في مؤتمر استضافته صحيفة "إسرائيل اليوم" اليمينية٬ بتاريخ 5 آب/ أغسطس الماضي٬ قال وزير مالية
الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إنه يعتبر منع
المساعدات الإنسانية عن قطاع
غزة "مبررًا وأخلاقيًا"، حتى وإن أدّى ذلك إلى وفاة مليوني مدني جوعًا.
وأشار سموتريتش، إلى أن "منع المساعدات الإنسانية عن غزة قد يؤدي إلى إطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين لدى حماس". فيما أكد أنه يعارض، في المقابل، إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
حديث الوزير الإسرائيلي المتطرف٬ لا يعدّ نشازا عمّا تمارسه حكومة الاحتلال من سياسة
تجويع ممنهجة ومحسوبة ومعدة مسبقا ضد كافة الأهالي المتواجدين في قلب قطاع غزة المحاصر.
إلى ذلك، منذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع٬ كانت المخابز والمحال التجارية الأسواق أهدافا أساسية للاحتلال٬ ففي 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ٬ أكدت الحكومة الفلسطينية في غزة أن عدوان الاحتلال يتعمد استهداف المخابز في القطاع، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.
وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، عبر بيان، أنه تم توثيق قصف الطائرات الإسرائيلية لخمس مخابز على الأقل في مناطق متفرقة من غزة، بينما كان عشرات السكان يصطفون أمامها لشراء الخبز. وقد أسفر هذا الهجوم عن سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
وأشار البيان نفسه، إلى أن "استهداف الاحتلال لمحيط المخابز يؤكد أن هدفه هو إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا وزيادة صعوبة الأوضاع الإنسانية على المواطنين، حتى أصبحت رحلة الحصول على بعض أرغفة الخبز محفوفة بالمخاطر".
الأمم المتحدة.. "حملة تجويع"
وفي تقريره، اتهم مقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ "حملة تجويع" ضد الفلسطينيين أثناء حربها على قطاع غزة، التي دخلت شهرها الثاني عشر.
وأكد فخري، عبر تقريره الذي قدمه للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي٬ أن "حملة التجويع" الإسرائيلية بدأت بعد يومين من بدء الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي أدت حتى الآن إلى استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء.
وأشار إلى أن معظم "المساعدات المحدودة" التي دخلت غزة كانت موجهة إلى مناطق الجنوب والوسط، وليس الشمال، حيث طلبت دولة الاحتلال الإسرائيلي من الفلسطينيين الانتقال والنزوح نحو الجنوب.
وأضاف: "بحلول كانون الأول/ ديسمبر 2023، كان الفلسطينيون في غزة يمثلون 80 في المئة من سكان العالم، ممّن يعانون من المجاعة أو الجوع الكارثي".
أيضا، لفت فخري إلى أن" هذا الوضع غير مسبوق في تاريخ الحروب، حيث جاع شعب بهذه السرعة وعلى هذا النطاق الواسع كما هو الحال مع 2.3 مليون فلسطيني في غزة".
من جهتها، علقت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عبر بيان، على التقرير الأممي٬ بأنه يعد دليلاً إضافياً على ارتكاب الاحتلال وجيشه لـ"أبشع الجرائم" ضد المدنيين في إطار "حرب الإبادة الشاملة" على غزة، داعية المجتمع الدولي إلى "تدخل عاجل" لإغاثة الشعب الفلسطيني ومحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
رايتس ووتش.. أنقذوا الأطفال
أما منظمة "هيومن رايتس ووتش" فذكّرت في 9 نيسان/ أبريل الماضي٬ أن "الأطفال في غزة يواجهون خطر الموت بسبب مضاعفات ناتجة عن التجويع، والذي تعتبره الحكومة الإسرائيلية سلاحًا في حربها، مما يُعد جريمة حرب".
وأفاد الأطباء والعائلات في غزة بأن الأطفال، بالإضافة إلى الأمهات الحوامل والمرضعات، يعانون من سوء التغذية الحاد والجفاف، في حين أن المستشفيات تفتقر إلى التجهيزات اللازمة لعلاجهم.
وحثت المنظمة، الحكومات المعنية، على فرض عقوبات موجهة وتعليق نقل الأسلحة كوسيلة للضغط على حكومة الاحتلال لضمان حصول سكان غزة على المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية.
اظهار أخبار متعلقة
كما أفادت مجموعة تنسيق تابعة لـ"الأمم المتحدة"، والتي تضم 15 منظمة دولية ووكالة أممية، في تقريرها بتاريخ 18 آذار/ مارس 2024، أن "جميع الأدلة تشير إلى تسارع كبير في الوفيات وسوء التغذية" في غزة.
ووفقا لوزارة الصحة في غزة فإنه حتى 1 نيسان/ أبريل الماضي، استشهد 32 شخصًا، بينهم 28 طفلًا، بسبب سوء التغذية والجفاف في مستشفيات شمال غزة.
وفي 19 حزيران/ يونيو الماضي٬ قالت حركة حماس إن "المجاعة التي تعصف بقطاع غزة أدت إلى وفاة 40 طفلاً، في حين يواجه نحو 3500 طفل آخرين خطر الموت نتيجة سوء التغذية ونقص المكملات الغذائية والتطعيمات بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع".
اظهار أخبار متعلقة
كما ردّت الحركة، على خطاب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في الأمم المتحدة والتي ادّعى فيها السماح بدخول المساعدات إلى غزة٬ واعتبرت ادعاءات نتنياهو حول المساعدات٬ "استمرارًا لسياسة الكذب المفضوح"، مشيرة إلى أن جريمة التجويع التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة مثبتة وموثقة بتقارير أممية.
"الأمر 9" شريك التجويع
ولا تقتصر سياسة التجويع على حكومة اليمين المتطرف فقط٬ بل أسّست مجموعة من المتطرفين اليهود منظمة تحت اسم "الأمر 9" بهدف عرقلة وصول المساعدات إلى غزة.
وتحت شعار "لا مساعدات حتى يعود آخر المختطفين"، تسعى المنظمة إلى منع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة والاعتداء عليها. حيث تهدف هذه الحملة إلى تجويع سكان القطاع المحاصر، مما يزيد من معاناتهم في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يواجهونها.
ووفقًا لصفحتهم الرسمية، بدأ التنظيم نشاطه الأول ضد المساعدات الإنسانية في 10 كانون الثاني/ يناير الماضي. حيث نشروا منشورًا عبروا فيه عن استنكارها لاستمرار تدفق المساعدات إلى قطاع غزة عبر المعابر.
ودعوا إلى تجمع احتجاجي عند معبر كرم أبو سالم في 11 كانون الثاني/ يناير الماضي. وقاموا بعرقلة وإتلاف المئات من المساعدات التي كانت في طريقها إلى القطاع المحاصر.
منذ اندلاع عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أوقفت دولة الاحتلال الإسرائيلي إمدادات الحياة الأساسية من مياه وغذاء وأدوية ومستهلكات طبية، وذلك من خلال إغلاق المعابر وتقليل دخول المساعدات الإغاثية عمدًا، ما أدّى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للنازحين ووفاة عشرات الأطفال بسبب سوء التغذية الناتج عن المجاعة.