منطقة "تل عراد" في بئر السبع عام 1948، ومنذ ذلك الوقت وهم يعيشون هنا ويمارسون نشاطهم الزراعي والرعوي في الأراضي المحيطة بالقرية التي تبلغ مساحتها 6000 دونم بين أراضٍ زراعية وجبال. لم يبقَ في القرية سوى قرابة 300 شخص من عشيرة الهذالين البدوية، يحاصرهم الاستيطان ومحرومون من كل مقومات الحياة، ويتهددهم خطر الترحيل والتهجير في أي وقت، ما دفع مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، الأسبوع الماضي، إلى التحذير من أوامر الهدم التي أصدرتها سلطات الاحتلال في الثامن والعشرين من الشهر الماضي في القرية، التي تنذر بموجة جديدة من التهجير القسري. في ذلك التحذير، دعا المكتب الأممي سلطات الاحتلال إلى الوقف الفوري لأوامر الهدم الجماعي، والتي تستهدف 11 منزلاً وبنية تحتية مجتمعية حيوية ونحو 35 عائلة ممتدة تعيش هناك منذ طردها من أراضيها في النقب أثناء التهجير القسري الجماعي للفلسطينيين 1948 .

على صعيد آخر وفي تطور ينذر بما هو أسوأ بالنسبة للحالة الأمنية في الضفة الغربية وبلوغ إرهاب المستوطنين مستويات قياسية، قام ما يسمى مجلس مستوطنات الضفة بتوزيع نحو 60 طائرة مسيّرة حرارية على المستعمرات والمزارع الرعوية في الضفة الغربية بدعم من دائرة الاستيطان في الإدارة المدنية، التي يديرها الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وبتمويل بملايين الشواقل جمعها رئيس المجلس يوسي داغان في حملة تبرعات في الولايات المتحدة. وفي احتفال توزيع هذه المسيرات قال داغان: "نحن هنا من أجل الانتصار".

ولفت التقرير إلى أن داغان يحتل موقعا مؤثرا في حزب الليكود ومعروف بتطرفه ودعمه لشبيبة التلال وغيرها من منظمات المستوطنين الإرهابية العاملة في المستوطنات، وكان قد شارك سموتريتش في الدعوة إلى محو بلدة حوارة عن الوجود، في آذار/ مارس 2023.
التعليقات (0)