صحافة دولية

هل يمكن لدول الخليج أن تصبح قوى عظمى في مجال التكنولوجيا؟

تسعى دول الخليج إلى تحويل اقتصاداتها بعيدا عن الوقود الأحفوري - جيتي
تسعى دول الخليج إلى تحويل اقتصاداتها بعيدا عن الوقود الأحفوري - جيتي
نشرت صحيفة "إيكونوميست" تقريرًا يسلط الضوء على طموحات دول الخليج في التحول إلى قوى تكنولوجية عالمية في ظل جهودها لتحويل اقتصاداتها بعيدًا عن النفط، مشيرًا إلى التحديات التي تواجه هذه الطموحات، خاصة مع تزايد قلق الولايات المتحدة من التعاون بين دول الخليج والشركات الصينية في هذا المجال. 

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن دول الخليج تسعى إلى تحويل اقتصاداتها بعيدًا عن الوقود الأحفوري؛ حيث يرغب الإماراتيون في قيادة العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، ويريد السعوديون أن تصبح المملكة موطنًا للشركات الناشئة في مجالات متطورة مثل الروبوتات، لكن هذه التطلعات على وشك أن تصطدم بالواقع الجيوسياسي.

إن حجم الخطط الخليجية في هذا المجال غير مسبوق، ففي آذار/مارس الماضي، أنشأت الإمارات العربية المتحدة شركة "إم جي إكس"، وهي شركة استثمارية تكنولوجية بحجم مستهدف يبلغ 100 مليار دولار، كما تستثمر الدولة الخليجية في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مثل مراكز البيانات والرقائق، وقد أنشأت أيضًا صندوقًا لرأس المال الاستثماري للذكاء الاصطناعي بقيمة 10 مليارات دولار. 

وفي السعودية، هناك عدد من الصناديق المختلفة التي يبلغ حجمها مجتمعة 240 مليار دولار أمريكي تستثمر في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والتصنيع المتقدم. 

اظهار أخبار متعلقة



ويراهن الحكام على ثلاثة مجالات: الأول هو صناعة النماذج والتطبيقات؛ حيث أصدر معهد الابتكار التكنولوجي، وهو وحدة بحثية مدعومة من أبوظبي، نموذجاً لغويًا كبيرًا مثيرًا للإعجاب يسمى فالكون في سنة 2023. وفي السنة الماضية، كشفت شركة "جي42"، وهي شركة مدعومة من الإمارات، عن نموذج "ناندا" باللغة الهندية، بينما أطلقت هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي السعودية تطبيق "علّام"، وهو نموذج لغة كبير باللغة العربية، كما استثمر صندوق الثروة السيادية الرئيسي في أبوظبي في شركة أنثروبيك، وهي شركة ناشئة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، من بين سلسلة من شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى.

وتعمل الشركات الخليجية على تعزيز البنية التحتية في المنطقة؛ حيث ستساعد شركة الاتصالات الإماراتية "إي آند" في بناء جزء من كابل بحري بطول 45,000 كيلومتر يشق طريقه حول جنوب آسيا وأفريقيا والبحر الأبيض المتوسط وبريطانيا، بالإضافة إلى حدوث طفرة في بناء مراكز البيانات أيضًا؛ حيث تقوم شركات مثل "خزنة وشركة داماك الإماراتية للتطوير العقاري" ببنائها.

أما المجال الثالث فهو تصنيع الرقائق، والذي يبدو أن الإمارات حريصة عليه بشكل خاص؛ فقد أجرت شركة سامسونج، عملاق الإلكترونيات الكوري الجنوبي، وشركة "تي إس إم سي"، أكبر صانع للرقائق الإلكترونية في العالم، محادثات مع المسؤولين لبناء مصانع في الإمارات، وقد أقنع سام ألتمان، رئيس شركة "أوبن إيه آي"، شيوخ الإمارات، من بين مستثمرين آخرين، بتمويل خططه لصناعة الرقائق.

وأشارت الصحيفة إلى وجود دلائل مبكرة على إمكانية نجاح هذه الاستراتيجية؛ فقد نمت السعة الإجمالية لجميع مراكز البيانات التي قيد الإنشاء حاليًا في السعودية والإمارات بحوالي عشرة أضعاف في السنوات الخمس الماضية، وسجلت منطقة الخليج ما يقرب من 8 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البنية التحتية التكنولوجية وملياري دولار آخرين في البرمجيات في سنة 2024، بزيادة ثلاثة أضعاف عن سنة 2017. 

وتقول مجموعة بوسطن الاستشارية إن مجموعة مواهب الذكاء الاصطناعي في الإمارات والسعودية قد نمت بأكثر من الثلث وقرابة الخمس على التوالي منذ سنة 2022.

وتوضح الصحيفة أن هناك خطرًا كبيرًا يلوح في الأفق بشأن طموحات الخليج؛ وهو توتر العلاقات بين أمريكا والصين؛ فقد اعتمد الحكام بشكل كبير على شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، وأبرموا في الوقت نفسه الكثير من الصفقات مع الشركات الصينية الكبيرة، بما في ذلك شركة هواوي للتكنولوجيا وشركة الاتصالات الصينية "تشاينا تيليكوم"، وعلاوة على ذلك، تعتمد طفرة مراكز البيانات على الصين؛ حيث تأتي ثلث واردات المملكة والإمارات من الخوادم والرقائق وأجهزة التخزين من الصين.

اظهار أخبار متعلقة



ومن الواضح أن صانعي السياسة الأمريكية حذرون من هذه العلاقة، ففي السنة الماضية اضطرت شركة سيريبراس سيستمز، وهي شركة لصناعة رقائق الذكاء الاصطناعي تعتبر شركة "جي24" أكبر عملائها، إلى تأجيل طرحها العام بسبب مخاوف أمريكا من علاقات الشركة الإماراتية مع الصين، ثم اقترح جو بايدن في 13 كانون الثاني/يناير تشديد الضوابط على الصادرات الأمريكية من أشباه الموصلات الرائدة، وسيشمل ذلك وضع حد أقصى لطلبات الرقائق للدول التي لا تُعتبر حليفة مثل دول الخليج.

وختمت الصحيفة بأن حكام الخليج يأملون أن تساعد علاقاتهم الوثيقة مع شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى في عزلهم عن مثل هذه المكائد في واشنطن، لكنهم يواجهون خيارًا غير مريح مع توقع أن تزداد حدة التوترات الجيوسياسية خلال الولاية الثانية لترامب؛ مما يعني أن حكام الخليج قد يضطرون في نهاية المطاف إلى اختيار أحد الجانبين إذا أرادوا تحقيق أحلامهم التكنولوجية.

التعليقات (0)