صحافة دولية

تحذيرات من "لعبة خطيرة" يلعبها ترامب في أوكرانيا.. من المستفيد؟

الصحيفة ترى أن مهمة سد الفجوة الاستخباراتية تقع الآن على عاتق أعضاء الناتو- جيتي
الصحيفة ترى أن مهمة سد الفجوة الاستخباراتية تقع الآن على عاتق أعضاء الناتو- جيتي
شددت صحيفة "إندبندنت" البريطانية على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو المستفيد الأول من اللعبة الخطيرة التي يلعبها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن حجب المعلومات الاستخباراتية عن كييف يصب في صالح موسكو.

وقالت الصحيفة في افتتاحية ترجمتها "عربي21"، إن روسيا تستغل قرار ترامب بحجب المعلومات الاستخباراتية عن أوكرانيا من خلال تكثيف هجماتها، وفي هذه العملية تستعيد الأرض في كورسك. فقد شنت وحدات النخبة الروسية المحمولة جوا والبحرية، بدعم من جنود كوريا الشمالية، هجمات أمامية كاملة على الأوكرانيين بالمدفعية والطائرات بدون طيار والهجمات الجوية.  

وأضافت الصحيفة أن غياب الاستخبارات الأمريكية يمنح روسيا ميزة حاسمة، ونقلت عن أحد الأوكرانيين الذين يقاتلون في كورسك قوله "نحن نخسر".  

وأشارت الصحيفة إلى أن المجتمع الاستخباراتي للولايات المتحدة والمكون من 18 وكالة، قدم في الماضي لكييف معلومات مهمة، بما في ذلك صور التقطتها الأقمار الاصطناعية. وبدونها فلن تتمكن القوات الأوكرانية من المعرفة وفي الزمن الحقيقي عن تشكيلات وتحركات والدعم اللوجيستي للروس وكذا الحذر من هجمات الصواريخ.  

اظهار أخبار متعلقة


وقال ميكولا بيليسكوف، المحلل في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في أوكرانيا: "مع الدفاع الصاروخي المضاد للصواريخ الباليستية، كل ثانية مهمة، فأنت بحاجة إلى استخبارات الأقمار الصناعية ذات الدرجة العسكرية". وسيحرم الحظر الأوكرانيين من بيانات الاستهداف عند إطلاق صواريخ "هيمارس" التي تزودهم بها الولايات المتحدة.

وأضاف بيليسكوف: "لا يزال بإمكاننا إطلاقها لكننا نطلقها بشكل أعمى". وتشير أرقام الإدارة الأمريكية إلى أن حجب المعلومات الاستخباراتية مؤقت، ومن الواضح أنه جزء من محاولة ترامب الفظة لإجبار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على توقيع صفقة معادن والدخول في محادثات سلام بشروط الولايات المتحدة.  

ولجعل الأمور أسوأ، قامت شركة الأقمار الصناعية الأمريكية "ماكسار" بمنع أوكرانيا من الوصول إلى خدماتها، التي تستخدمها القوات الأوكرانية لدراسة ساحة المعركة والتخطيط للضربات. وكان هذا بناء على أوامر من الحكومة الأمريكية، التي أوقفت بالفعل إمداد كييف بالأسلحة.

وبحسب الصحيفة، فإن هذه التحركات تلحق أضرارا جسيمة بالقدرات العسكرية الأوكرانية وتشكل مثالا آخر على النهج الأحادي الجانب الذي يتبناه الرئيس الأمريكي لحل الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات. ومن اللافت للنظر أن الفائز الوحيد مرة أخرى سيكون بوتين. وسوف تستغل روسيا أي مكاسب إقليمية خلال هذه الفترة قبل وقف إطلاق النار المحتمل والمفاوضات بشأن التسوية الدائمة التي نأمل أن تتبع ذلك.  

وتعلق الصحيفة بأن الرئيس ترامب كان يجب عليه فعل العكس تماما.  

وكما حث رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وغيره من الزعماء الأوروبيين، فإن هذه لحظة لتعزيز العمليات العسكرية الأوكرانية حتى تتمكن من الدخول في أي مفاوضات في أقوى موقف ممكن. وعلى الرغم من أن ترامب قال يوم الجمعة إنه "يفكر بجدية" في فرض عقوبات مصرفية ورسوما جمركية واسعة ضد روسيا، إلا أن هذا لم يكن سوى انقطاع رمزي لهجماته المتواصلة على زيلينسكي.

