سياسة عربية

حكومة العهد اللبناني.. تفاصيل التوزيع الوزاري وتشابك القوى السياسية

الحكومة المقبلة في لبنان أمام تحديات هائلة أبرزها الأزمات الاقتصادية- الأناضول
الحكومة المقبلة في لبنان أمام تحديات هائلة أبرزها الأزمات الاقتصادية- الأناضول
تستعد لبنان لدخول مرحلة جديدة مع تشكيل الحكومة المقبلة في عهد الرئيس جوزاف عون، بعد أشهر من المفاوضات السياسية العميقة، ويقترب تشكيل حكومة العهد الأولى من مراحله النهائية، مع التوقعات بأن يُعلن عن الحكومة في الأيام المقبلة.

تشير تقارير إعلامية لبنانية إلى أن الحكومة ستكون مكونة من 24 وزيرًا، وسيشمل التوزيع الوزاري بعض الحقائب الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد.

الحقائب الأساسية
من المتوقع أن تشهد الحقائب الوزارية توزيعًا يتماشى مع التوازنات السياسية في لبنان، إذ يتوقع أن تؤول بعض الحقائب الأساسية إلى الأحزاب الكبرى في البلاد، ووفقا لوسائل إعلام لبنانية، سيتم توزيع الحقائب على النحو الآتي:

وزارة الدفاع: يتوقع أن يسميها رئيس الجمهورية، إذ يتم تداول عدة أسماء، من أبرزها عميد متقاعد، وهذا التوزيع يعكس التأثير القوي للرئاسة في السياسة الأمنية اللبنانية، حيث تظل وزارة الدفاع تحت السيطرة الرئاسية.

اظهار أخبار متعلقة


وستُمنح وزارة المالية إلى حركة "أمل" بشكل شبه مؤكد، وتدور النقاشات حاليًا حول تعيين حاكم مصرف لبنان بالإنابة، وسيم منصوري، أو النائب السابق ياسين جابر لهذا المنصب. هذا التوزيع يعكس الثقل السياسي الذي تحظى به الحركة في لبنان، لا سيما في المجال الاقتصادي والمالي.

ومن المتوقع أن يتم اختيار وزير للخارجية من قبل الرئيس المكلف نواف سلام، حيث يروج البعض لتعيين سفيرة سابقة لتولي هذا المنصب. ويأتي اختيار شخصية دبلوماسية لهذا المنصب في سياق سعي لبنان لتحسين علاقاته الدولية خاصة مع الدول الغربية والعربية.

كما يُتوقع أن تُسند وزارة الداخلية إلى شخصية سنية، وهو ما يعكس التوازن السياسي في لبنان بين المكونات الطائفية. وسيتم اختيار شخصية ذات خلفية قانونية أو عسكرية سابقة لتولي هذه الوزارة ذات الأهمية الاستراتيجية، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية الحساسة التي تشهدها البلاد.

الحقائب الخدمية والوزارات الأخرى:
على الرغم من أن الحقائب الأساسية قد تم تحديدها إلى حد كبير، إلا أن هناك أيضًا تنافسًا كبيرًا على بعض الحقائب الخدمية التي تشغل بال الأحزاب اللبنانية.

وزارة الصحة: يشير النقاش داخل "حزب الله" إلى رغبتهم في تولي هذه الوزارة، باعتبارها من الحقائب الخدمية الهامة التي تتعلق مباشرة بحياة المواطنين. ومن المتوقع أن يقترح الحزب أحد الأطباء المقربين منه لهذا المنصب.

اظهار أخبار متعلقة


وزارة الطاقة: في الوقت الذي يتكتم فيه "حزب القوات اللبنانية" حول الموضوع، فإنه يُتوقع أن يتم إسناد هذه الوزارة لأحد المقربين من الحزب، وذلك في إطار ترتيبات حكومية تهدف إلى إشراك مختلف القوى السياسية. ويُنظر إلى هذه الوزارة باعتبارها من الوزارات الاستراتيجية التي تؤثر على الوضع الاقتصادي للبلاد، خاصة في ظل الأزمات المتواصلة في قطاع الكهرباء.

وفي هذا السياق، علمت صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية أن الصيغة الحكومية التي يتم العمل عليها وقد تخضع للتعديل، بعد القرار النهائي لـ "حزب الله"، تتوزع وفق قاعدة 12 وزيراً للمسيحيين و12 وزيراً للمسلمين. وفي ما خص المسيحيين فالتوزيع سيتم وفق الآتي: ثلاثة وزراء لـ "القوات اللبنانية" بينها حقيبة خدماتية مهمة باعتبارها أكبر كتلة مسيحية، وزيران لـ "التيار الوطني الحر"، ووزير لكل من "الكتائب" و"المردة" و"المستقلين" و"الطاشناق". وثلاثة وزراء لرئيس الجمهورية بينهم إما أرمني أو أقليات، في حين يرجح أن تكون حقيبتان سياديتان من حصة رئيس الجمهورية.

أما بالنسبة للوزراء المسلمين فسيكون خمسة وزراء للسنة وخمسة للشيعة واثنان للدروز.

توجه الحكومة نحو الاختصاصيين غير الحزبيين
حكومة العهد الأولى ستكون حكومة من أصحاب الاختصاص والكفاءات، بعيدًا عن الحزبية، وذلك في خطوة تهدف إلى إعطاء الأولوية للخبرات والتخصصات في مجال العمل الحكومي.

الرئيس المكلف نواف سلام كان قد أكد على مبدأ فصل النيابة عن الوزارة، وهو ما يعني أن الوزراء الذين سيتم اختيارهم لن يكونوا مرشحين للانتخابات المقبلة في عام 2026. ومع ذلك، يفضل بعض الأطراف السياسية إدخال شخصيات حزبية مختارة، إلى جانب شخصيات غير حزبية، لضمان تمثيل كافة القوى السياسية في الحكومة.

حزب الله والمشاركة في الحكومة
 بعد نقاشات مكثفة، قرر الحزب المشاركة بعدما استعرض حساباته السياسية واستشرف التحديات التي قد تواجه لبنان في المرحلة المقبلة. ووفقًا للمصادر، فإن النائب محمد رعد دخل على خط المفاوضات، وأوضح أن ميزان دخول الحزب إلى الحكومة يرجح على البقاء خارجها، خاصة في ظل الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يتطلب فيها وجود الحزب لممارسة دوره المؤثر.

اظهار أخبار متعلقة


ويعتبر قرار "حزب الله" بالمشاركة في الحكومة خطوة استراتيجية للحفاظ على نفوذه السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل وجود العديد من القضايا العالقة مثل الأزمة الاقتصادية وملفات الأمن والسياسة الخارجية.

التحديات التي ستواجه الحكومة

تُعَتَبر الحكومة المقبلة في لبنان أمام تحديات هائلة، إذ إنها ستضطر إلى التعامل مع الأزمات الاقتصادية المستفحلة في البلاد، مثل تدهور العملة المحلية والانهيار المالي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحكومة ستواجه أزمات سياسية وأمنية مستمرة، حيث تتطلب الأوضاع في سوريا ولبنان نوعًا من التنسيق المستمر مع القوى الإقليمية والدولية.

من المتوقع أن تكون هناك ضغوط شديدة على الحكومة من مختلف الأطراف السياسية والشعبية، وهو ما سيزيد من صعوبة اتخاذ قرارات حاسمة في العديد من الملفات الحساسة. إلا أن الكثير من اللبنانيين يترقبون نجاح الحكومة في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، والتي أصبحت تحديًا كبيرًا بالنظر إلى الظروف الراهنة.
التعليقات (0)

خبر عاجل