اظهار أخبار متعلقة


في الواقع، أضاف أنه "وجد صعوبة أكبر" في التعامل مع أوكرانيا مقارنة بروسيا وأعلن أن بوتين "يفعل ما قد يفعله أي شخص آخر" من خلال "قصف أوكرانيا حتى الجحيم".

وترى الصحيفة أن مهمة سد الفجوة الاستخباراتية تقع الآن على عاتق أعضاء الناتو مثل بريطانيا وفرنسا وربما ألمانيا، لكن قدراتهم ليست بنفس مستوى أمريكا حيث يعترف المسؤولون سرا بأن الأمر سيكون صعبا جدا.  

وعلى الرغم من نجاح ستارمر في تأمين مقعد على طاولة المفاوضات، فإن تكتيكات ترامب القوية تذكرنا مرة أخرى بأن علاقة العمل الجيدة مع الرئيس الأمريكي لا تضمن النفوذ، وفقا للصحيفة.

وفي ظهوره على البرامج التلفزيونية والإذاعية صباح الأحد، حافظ بات ماكفادن، وزير مكتب مجلس الوزراء، على صمت الحكومة البريطانية، عندما يتعلق الأمر بانتقاد ترامب. وقال لشبكة "سكاي نيوز": "حسنا، إنه قرارهم وهو شيء لم نقم به".

وعندما سئل عن ما إذا كان البيت الأبيض يتحمل أي مسؤولية عن الخسائر الأخيرة في أوكرانيا، قال: "في ما يتعلق بالولايات المتحدة، فإن ما يحاولون القيام به هو إنهاء الحرب. أعتقد أن هذا الهدف مشترك بين الجميع".  

من جهة أخرى، حذر المسؤول المحافظ البريطاني السابق مايكل هيزلتاين في مقال نشرته "إندبندنت" من خطر الصمت وكيف أن عدم انتقاد الأشياء السيئة حقا يقترب من التواطؤ. وهذا ليس بعيدا عن التحذير الشهير، الذي غالبا ما ينسب خطأ إلى الفيلسوف إدموند بيرك، أن "الشيء الوحيد الضروري لانتصار الشر هو ألا يفعل الرجال الطيبون شيئا".  

ولفتت الصحيفة إلى أنه من المحتمل أن يكون لحظر الاستخبارات آثار هائلة ليس أقلها بالنسبة لتحالف الاستخبارات "الخمس عيون" الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.

وقالت الصحيفة إن ترامب لو كان قادرا على منع المعلومات المهمة عن حليف مفترض في أوكرانيا، فقد يكون مستعدا لاستخدامها كسلاح سياسي إذا أثار أحد الشركاء الأربعة للولايات المتحدة استياءه.  

اظهار أخبار متعلقة


وأوضحت الصحيفة أن هناك بالفعل دعوات لأوروبا لتطوير شبكة تجسس "عيون اليورو". كما أن مجتمع الاستخبارات في بريطانيا متشابك بشكل وثيق مع مجتمع الاستخبارات في أمريكا، وعلى الرغم من إصرار وزراء الحكومة البريطانية علنا على أن الولايات المتحدة تظل حليفا موثوقا به، فقد يحتاجون في مرحلة ما إلى مواجهة الواقع القاتم المتمثل في أنها ليست كذلك. 

وترى الصحيفة أن واحدا من الأشياء التي يجب على حلفاء أوكرانيا المتبقين القيام بها في الأمد القريب هو استخدام 232 مليار جنيه إسترليني من الأصول الروسية المجمدة من قبل الدول الغربية بعد غزو عام 2022 لإعادة بناء أوكرانيا، كما يحث رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك.  ولن توفر هذه الخطوة سوى بداية، يقدر البنك الدولي أن أوكرانيا تحتاج إلى 405 مليارات جنيه إسترليني لإعادة الإعمار والتعافي على مدى السنوات العشر المقبلة. 

وأيا كانت العقبات القانونية، فيتعين على ستارمر وزعماء آخرين أن يجدوا طريقة لتذليلها، بدلا من السماح لبوتين باللعب على الوقت، وبمساعدة ترامب، الضحك طوال الطريق إلى بنك الكرملين، بحسب الصحيفة.

التعليقات (0)

خبر عاجل